وضعت بداية العد العكسي للانتخابات المقبلة أغلب المجالس المنتخبة على صفيح ساخن، بفعل انطلاق حسابات ما بعد استحقاقات خريف 2026، إذ اختفت الحدود الفاصلة بين الأغلبية والمعارضة، ووضعت خرائط تحالفات سرية لن تظهر للعلن، إلا مع انطلاق موسم الترحال والبحث عن التزكيات. ويتابع المواطنون بقلق ما يدور في كواليس بعض المجالس، التي تصاعدت منها أدخنة صراعات لا يتردد البعض في وصفها بتصفية حسابات بين حلفاء فرقت بينهم المصالح الشخصية، الأمر الذي توسعت معه ظلال الشكوك والتساؤلات والمواقف المتضاربة، بشكل يهدد بشل مسارات الأعمال، اللهم إذا تدخلت سلطات الوصاية وسحبت بساط القرار من تحت أقدام المنتخبين. الخطير في الأمر أن هناك من قرر كشف أوراقه الانتخابية قبل موعدها، غير مبال بما تعانيه جماعته من اختلالات تنموية لا تتحمل التأخير وأوضاع مزرية تضعف فعالية صمامات السلم الاجتماعي. بين أعيان انطلقوا في قوافل الموسم الانتخابي المقبل، وناخبين أبعدتهم رياح العزوف السياسي، لم تجد قلة من النخب المحلية الحالمة غير التأسف على وضعية تدبير الشأن المحلي، الذي لم يعد يخضع لمقاربة تشاركية ولا لمنطق المصلحة العامة، بل أصبح حلبة لصراع النفوذ والولاءات، تستعمل فيها كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لإضعاف الخصوم، ولو على حساب مصالح المواطنين. ويصل المشهد إلى أوج سرياليتهم عندما شرع بعض المستشارين في التحرك داخل دوائر أخرى، غير تلك التي صوتت عليهم في الاستحقاقات السابقة، كما يقع حاليا في جماعة تيط مليل التابعة لتراب إقليم مديونة، وهي علامة على طبيعة الانتهازية للذين يعلمون أن من صوتوا عليهم لن يعيدوا الكرة مرة ثانية. وفي الوقت الذي ينتظر فيه السكان قرارات جريئة وخططا تنموية حقيقية، تغرق المجالس في مستنقعات صراع يخلط الأوراق ويبعث على الاستياء ويزيد من فقدان الثقة في العمل السياسي المحلي. عبث الأشهر الأخيرة من الولاية الانتخابية ستدفع ثمنه مناطق تفتقر إلى نخب حقيقية ووقعت في قبضة هواة في ممارسة السياسة لا يتقنون إلا المعارك الجانبية، دون أدنى تصور مستقبلي، همهم الوحيد صيانة مصالحهم ولو كانت على حساب الصالح العام، كما تشهد على ذلك تلاعباتهم في سجلات الرسوم المفروضة على الأراضي غير المبنية . إلى متى سيبقى المواطن ضحية للعبث؟ وأين هي المسؤولية الأخلاقية التي حملتها الصناديق للمنتخبين؟ وهل من صحوة قبل فوات الأوان؟ للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma