مرت عشر سنوات أو أكثر من ذلك أو أقل بقليل على انطلاق مشروع توسيع المحكمة الزجرية بالبيضاء، ولا يزال المشروع لم يكتمل بعد، إذ كانت الانطلاقة قوية لكنها ولأسباب مجهولة خفتت، ثم ما لبثت أن توقفت، لترسخ في أذهان وعيون المارة حجم وكمية التهاون والتراخي في مراقبة مشروع توسيع المحكمة التي تراقب قانونية الصفقات من فتحها إلى تنفيذها، وتعاقب من أخل بها، فالسنوات العشر الماضية لم يستغرقها حتى بناء أكبر سد ولا أكبر مطار في العالم، وحده سور الصين العظيم تجاوزها. عادت الحياة لورش توسيع المشروع في هذه الأيام، دوى ضجيج الجرافات، ولاحت حركة العمال وظهرت لجن، تفتش وتتعقب وتتفرج على هيكل المبنى، الذي تم تشييده ليظل منتصبا غير مكتمل، كأنه شاهد عيان على الخطيئة، خطيئة عدم احترام دفتر تحملات الصفقة إن كان لها دفتر تحملات، أو خطيئة ترك الحبل على الغارب إلى أن ينتهي المقاول "على خاطرو"، وغير بعيد على أطلال الورش يحاكم متهمون بتهم عدم تنفيذ بنود عقد، وخيانة الأمانة، وآخرون غير بعيد عنهم يحاكمون بتبديد المال العام، لأنهم عبثوا بمشاريع عامة ممولة من المال العام. جريرة الجميع أنهم لم يلتزموا ببناء أبنية التزموا ببنائها في أجل محدد، أو أنهم تسلموا المال العام دون أن ينجزوا ما تعهدوا بإنجازه في الزمن الموقوت، أو أنجزوه على هواهم لا على كما تنص على ذلك التصاميم. لماذا لم تصدر الجهة المسؤولة بلاغا توضح فيه سبب هذا الإبطاء، الذي يسيء إلى الدولة برمتها، ويجعلها في نظر المواطنين مترهلة مفرطة مغلوبة حد التواطؤ مع المستخفين المستهترين، وكأن تلك الجهة تصر على أن تصبح أطلال المحكمة الزجرية بقعة سوداء في ثوب هيبة القضاء؟ لماذا لم تقدم تلك الجهة من استهان بالصفقة للمحاكمة أيا كان منصبه؟ وأخيرا ماذا لو كانت تلك الجهة هي الجاني الذي وجب عقابه؟ في انتظار انقشاع ضباب المشروع الملتبس، لا يبقى غير البكاء، ليس فقط على مصيره المجهول، بل على أطلال المحكمة الزجرية، فقفا نبك... محمد الشمسي (محام وروائي)