لن تقتصر البصمات التي ستتركها فترة تولي محمد مهيدية مهمة قيادة سفينة البيضاء والنواحي، على المجال الترابي، بل ينتظر أن تؤثر أيضا في مسار تطور النظام الإداري المطبق على أهم جهات المغرب، خصوصا أسلوب تدبير أكبر مدنه، بالنظر إلى طريقته في العمل التي تعتمد فلسفة جديدة لم يسبق أن كانت ضمن وصفات الإنقاذ، المجربة منذ سنين خلت. ولا تخلو الخطابات الشفوية والكتابية الموجهة من الوالي إلى المسؤولين، المنتخبين منهم قبل المعينين، والمحسوبين على المصالح الخارجية للوزارات قبل رجال الإدارة الترابية، من إشارات تؤكد أن هناك صيغة للحكامة المحلية ومفهوما جديدا للسلطة الرئاسية الممنوحة لصاحب منصب الوالي على جميع مفاصل الدولة فوق مجال اختصاصاته الترابية. ولم يتأخر رجال حول الوالي في التقاط الرسائل غير المشفرة للوالي المعروف بصراحته الفجة أحيانا، كما كان الحال عندما قال في اجتماع مع بعض عمال مقاطعات البيضاء، إن وتيرة عملكم لا تواكب متطلبات السرعة المفروضة على المدينة، بسبب مواعيد محددة لا تتحمل التأجيل. وفي مجلس آخر، كشفت كلمات الوالي لمن حوله بأن فترة ولايته ستكون خارطة طريق لإعادة النظر في النظم المطبقة على المدن الكبرى، وأن المستجدات تفرض إعادة النظر في التشريعات المؤسسة لنظام وحدة المدينة، فقد نقل عنه أنه يفضل العمل مع القياد ورؤساء الدوائر والكتاب العامين، في إشارة إلى أن تعدد مراكز سلطة القرار قد يضر بالتنسيق المطلوب، لكي يتحرك قطار البيضاء على سكة الانسجام. الأكيد أن الخطة الجديدة في تدبير المدينة لن تقتصر على التوجيهات وانتقلت إلى مرحلة التنزيل على أرض الواقع، وهو ما جسده تعيين عادل إيهوران كاتبا عاما لولاية جهة البيضاء سطات، قادما إليها من منصب مماثل بعمالة تطوان، بعدما سجل نجاحات غيرت وجه الإقليم من مدينة غارقة في متاهة التهريب المعيشي إلى مدينة تحتضن عشرات الوحدات الصناعية، ومن تجمع لبؤر العشوائي إلى لوحة عمرانية اختارها جلالة الملك كي تكون نموذجا يحتذى. لقد أصابت الداخلية عندما اختارت كاتبا عاما، سبق له أن عمل مع الوالي ليشغل منصب كاتب عام الولاية، واضعة في الاعتبار أن المحطة الجديدة في مساره ستضعه أمام امتحان تدبير شؤون ولاية كبيرة ومترامية الأطراف، تعرف تنوعا وتعددا مجاليا وتحتاج مهارة وخبرة ومفهوما مبتكرا، يستنبط روح القوانين التنظيمية للجهوية الموسعة، يساوي بين المركز والمحيط. ياسين قطيب للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma