خطـر علـى التضامـن الحكومـي

نبه رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقيييم السياسات العمومية، إلى تعزير المقاربة السياسية لأنها هي الحل ووجهة النظر المغيبة في سيناريوهات البحث عن مخرج لأزمة التحالفات، سواء على الصعيد البرلماني أو في الجماعات. واعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية أن انقلابات منتصف الولاية في الجماعات يمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية على استقرار الحكومة وتولد خلافات تهدد التضامن الحكومي. ولعل ذلك هو ما يفسر تأجيل التعديل الحكومي إلى ما بعد دورات أكتوبر المقبل.في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب لماذا كل هذا الكم الهائل من الانقلابات على الرؤساء، ألا تعتقدون بأن أغلب التحالفات مفروضة من خارج المجالس ؟ > لا أعتقد أن هذا الحكم ينطبق على كل الحالات، بالنظر إلى أن القانون يمنح هذه الفرصة، وطبيعي أن نشهد مع منتصف العهدة الانتخابية في الجماعات الترابية وهي ثلاث سنوات للمجالس الترابية، كثرة الجدل حول إقالة الرؤساء، إذ خول القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، في المادة 70 منه، لثلثي أعضاء المجلس تقديم ملتمس لرئيس الجماعة لمطالبته بالاستقالة. وكانت غاية المشرع من وراء التنصيص على هذه الإمكانية تقييم تسيير رؤساء المجالس الترابية، غير أن الاتجاه الذي يثار في أغلب الخلافات، هو سعي المستشارين إلى الضغط على الرؤساء للحصول على منافع شخصية، الأمر الذي بات يشكل تهديداً حقيقيا لاستقرار المجالس الجماعية، وتفاقم الصراعات الداخلية، مما يجعل الأغلبيات في المجالس الترابية مهددة بالانفجار من الداخل. إذ أن هذه المادة 70 تنص على أنه «بعد انقضاء أجل ثلاث سنوات من مدة انتداب المجلس يجوز لثلثي الأعضاء المزاولين مهامهم تقديم ملتمس مطالبة الرئيس بتقديم استقالته، ولا يمكن تقديم هذا الملتمس إلا مرة واحدة خلال مدة انتداب المجلس. يدرج هذا الملتمس وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس». لكن غالبا ما يرفض الرؤساء مطلب الأعضاء المنقلبين عليهم، كيف السبيل إلى الحل؟ > في حال رفض رئيس الجماعة تقديم استقالته طواعية، خولت هذه المادة نفسها للمجلس في الجلسة نفسها أن يطلب بواسطة مقرر يوافق عليه بأغلبية ثلاثة أرباع الأعضاء المزاولين مهامهم، من عامل العمالة أو الإقليم إحالة الأمر على المحكمة الإدارية المختصة لطلب عزل الرئيس. وإن التجربة الحالية للأغلبيات في الجماعات الترابية، هي في معظمها الأغلبية الحكومية نفسها، ولعل هذا ما يفسر تردد رئيس الحكومة في القيام بالتعديل الحكومي، الذي تجاوز منتصف العهدة الانتخابية لما قد يكون له من انعكاس على الأغلبيات في الجماعات الترابية، وبالتبعية على استقرار الحكومة لأنها ستولد خلافات يمكن أن تهدد التضامن الحكومي. ألا يؤثر ما يقع في الأقاليم على تحالف الأغلبية ؟ > عكس ذلك تماما، وقد يذهب التأتير السلبي إلى المعارضة البرلمانية، على اعتبار أن عدم تنسيق بين مكوناتها يؤدي إلى تعطيل فعال للدستور، وتعطيل أدوات الرقابة البرلمانية، في تناقض تام مع ما يتم به تبرير أنه نتيجة لتقديرات سياسية، بل هو بفعل تكتيكات سياسية. وغياب التنسيق بين أحزاب وفرق المعارضة يضعف موقفها الرقابي ويقلل من قدرتها على التأثير في السياسات الحكومية والتشريعات، وهذا التشتت هو ما يمنح الحكومة من خلال أغلبيتها البرلمانية فرصة أكبر لتمرير قوانين وسياسات عبر مفاوضات ثنائية يحضر فيها كل شيء وتُغيَّب المصلحة العامة، والحال أن تقوية المؤسسات تكون بمعارضة قوية. والاختلال الحاصل في الحكومة الحالية ليس في القوة العددية للأغلبية بل في انتهازية المعارضة وفق الحسابات التكتيكية الضيقة لكل حزب أو فريق برلماني، والتي تُغلِّب المصالح الحزبية قصيرة المدى على المصلحة العامة وعلى الدور الدستوري المنوط بالمعارضة في النظام الديمقراطي. كيف تفسرون الحوادث المتكررة في سير التحالف الحكومي من قبيل التراشق بالكلام في بعض القضايا الطارئة ؟ > إن غياب نقاش سياسي، نتيجة حالة الانقسام والتشرذم العميقة في المواقف بين المعارضة البرلمانية، قد يشكّل مانعا لتفعيل أدوات الرقابة البرلمانية، وبناء بديل سياسي ديمقراطي، يطرح نفسه مستقبلا لحكومة 2026. إن واقع الحال، يفيد أن ترهل النخبة السياسية الموجودة في الأغلبية، يتطلب، بديلا سياسيا سواء كان في الأغلبية أو المعارضة. لذا، فعدم تنسيق المعارضة البرلمانية يؤدي إلى تعطيل فعال للدستور، وتعطيل أدوات الرقابة البرلمانية، وهذا عكس ما يبرر به بأنه نتيجة لتقديرات سياسية، بل هو بفعل تكتيكات قاصرة لأحزاب ترفض «قيادة» المعارضة. غياب التنسيق بين أحزاب وفرق المعارضة، يفسح في المجال السياسي، أمام المزيد من التغول. فليست القوة العددية هي الأمر الذي يضعف موقفها الرقابي ويقلل من قدرتها على التأثير في السياسات الحكومية والتشريعات. عواقب الخلافات هناك اجتهادات من صنف البدع في الجانب السياسي، فقد خرجت الممارسة عن الاعتبارات التشريعية، التي أرادت، في الأصل، أن تمكن آليات التفويض رئيس المجلس من إشراك مساعديه في تحمل المسؤولية ويشكل أحد السبل القانونية، التي تمكن من احتواء أو على الأقل التخفيف من التوترات والنزاعات السياسية، فإشراك الأعضاء في تدبير شؤون الجماعة يسهل مأمورية الرئيس في تدبير الشأن المحلي ويجنبه عواقب الخلافات، التي قد يثيرها مساعدوه في حالة احتكاره للسلطة بيد رئيس المجلس، يؤدي إلى إغراقه في التفاصيل والجزئيات وزيادة مسؤولياته وأعبائه، لذا فإن التفويض يسمح بتوزيع السلطة داخل المكتب، الشيء الذي يساعده في حسن سير العمل ويرفع من مردوديته، كما يؤدي إلى تخفيف الأعباء والمسؤوليات التي يتحملها رئيس المجلس، وسعيا إلى تحقيق حسن سير المرافق الجماعية وتفادي ما يمكن أن يترتب عن الصراعات الحزبية من تداعيات قد تشل مصالح الجماعة، خاصة في حالة انشغال الرئيس. في سطور * أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية. * رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية. * خبير دستوري ومتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية. * مستشار سابق لدى وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. * حاصل على دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية بمراكش.

خطـر علـى التضامـن الحكومـي

لزرق قال إن ما يقع في الجماعات الترابية من صراعات يفسر التردد في القيام بالتعديل الحكومي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الكشف عن لائحة أفلام مهرجان طنجة

ريع الصفقات يزرع الشقاق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات