فجأة، ونحن جالسان على رصيف المقهى، سكت صديقي عن الحديث، وأخرج هاتفه مبديا استغرابه من رسالة نصية قصيرة توصل بها للتو من مصدر بثلاثة حروف (men)، يخبره بأن ابنه تغيب عن الدراسة في 24 من مارس الماضي، بين الرابعة بعد الزوال والخامسة، ويطالبه بتقديم أسباب التغيب لإدارة مدرسة "الحيمر" الواقعة بتراب مقاطعة عين الشق بالبيضاء. وبعد أن تمكنا من فك رمز مصدر (sms)، والذي اتضح أنه وزارة التربية الوطنية، تساءلت: هل تطورت وضعية المدرسة العمومية إلى حد أن ولي الأمر أصبح يعلم بغياب ابنه عن الحضور في الساعات القليلة الموالية؟، لكن جواب صديقي كشف عن كثير من المستجدات، التي يصعب تخيل وجودها حتى في القطاع الخاص. فقبل هذه الرسالة النصية، أخبر صديق، في إطار مجموعة تواصل بين آباء وأوليات الأمور، بأن ابنه أخضع لفحص طبي تبين بعده أن لديه نقصا في البصر، وعليه الحضور إلى مواعيد قافلة طبية لكي يستفيد من نظارات، وأن أعضاء مجموعة الـ "واتساب" تتداول في تفاصيل دروس دعم مجاني وأنشطة موازية رياضية وثقافية. سألته: هل كل هذا في مدرسة "مخزن"؟ فأجاب: لا إنها مدرسة "ريادة". بعيدا عن الإحصائيات والأرقام الرسمية، يبدو أن وصفة مدارس الريادة يمكن أن تكون الدواء الأخير لعقود من أمراض المدرسة العمومية، خاصة إذا صدقت وعود تعميمها، بالنظر إلى أن المشروع يهم فقط 540 ألف تلميذ، من أجل تحسين "تعلماتهم" الأساسية، وتقليص نسبة التلاميذ المتعثرين، وتوفير برنامج للدعم المدرسي لفائدة 70 ألفا من التلميذات والتلاميذ المتعثرين في الإعدادي. وتسعى الحكومة، ممثلة في الوزارة الوصية على قطاع التعليم، إلى الرفع من عدد المؤسسات التعليمية التي تطبق "مشروع الريادة" خلال السنوات القليلة المقبلة، من خلال استقطاب مؤسسات التعليم الثانوي كذلك، وهو ما تعهد به الوزير محمد سعد برادة، والوزير السابق، شكيب بنموسى، الذي ثمن، في وقت سابق نتائج السنة الأولى من تنفيذ هذا المخطط الذي يقترب من إكمال سنته الثانية. وتذهب الأرقام الرسمية في اتجاه تسجيل أثر إيجابي على مستوى تحسن وتقويم تعلمات التلاميذ، إذ تمت ملاحظة التأثيرات الأكثر أهمية في مادتي اللغة الفرنسية والرياضيات، وتوصلت دراسة بحثية إلى أن التلميذ المتوسط، الذي يتابع دراسته بمدرسة منخرطة في مشروع مؤسسات الريادة، يحقق أداء أفضل من 82 في المائة من عموم التلاميذ. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma