مرت 17 سنة على إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 أبريل من كل عام يوما عالميا للتوعية بالتوحد، فاتحة المجال أمام تطور حراك عالمي، انتقل من مجرد التوعية إلى التقدير والقبول والدمج، والاعتراف بالدور الذي يضطلع به الأشخاص ذوو التوحد في خدمة مجتمعاتهم والمجتمع الدولي على حد سواء. وكان الفضل الأكبر في ذلك لنشطاء التوحد الذين سعوا، بلا كلل، إلى إيصال أصواتهم وتجاربهم إلى صدارة نقاشات عالمية توجت بإقرار صون حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأشخاص ذوي التوحد، وضمان مشاركتهم المتكافئة في مختلف مناحي الحياة. يتم إحياء اليوم العالمي للتوعية بالتوحد لهذه السنة تحت شعار: "المضي قدما في ترسيخ التنوع العصبي في سياق تحقيق أهداف التنمية المستدامة"، لتسليط الضوء على التلاقي البناء بين قضايا التنوع العصبي والجهود العالمية لتحقيق التنمية المستدامة، وإبراز كيف يمكن للسياسات والممارسات الشاملة أن تحدث أثرا إيجابيا في حياة الأشخاص ذوي التوحد وأن تسهم في بلوغ أهداف التنمية المستدامة. وفي المغرب، يواجه الأطفال المصابون بالتوحد وأسرهم تحديات عديدة، منها قلة المراكز المتخصصة، ونقص الأطر المدربة، وارتفاع تكاليف العلاج والتأهيل، وفي ظل هذه التحديات، تلعب جمعيات المجتمع المدني دورا رئيسيا في تحسين ظروف الأطفال المصابين، من خلال التوعية والدعم والتأهيل في مواجهة واحدة من الاضطرابات النمائية العصبية التي تؤثر على تفاعل الأفراد مع محيطهم الاجتماعي وتطوير مهاراتهم اللغوية والسلوكية. ورغم غياب إحصائيات دقيقة تشير بعض الدراسات إلى أن آلاف الأسر تواجه صعوبات في الحصول على تشخيص دقيق ورعاية مناسبة لأطفالها بسبب نقص الأطباء والمختصين في هذا المجال وغياب التشخيص المبكر في العديد من المدن والقرى وارتفاع تكاليف العلاج، ما يجعل الكثير من الأسر غير قادرة على تحمل النفقات وقلة الوعي المجتمعي حول طبيعة التوحد، ما يؤدي إلى وصمة اجتماعية تعيق دمج المصابين به في المجتمع. الأكيد أن المؤسسات الرسمية تركت فراغا في مجال تقديم الرعاية والدعم، تحاول جمعيات مساندة أطفال التوحد وأسرهم ملأه بتقديم خدمات الكشف المبكر وتوفير الإرشادات اللازمة حول كيفية التعامل مع الأطفال التوحديين وطرق تحسين مهاراتهم التواصلية والسلوكية. لكن ورغم المجهودات المبذولة لا بد من تدخل الدولة لإنجاز ما لا تقدر عليه الجمعيات، خاصة ما تعلق بإنشاء مراكز العلاج السلوكي التطبيقي، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق والتخاطب، ودمج الأطفال المصابين بالتوحد في المدارس العادية، مع توفير دعم خاص لهم، وتخفيض تكاليف العلاج والتأهيل، وجعلها في متناول جميع الأسر. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma