كلما استعصى إيجاد حل لأزمة التعليم، كلما اغتنى محسوبون على القطاع، وازدادوا ثراء، وعكس الحكومات المتعاقبة، أدت الأزمة إلى بروز فئة تعرف "من أين تؤكل الكتف"... طبعا هناك مخلصون ومتطوعون وهبوا أنفسهم لتربية الناشئة، دون طمع في "الكنوز"، وهدفهم تربية الناشئة بإحساس بالانتماء إلى الوطن، دون النظر إلى جيوب أولوياء التلاميذ. يعرف هؤلاء الأثرياء من سماهم، بعضهم أصبح متخصصا في "السوايع" إلى درجة الإدمان، يكتري أكثر من مؤسسة خاصة ليستغلها ليلا في جني مبالغ مالية ضخمة، لا تخضع لأي مراقبة أو محاسبة، فهؤلاء يعلمون أن لا أحد سيحاسبهم وأن مواطنتهم تقف عند حدود "سوايع"، بل إن أحدهم لا يكتفي بذلك بل ينظم دروسا للدعم ما بعد الباك للراغبين في ولوج معاهد العليا، ويستغل أي هفوة للحصول على المال، حتى ولو استدعى الأمر تخصيص حصص للمرضى قبيل إجراء العمليات الجراحية، أو دروس مدفوعة الأجر لحفار القبور لدفن الموتى. تجد أثرياء التعليم نهارا يجولون في مؤسساتهم التعليمية، ويستغلون "نقاباتهم" وأحزابهم السياسية وعلاقاتهم الممتدة طولا وعرضا، لردع لمن سولت له نفسه المساس بعائداتهم الشهرية التي تقدر بالملايين. هناك حاجة لتدخل الحكومة لضمان تحقيق توازن بين تحسين رواتب المعلمين وتنظيم سوق الدروس الخصوصية. سياسات واضحة وفعالة يمكن أن تساعد في الحد من الاعتماد الكبير على الدروس الإضافية وضمان جودة التعليم في المدارس العامة. رجال ونساء تعليم همهم الوحيد هو إضاعة الوقت في التنكيت والضحك والنقاش بينهم أو في أعمال يدوية يحضرونها معهم إلى الفصل الدراسي مما يؤثر سلبا على التحصيل الدراسي عند التلاميذ. والأخطر في الأمر أن أغلب المدرسين والأساتذة في المدينة يتكاسلون في العمل داخل الفصل ويتجاهلون التلاميذ والمادة الدراسية ليفرضوا على تلامذتهم اللجوء إلى الساعات الإضافية التي تحقق لهم مدخولا شهريا إضافيا يفوق بكثير ما تمنحه لهم الدولة. يجب تجريم التعاطي لدروس الساعات الإضافية لأنها نتيجة للغش داخل الفصل وعدم الالتزام بالمقررات الدراسية الرسمية والتماطل في تقديم المادة للتلميذ ودفعه دفعا للالتحاق بالساعات الإضافية، التي يظنها هي المخلص له من رسوب وفشل محقق. إن الساعات الإضافية أثرت وتؤثر على مردودية المدرسة العمومية وتخلق جوا من التمييز بين تلاميذ الفصل الواحد وتربي لدى البعض منهم الكثير من الظواهر الاجتماعية الخطيرة كالحقد والكره والإحساس بالدونية أو بالعجرفة أو بالتفوق غير المبني على المنافسة الشريفة داخل الفصل بين الجميع . فما هي وظيفة نساء ورجال التعليم إن لم تكن هي القضاء على الظواهر الاجتماعية؟ . للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma