يعقد مجلس الأمن لدى الأمم المتحدة بنيويورك، يوم 14 أبريل الجاري، اجتماعا لمناقشة تطورات ملف الصحراء المغربية وبحث الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي، لإيجاد تسوية سياسية للنزاع المفتعل. في هذا الإطار ينبغي التأكيد على أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي حول الصحراء التي قدمها المغرب في 2007 تمثل مقترحا جادا وعمليا يسعى إلى تحقيق حل دائم للنزاع في الصحراء المغربية، مع ضمان حقوق السكان المحليين في إدارة شؤونهم وتطوير أقاليمهم، في ظل مؤسسات ديموقراطية. هذا المقترح يشكل الحل السياسي الأنسب والدائم لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء، كما يجد له أصداء إيجابية لدى المجتمع الدولي الذي يرى فيه الحل الأمثل، من شأنه أن يغلق الباب أمام الدعوات الانفصالية التي تطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، علما أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل سياسي جاءت لتكريس حقيقة استحالة تطبيق مبدأ تقرير المصير بالشكل الذي ترغب فيه جبهة "بوليساريو" والدول القليلة جدا التي تدعمها، وعلى رأسها دولة الجزائر، تلك المبادرة التي أيدها أعضاء مجلس الأمن الدولي عندما أكدوا على دعمهم الكامل للمسلسل السياسي، الذي يجري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة منذ 2007. فمجلس الأمن الأممي واضح في هذا الصدد، حيث أكد في جل قراراته على جدية مبادرة الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية، داعيا إلى التوصل لحل سياسي واقعي، عملي وتوافقي، يمكن أن يتبلور عن طريق النقاشات الجدية والنوايا الحسنة، في إطار الموائد المستديرة، التي لحد الآن ترفض الجزائر المشاركة فيها، معرقلة بذلك لكل حل سياسي يمكن أن ينهي النزاع. ذلك أن عرقلة العملية السياسية التوافقية لحل النزاع حول الصحراء، الذي طال أمده، أثرت بشكل كبير على مستقبل وتطلعات شعوب اتحاد المغرب الكبير، التي صارت رهينة بهذا النزاع المفتعل، في وقت تحتاج فيه الدول المغاربية إلى الوحدة والتضامن والتكامل الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى، مع تصاعد التكتلات الإقليمية، ما بين الدول سواء في آسيا أو أوربا. فالموقف الجزائري يسعى جاهدا إلى عرقلة التفاوض بكل الوسائل الممكنة، بهدف إفشاله، وهذا ما أثر بشكل سلبي على مساعي المجتمع الدولي والمبعوث الأممي، للتوصل إلى حل سياسي وتعقيد المفاوضات داخل الموائد المستديرة، التي دعا إليها مجلس الأمن في أغلب قراراته. جدير بالإشارة إلى أن المغرب، رغم هذه العراقيل، يمضي قدما في تثبيت قضيته الوطنية العادلة، في إطار الشرعية الدولية أمام الأمم المتحدة، و في الوقت نفسه يتمسك بالحفاظ على وحدته الترابية في ظل السيادة المغربية، ويكرس من يوم إلى آخر شرعية وجوده في أقاليمه الجنوبية، وتعزيز مكانة هذه الأقاليم وتنميتها في ظل مشروع تنموي جديد، تم تعزيزه بالجهوية الموسعة . نشير أيضا إلى أن الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على صحرائه تتزايد، كاعتراف الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا، وعدد مهم من الدول الإفريقية والعربية، والتي ترى في المبادرة المغربية للحكم الذاتي حول الصحراء الحل السياسي الجاد والمناسب. كما أن عددا من الدول الإفريقية والعربية والأوربية وغيرها افتتحت قنصليات لها في العيون والداخلة، ما يعتبر دعما عمليا لسيادة المغرب على صحرائه، كما من شأنه أن يحدث دينامية جديدة وإيجابية ستؤدي لا محالة إلى تغيير جوهري على مستوى التعامل مع ملف الصحراء داخل مجلس الأمن، لدى الأمم المتحدة، الذي دخل مرحلة جديدة بهذا الزخم من التأييد الدولي لصالح المملكة. خالد الشرقاوي السموني (مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية)