بدايات متذبذبة للثورة

وشهد شاهد من أهل الجزائر 1 نتطرق في هذه السلسلة من الحلقات، إلى اعترافات تاريخية ومكتوبة لكتاب وأدباء ومقاومين جزائريين، بمساهمة المغرب الكبيرة في استقلال الجزائر من الاستعمار الفرنسي، وكيف أن المغفور له الملك محمد الخامس، رفض اعتبار المغرب مستقلا عن فرنسا بعد 1956، قبل استقلال الجزائر، رغم طمس الحقائق من قبل "الكابرانات" طيلة هذه السنين. إذا كان النظام الجزائري يجتهد، اليوم، بكل جهد، في طمس الحقيقة، وإخفاء الواقع على الشعب، فإن أبرز الكتاب والمقاومين والأدباء الجزائريين، شهدوا عكس ذلك، ونقلوا ما شهدوا عليه وشاهدوه، في كتب ومقالات ومراجع. في ثلاث حلقات الأولى من هذه السلسلة، نلتقي مع يوسف مناصرية، وهو أحد الكتاب الجزائريين المشهود لهم في هذا المجال، ويعتبر الأمين العام السابق لاتحاد المؤرخين الجزائريين، وعضو المجلس العلمي للمركز الوطني للبحث، الذي يملك حقائق مهمة عن تاريخ البلاد، وتمت الاستعانة به في تأليف كتب حول الثورة الجزائرية، وسيرها وأحداثها وأسبابها. ويتحدث شهود آخرون، وكتاب ومؤرخون وفاعلون سياسيون في الحلقات المتبقية، عن حقيقة الدعم المغربي غير المشروط في تحرير الجزائر. إعداد: يوسف الساكت في كل مرة يتحدث نظام "الكابرانات" عن الثورة الجزائرية، محاولين دغدغة مشاعر الشعب باختلاق أعداد ضخمة من الشهداء الذين سقطوا برصاص الاستعمار الفرنسي وإعداماته، إذ تارة يحصر عبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري، العدد في مليون ونصف مليون شهيد، وتارة يرفعه إلى ثلاثة ملايين، وفي آخر تصريحاته قال إن الكتاب والمقاومين أحصوا أكثر من خمسة ملايين. فإذا كان تبون يعتمد على الأدباء والكتاب والمؤرخين الجزائريين في مراجعة أرقام الشهداء، فلماذا يطمس اعترافاتهم التاريخية، بدور المغرب الفعال في استقلال الجزائر، خاصة الملك المغفور له الراحل محمد الخامس، الذي فتح مخازن السلاح، والأراضي المغربية للمقاومين الجزائريين من أجل تحرير ما اعتبره الراحل الوطن الثاني للمغاربة. وحسب كتابات الجزائري يوسف مناصرية، انطلقت شرارة حرب التحرير الأولى في الأول من نونبر 1954، بعد 124 سنة من استعمار فرنسا للجزائر، الذي وقع في 1830. رغم مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي طيلة سنوات، عجز عن نيل انتصارات ولو معنوية، فكان للكفاح المسلح دور مهم في زعزعة الاستعمار الفرنسي من الأراضي الجزائرية، ومن ثقته في أن تلك الأرض كانت فرنسية، ولم يكن لها أصحاب ولا أهل عندما دخلت إليها فرنسا في 1830. حقيقة مازالت بعض القيادات الفرنسية تواجه بها الجزائر إلى اليوم، إذ مر على البلاد عدة مقاومين سقطوا ضحايا للاستعمار الفرنسي، على غرار الأمير عبد القادر الجزائري، الذي توفي في 1847، ثم أحمد باي الذي توفي بعد سنة من ذلك، ومقاومة الزعاطشة، التي امتدت من 1848 إلى 1849، ولالة فاطمة نسومر والشريف بوبغلة، التي انطلقت في 1851 إلى غاية 1857، وصولا إلى مقاومتي الشيخ المقراني والشيخ بوعمامة، من 1871 إلى 1883. لم تكن للجزائر حركة وطنية واحدة، تسعى للاستقلال، وإنما حركات مقاومة متفرقة في كل أنحاء البلاد، إذ انتبه المقاومون في بداية القرن 19، إلى أن الأمر يتطلب أكثر من مقاومة شعبية لإزاحة الفرنسيين من البلاد. وقرر مقاومون تشكيل ما أسموها الحركة الوطنية، التي انطلقت في الثلاثينات من القرن الماضي، سبقتها مجموعة "حركة نجم شمال إفريقيا"، التي تأسست في 1926، إذ كان على الشعب الجزائري انتظار 1937 لتخرج الحركة الوطنية للعلن باسم "حزب الشعب الجزائري"، ثم "حركة انتصار الحريات الديمقراطية" في 1946. وإذا كان الهدف الواضح لهذه المقاومة هو نيل الاستقلال سياسيا، فإنها أعدت خطة سرية مسلحة، للقضاء على الاستعمار وتكبيده خسائر كبيرة، وتشكلت من بعض المناضلين الذين عرفوا كيف يحملون السلاح. بعد ما اعتبرت مجازر في حق الشعب الجزائري، في بداية الأربعينات، راح ضحيتها آلاف الشهداء، تحولت هذه الحركة المسلحة السرية، إلى علنية، وباتت تستهدف المصالح الفرنسية بشكل مباشر، ورفعت شعار الاستقلال علنا. وصادف هذا التاريخ، انتصار فرنسا على ألمانيا النازية، إذ لم يأبه العالم بالمجازر التي ارتكبتها فرنسا في المستعمرات، التي ارتفعت حدتها مع سقوط نظام أدولف هتلر.

بدايات متذبذبة للثورة

الراحل محمد الخامس فتح مخازن السلاح والأراضي المغربية للمقاومين الجزائريين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رياض العمر ... لبناني بقلب مغربي

الحرية والتحديات الجديدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات