المادة 3 إعدام للجمعيات وللحق الدستوري

قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية تبدو أنها إجراء مسطري، والحال أن المسألة المسطرية هي التي توصل إلى تنفيذ القانون، وبالتالي هذا مرد التخوف من هذه المادة المثيرة للجدل، باعتبار تمريرها سيؤدي إلى إغلاق الباب ليس في وجه الجمعيات، بل حتى في وجه الأفراد الساعين للمساهمة في مكافحة الفساد. وأضاف الغلوسي في تصريح لـ"الصباح"، أن بعض المواد من مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي صادق عليه مجلس الحكومة أخيرا، تشكل ردة حقوقية ودستورية، وتعد توجها سلطويا للتطبيع مع الفساد والريع والإثراء غير المشروع، خاصة المادتين 3 و7 من مشروع القانون، التي تعرقل الولوج إلى القضاء، للتبليغ عن الفساد، رغم أن الدول التي لها إرادة سياسية لمكافحة الفساد من مصلحتها أن يكون المجتمع طرفا أساسيا في هذا الورش. مشروع يناقض مضامين الدستور وشدد المتحدث نفسه على أن "الدستور والقانون يمنحان لكل شخص طبيعي أو معنوي حق الولوج إلى القضاء دون أي قيود"، معتبرا أن بعض مضامين مشروع قانون المسطرة الجنائية تضرب عرض الحائط الدستور، الذي يعد أسمى قانون في البلاد، وتشكل رغبة أكيدة في إخراج قانون يتعارض مع مبادئ القانون ولا يعترف بالتزامات المغرب الدولية ولا بالمكتسبات التي حققتها بلادنا على المستوى الحقوقي والممارسة الجمعوية. وكشف الغلوسي وهو يتحدث بنبرة غضب، أن مشروع قانون المسطرة الجنائية هو مخطط لسد باب القضاء والولوج إلى العدالة في وجه تنظيمات المجتمع، عبر وضع المادة الثالثة من المشروع القانون الجنائي بداية، والتي تمنع أي تبليغ عن جرائم الفساد وسد كل المنافذ التي من شأنها تخليق الحياة العامة والتصدي للفساد والرشوة، كما وضعوا المادة السابعة والتي تمنع أي مطالبة مدنية لاحقا بعد تحريك الدعوى العمومية أمام القضاء بوضع شروط الحصول على إذن التقاضي من وزير العدل. واعتبر الفاعل الحقوقي أن وزير العدل حينما كان يطلق تهديداته لم يكن يتكلم من فراغ، بل كان يعبر عن صوت وتوجه اتضح أن له علاقة بزواج السلطة بالمال وله علاقة بالإثراء غير المشروع وواقع الريع والفساد، مضيفا أن هذا التوجه يشكل امتدادا لتصور لا يريد أن يحدث أي انتقال ديمقراطي في المغرب، لأن من شأن هذا التحول أن يهدد مصالح هذا التوجه. تقييد حق النيابة العامة وكشف الغلوسي أن المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، لم تكتف بحرمان الجمعيات من الولوج للقضاء لمكافحة الفساد، بل قيدت حتى حق النيابة العامة في تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية في ملفات المال العام، وهذا يشكل تدخلا سافرا في السلطة القضائية. وأوضح رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن رئيس النيابة العامة وفقا لهذه المادة لا يمكن أن يتحرك تلقائيا، بل لا بد من إحالة تقارير من الهيآت والمؤسسات الواردة في المادة 3 منها المفتشيات العامة للوزارات والمجلس الأعلى للحسابات والهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مضيفا "بمعنى أن رئيس النيابة العامة مقيد بدوره بهذه الإحالات، مع العلم أن الواقع أثبت أن هذه الهيآت بنفسها لا تحيل تقارير على القضاء، ومثال ذلك المجلس الأعلى للحسابات في المادة 111 من قانون 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية تفرض على الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات أن يحيل تقاريره ذات الصبغة الجنائية على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الذي هو نفسه رئيس النيابة العامة، وهذه الإحالة لا تحصل تلقائيا في جميع الملفات، حيث إن الأمر يخضع للانتقائية والتمييز في هذا الإطار، بل الأكثر من ذلك أن بعض التقارير التي أصدرها المجلس تقدمنا نحن في الجمعية بطلب لفتح تحقيق فيها أمام القضاء، بمعنى أن هذه التقارير جمعية المجتمع المدني هي التي حركتها وطالبت النيابة العامة بفتح أبحاث قضائية بخصوصها، مع العلم أن الأمر كان يقتضي قانونيا أن تُحال تلقائيا دون الحاجة لتدخل الجمعيات". وشدد الغلوسي على أن النخب المستفيدة من واقع الريع والفساد تسعى من خلال المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية إلى تكميم الأفواه والتضييق على الجمعيات الجادة والفاضحة لكل مظاهر الريع والفساد، وفرملة تنامي الوعي المجتمعي، بضرورة التصدي لشيوع الفساد والرشوة في الحياة العامة، مضيفا أن الذين أجهضوا تجريم الإثراء غير المشروع، هم أنفسهم اليوم من يرغبون في إعدام تطلعات المجتمع في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام. مخطط يعاكس توجهات الدولة وكشف الفاعل الحقوقي أن المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية تتناقض مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تؤكد على أهمية المجتمع المدني في هذا الباب، متسائلا "إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد فما المانع من مشاركة المجتمع المدني في هذا الورش الإصلاحي، إذ يتذرعون بأن هناك جمعيات تمارس الابتزاز والانتقائية وتصفية الحسابات وهذا غير صحيح، لأن ممارسات الابتزاز يعاقب عليها القانون، فما الذي يمنع من تحريك المساطر القانونية والقضائية ضد الذين يمارسون هذا الابتزاز باسم العمل الحقوقي؟، لأن منطق التعميم لا يستقيم، حيث إذا اشتغلنا بهذا المنطق فسنسقطه على باقي التنظيمات من بينها الأحزاب السياسية، التي تورط فيها قياديون حزبيون ومسؤولون ضمن مؤسسات دستورية في اختلاس وتبيد أموال عمومية، بمقتضى تقارير المجلس الأعلى للحسابات، فهل بهذا المعنى سنقول إننا لم نعد بحاجة للأحزاب السياسية، لأن هناك أخرى تورطت في نهب المال العام وتبديده، أو أننا لم نعد بحاجة للبرلمان لأن هناك برلمانيين متابعون بالرشوة وتبييض الأموال، والأمر أيضا ينطبق على النقابات والصحافة، التي لا يمكن تقييد حرياتها بمجرد تورط فرد من أفرادها". وانتقد رئيس جمعية حماية المال العام، استغلال البرلمان لتنظيم امتياز قانوني وقضائي ريعي، وتحصين المتورطين في الفساد من المحاسبة، عبر المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، وهو المشروع الذي يتضمن مضامين تعاكس توجهات وسياسة الدولة، الراغبة في حماية وتفعيل المشهد الديمقراطي، الذي أثمر مكتسبات حقوقية ودستورية غير مسبوقة. محمد بها

المادة 3 إعدام للجمعيات وللحق الدستوري

الغلوسي رئيس جمعية حماية المال العام قال إن مشروع القانون تجريم للتبليغ عن الفساد وتدخل في القضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تسجيل الاستنطاق خطوة نحو المحاكمة العادلة

الركراكي: مايي في اللائحة الأولية وصحراوي جاهز

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات