أدرك هشام عبود، قبل فراره من الجزائر في 2013، أن "الكابرانات" مجرد "عصابة" (المصطلح الذي اعتاد إطلاقه على النظام في جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي)، وأن سجن الصحافيين والأبرياء وتلفيق التهم للمعارضين، سيتطور إلى التصفية الجسدية. قبل فرار عبود ألف كتابا يحمل عنوان "مافيا الجنرالات"، فالمعارض يملك خزانا من المعلومات والعلاقات المتشعبة، جعلته خبيرا في تدبير "الكابرانات" لشؤون بلادهم، فسيرته الذاتية تشير إلى أنه ولج عالم الصحافة وهو في سن العشرين، قبل أن يلتحق بصفوف الجيش الجزائري، حيث تعرف على كبار المسؤولين العسكريين، ثم تولى منصب رئيس تحرير مجلة "الجيش"، ولم يتجاوز عمره 24 سنة، قبل أن يلتحق بديوان مدير جهاز المخابرات الجزائرية في 1987 مستشارا مكلفا بملف الشرق الأوسط، ثم نائب مدير مكلف بالتحليل والتقييم للمعلومات. يكشف كتاب عبود عن "مسيرة الجنرالات وأزلامهم من عسكريين ومدنيين، وتسلقهم سلم السلطة، إلى سيطرتهم على دواليب الحكم، إذ أحدثوا خرابا ببلد يعتبر من أغنى دول العالم، من حيث الثروات الطبيعية". أحداث طويلة جعلت رأس عبود مطلوبا لدى "شنقريحة"، وفي آخر فيديو له تحدث عن محاولات تصفيته في منفاه في باريس، ثم اختفى عن الأنظار، قبل أيام، في إسبانيا. تلخص حكاية عبود "سعار" القابضين على حكم الجزائر، التي لم يسلم منها صحافيون وسياسيون وفنانون، آخرها نشر جريدة مقربة من النظام، خبرا عن اشتباه محكمة جزائرية في تورط المغني الشاب خالد في قضية تجسس لصالح المغرب، بدعوى نقل معلومات حساسة ومصنفة "سري للغاية" في الجزائر إلى السلطات المغربية، وهي فرية أخرى تنضاف إلى ديكتاتورية العسكر وهوسهم لكل ما هو مغربي، والتي لم يسلم منها سياح وحرفيون مغاربة لفقت إليهم تهم التجسس، بطريقة حكام القرون الوسطى. من الأكيد أن هوس النظام الجزائري بالمغرب، يعتبر جزءا من سياسة صناعة العدو، وهي سياسة قديمة يستخدمها العديد من القادة السياسيين والعسكريين عبر التاريخ، وتعتمد على خلق عدو خارجي يتم تحميله المسؤولية عن المشاكل الداخلية للنظام، سواء كانت هذه المسؤولية حقيقية أو متخيلة، فالنظام الجزائري يلجأ إلى تضخيم التوتر مع المغرب، مما يساهم في تحويل الأنظار عن الأزمات الداخلية، إضافة إلى تبرير الفشل السياسي والاقتصادي للنظام الجزائري، حيث يتم تعليق المحن والشدائد والكوارث على "العدو" الخارجي. خالد العطاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma