تستعد أحزاب الأغلبية، التي تفرقت بها السبل، على بعد سنة ونصف سنة من إجراء الانتخابات، إلى عقد اجتماع جديد في العشر الأواخر من رمضان، ليس بحثا عن الأجر والثواب، ولكن لترميم بنائها التحالفي العشوائي، قبل أن يتهاوى، ويخلف ضحايا كثرا في صفوفها. كل واحد من أحزاب التحالف الثلاثي بات "يغني على ليلاه"، وكل حزب يزعم أنه سيحتل المركز الأول في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لقيادة "حكومة المونديال"، وكل حزب بدأ "يقطر الشمع" على الحزب الآخر، بل سجلت في بعض الحالات انفلاتات خطيرة. أحزاب التحالف الحكومي، بدل أن تستعرض منجزات وزرائها، وماذا قدموا للبلاد والعباد، وماذا حققوا، انخرط جزء منها، في حروب كلامية، وتوزيع الاتهامات يمينا وشمالا، بعيدا عن منطق "نغسلو وسخنا بيناتنا". وللاستدلال على ذلك، نعود إلى الهجوم الكاسح الذي شنه عبد الرحيم بوعزة، وهو عضو في المكتب السياسي للأصالة والمعاصرة، وعضو فريقه في مجلس النواب، على محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إذ فاق منسوب الانتقادات، ما سجل لدى المعفيين أنفسهم، البالغ عددهم 16 مديرا إقليميا ونقل سبعة آخرين، معتبرا أنه يثير تساؤلات مشروعة حول خلفياته وأبعاده. وفي "تدوينة" على حسابه بموقع "فيسبوك"، عبر القيادي "البامي"، بوعزة الشفشاوني، عن مخاوفه من أن يكون القرار "محاولة للترهيب والترغيب، وتجليا لمنطق الهيمنة السياسية والانتقام من الأصوات الرافضة لتجاوز القانون والمؤسسات"، مشددا على أن "حماية المكتسبات الحقوقية مسؤولية جماعية تتطلب تحركا سريعا من النيابة العامة لكشف ملابسات هذه الإجراءات وضمان احترام الحقوق والواجبات، وفق ما يقتضيه الدستور المغربي". وبرأي البرلماني نفسه، الذي "زلزل" خروجه التحالف الحكومي من جديد، عقب قرار الوزير برادة بإعفاء جملة واحدة نحو 16 مديرا إقليميا، أن دعم جهود تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة أمران ضروريان، لكنه طالب في المقابل بالكشف عن تقارير لجان التفتيش التي دفعت لاتخاذ قرارات الإعفاء الجماعي. ولم يقف بوعزة عند حدود ذلك في هجومه على وزير في التحالف الحكومي، بل قال بالصوت المرتفع، إن ملف التعليم قضية وطنية تتجاوز الحسابات السياسية والتحالفات الحكومية، ولا يمكن أن يدار بمنطق الريع أو تغول السلطة. تصوروا برلمانيا من التحالف الحكومي، يصف قرارا صادرا عن وزير في التحالف نفسه بـ "التغول"، فماذا ترك لنواب المعارضة أن يقولوه؟ بل ذهب بعيدا وطالب بتدخل النيابة العامة لاستبيان حقيقة وخلفيات هذه القرارات، حتى يطمئن قلب "البامي"، على حماية الحقوق والواجبات. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma