ابتليت جهات محددة ببعض الرؤساء، الذين لا يعرفون سوى لغة "المرفودة"، وقضاء الحاجة، و"الابتكار الذكي"، في تفويت الصفقات لمن يحسن الدفع في الممرات. ومنذ الإعلان عن إحداث مجالس الجهات، لم نسمع أو نقرأ، أن رئيس جهة من الجهات الاثنتي عشرة، على طول خريطة الوطن، أحيل على القضاء لمحاسبته أو محاكمته على ما اقترفته يداه في حق المال العام "السايب"، باستثناء عبد النبي بعيوي، رئيس الجهة الشرقية السابق، الذي اعتقل في ملف التهريب الدولي للمخدرات، وليس بسبب نهب أو سرقة المال العام. ورغم الاجتماعات التي تعقد، ويحضرها وزراء وولاة الجهات ورؤساؤها ومنتخبون "كبار"، من أجل الترافع حول كيفية الإسراع بتنزيل ورش الجهوية المتقدمة، وعدم تركه معلقا بين الأرض والسماء، أو بين المركز والجهات، فإن دار لقمان مازالت على حالها. نعم، رغم اجتماعات "الماكياج"، مازال وضع ورش الجهوية المتقدمة، لم يتململ، وما زال يشكو الضعف والهوان، ولم يثمر نتائج تذكر، لأن العقل "الباطني" المركزي في الرباط، يرفض التخلي وتفويت الاختصاصات من العاصمة إلى الجهات، ما جعل الانتظار يطول. هل نجحت الجهوية بالمغرب، في إبراز أقطاب قائمة بذاتها، قادرة على استعمال مؤهلات المنطقة وخلق الثروة، وتجاوز العقبات، وتحقيق التنمية المحلية وجلب الاستثمار لفائدة سكان الجهات؟ المؤكد، هناك تقدم وعملية بناء بطيئة، لكن الحصيلة كانت دون انتظارات السكان والدولة والفرقاء الاقتصاديين لأسباب تختلف، منها ما هو موضوعي، ومنها ما هو سياسي وذاتي، خصوصا مع بعض العقليات في المركز، التي ترفض التفريط في "مكتسباتها" لحسابات لا يعلمها إلا الله. صحيح أن الانتخابات لم تبرز عموما، على مستوى المجالس الجهوية، نخبا محلية قادرة ومتمكنة من تدبير الشأن المحلي بطريقة إستراتيجية، مبنية على رؤى بعيدة ومتوسطة المدى، ومبنية على أهداف مرقمة وقابلة للتحقيق، وتعبئة الفرقاء ومن يهمهم الأمر، والموارد الذاتية والشراكات لتوفير شروط التنمية المستدامة المنشودة، لكن هذا لا يجب أن يشكل عائقا أمام إطلاق سراح الاختصاصات لفائدة المسؤولين الجهويين، كل حسب اختصاصاته، ولا ينبغي أن يتمركز من جديد كل شيء بيد الوالي. ويأمل المهتمون بهذا الورش الكبير، ونحن نطل على انتخابات جديدة، أن يتم تدشين القطيعة مع مركزية القرار، والمرور إلى ممارسات جديدة، مبنية على التخطيط والتتبع والإنجاز وتعبئة الموارد والمشاركة، بقيادة المسؤولين الجهويين، من أجل تحقيق حلم جهات خالقة للثروة والتنمية المستدامة. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma