تعاقد جديد مبني على الثقة

بدعوة من الملك محمد السادس، سيستقبل المغرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته، في زيارة وصفت بزيارة "دولة" لثلاثة أيام، في توصيف يعكس أهميتها بالنسبة إلى البلدين. وقال نوفل البعمري، المحلل السياسي، إن زيارة ماكرون تأتي بعد عودة العلاقات المغربية الفرنسية، إلى سابق عهدها، المبنية على الثقة واحترام المصالح الحيوية والشراكة الاقتصادية، وهي الركائز الأساسية التي ستتأسس عليها الشراكة الجديدة، في توجه يهدف إلى تجديد التعاقدات التاريخية، التي جمعتهما، على الدوام. وأوضح البعمري، في حديث مع "الصباح"، أن السياق الحالي لهذه الزيارة مرتبط بالنسبة إلى المغرب، مع تصويت مجلس الأمن على القرار الجديد، المتعلق بملف الصحراء، حيث ستكون مناسبة للكشف عن قوة الموقف الفرنسي، إذ ينتظر أن تترجم فرنسا موقفها الداعم لمغربية الصحراء والسيادة الكاملة للمغرب على كل ترابه بمجلس الأمن، ليس فقط على مستوى التصويت، بل على مستوى الكلمة، التي سيتم إلقاؤها لمناسبة هذا التصويت بالمجلس، خاصة أن الموقف الفرنسي الجديد والمواكب لباقي المواقف الدولية من مغربية الصحراء، كان موضوع إشادة وتذكير ملكيين في الخطاب، الذي ألقاه لمناسبة افتتاح البرلمان. لقد أكد الخطاب الملكي في افتتاح الدورة البرلمانية على أهمية الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، حين تقدم جلالته، باسمه الشخصي، وباسم الشعب المغربي، بأصدق عبارات الشكر والامتنان، لفرنسا ولفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، على الدعم الصريح لمغربية الصحراء، مؤكدا أن "هذا التطور الإيجابي، ينتصر للحق والشرعية، ويعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، سيما أنه صدر عن دولة كبرى، عضو دائم بمجلس الأمن، وفاعل مؤثر في الساحة الدولية، ناهيك عن أن باريس تعرف جيدا، حقيقة وخلفيات هذا النزاع الإقليمي". ويرى المحلل السياسي أن زيارة الدولة، التي يقوم بها الرئيس الفرنسي للرباط، تأتي أيضا في ظل سياق المشاريع الكبرى، التي أعلن عنها الملك بالمنطقة، خاصة منها المبادرة الأطلسية، التي سيضع فيها المغرب بنيته التحتية، رهن إشارة دول الساحل، خاصة منها ميناء الداخلة، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، وغيرها من المشاريع الكبرى، التي جعلت المغرب بوابة أوربا لإفريقيا. وأوضح البعمري أن فرنسا ستكون، من خلال هذه المشاريع التنموية المهيكلة لإفريقيا أحد المستفيدين الأساسيين من وضعية المغرب الجديدة داخل إفريقيا، خاصة بعد أن اجتاز البلدان مرحلة الجمود السابقة، بالحوار الهادئ والواضح، وانتهت بطيها وعودة هذه العلاقة لسابق عهدها، شراكة يتقاطع فيها ما هو اقتصادي، بما هو سياسي، وما هو تنموي. وتوقع الباحث أن تزداد الشراكة بين البلدين قوة بهذه الزيارة، التي ينتظر منها المغاربة أن تجسد فرنسا فيها موقفها الداعم لمغربية الصحراء، مع رهان كبير بافتتاح قنصلية لها بالداخلة، تعبيرا عن النفس الجديد للشراكة الإستراتيجية الجديدة، سواء اليوم أو غدا. كما تراهن باريس على دبلوماسية الأعمال والمال، من أجل إعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين، اللذين تربطهما علاقات شراكة إستراتيجية، تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بعد سنوات من الجفاء وخفوت حضور المقاولات الفرنسية في مختلف المشاريع والأوراش، حيث تسعى إلى الظفر بحصتها في المشاريع الكبرى في البنيات التحتية والسياحية، التي تعرفها مختلف جهات المملكة، وضمنها الأقاليم الجنوبية. وحرصت فرنسا، أمام الحزم الذي أبداه المغرب في علاقاته الخارجية، وربطها باحترام وحدته الوطنية، على أن تعالج الأزمة الصامتة مع المغرب، بسحب السفيرة السابقة، وتعيين سفير جديد لها، ويتعلق الأمر بكريستوف لوكورتييه، الوافد من عالم المال والأعمال، في إشارة قوية إلى مركزية التعاون الاقتصادي، في أجندة العلاقات بين البلدين، وتعبيرا من باريس عن الإرادة في إعطاء دفعة قوية للتعاون الاقتصادي، واستعادة مكانتها شريكا أول للرباط. ويرى المتتبعون أن سبب برودة العلاقات بين باريس والرباط، له ارتباط بتطورات ملف الصحراء المغربية، بعد الاعتراف الأمريكي والإسباني والألماني بمغربية الصحراء، وفتح عشرات القنصليات الأجنبية بالعيون والداخلة، في الوقت الذي التزمت باريس الصمت في مجلس الأمن، عند التصويت على القرار الأممي 2604، في موقف وصفته الرباط بموقف "المنطقة الضبابية"، في الوقت الذي تتطلب المرحلة، حسب المغرب، أن تكون باريس في مقدمة الدول، التي تعترف بمغربية الصحراء، وتفتح قنصليات لها في الصحراء، بالنظر إلى موقعها ومصالحها الإستراتيجية في المغرب. إعادة قطار التعاون إلى سكته تسعى باريس والرباط، من خلال زيارة الرئيس الفرنسي، إلى إعادة قطار التعاون الثنائي إلى سكته الصحيحة، وتشجيع الاستثمارات، في عدد من القطاعات الإستراتيجية، وتعويض الخسائر، التي لحقت فرنسا بعد انسحاب عدد من الشركات، وصعود المقاولات الإسبانية والتركية إلى الواجهة. وما يزيد أهمية تصحيح العلاقات الاقتصادية بين البلدين، الامتداد المغربي المتواصل في القارة الإفريقية، من خلال مشاريع كبرى مهيكلة، من بينها مشروع "أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب"، والذي يشكل رافعة اقتصادية قوية لبلدان غرب إفريقيا، وفرصة للشركات الفرنسية والأوربية عموما، لأخذ حصتها في تنزيل تلك المشاريع. برحو بوزياني

تعاقد جديد مبني على الثقة

البعمري: توجه يهدف إلى إحياء اتفاقات تاريخية جمعت البلدين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"فـار"

"لكليكا في سويسرا" في جولة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات