تشدني، بين الفينة والأخرى، جرأة وحماسة عبد اللطيف وهبي، وزير العدل وأبحث من خلال ما يجود به من أفكار وتفسيرات للقانون، لم لا وهو المحامي المحنك، الذي خبر المرافعات في قضايا كبيرة مازال بعضها مرسوما في ذاكرتي. لكن الذي لا يعجبني في وزيرنا في العدل، هو تشبثه بمقولة "ولو طارت معزة". ركز وهبي هذه الأيام على قضية الفنادق ومطالبة مسيريها لزبنائهم بالبطاقة الوطنية وعقد الزواج، ما أثار زوبعة من النقاش، بل من الإشاعات، وأغضب المهنيين من أصحاب الفنادق، الذين اعتبروا تصريحات الوزير لا تتلاءم مع الواقع المعمول به، مؤكدين أن إدلاء النزلاء بوثائق التعريف أمر إجباري، ويخضع لمراقبة المصالح الأمنية المكلفة سواء تعلق الأمر بالدرك الملكي أو الأمن الوطني. ولم يتوقف وهبي حتى بعد أن خرج المهنيون بهذه التصريحات، معبرين عن غضبهم لما سببته تصريحاتهم من ارتباك، إذ في آخر ظهور له، في الأسبوع الماضي، جدد وهبي الحديث حول البطاقة الوطنية وعقد الزواج، مؤكدا، وهو رجل القانون، ألا أحد من حقه المطالبة بهما، إلا الجهات التي تملك الحق، كرجل الأمن مثلا. قد نتفق مع كلام الوزير وهبي، عندما يتعلق الأمر بأعمال الضابطة القضائية، التي لا تتوقف عند المطالبة بوثيقة تعريف أو عقد زواج، بل من حقها أيضا، وفي إطار القانون، إجراء تفتيش لجسد أو لمكان ما وفق ما يتطلبه البحث، لكن إن كان هذا الحق أصليا لهذه العينة من الموظفين العموميين، فإن هناك أشخاصا أمرهم القانون بالمطالبة بتلك الوثائق، وإلا كانوا تحت طائلة المساءلة، ومنهم طبعا مستخدمو الاستقبال في الفنادق ومكرو الشقق، سواء لمدد قصيرة أو طويلة. ويعلم وهبي، أكثر من غيره، أن هناك نصا قانونيا يجرم إيواء مبحوث عنه، وآخر يفرض تسجيل نزلاء الفنادق، ونصوصا أخرى تفرد عقوبات جنائية من قبيل إعداد محل للدعارة وحماية البغاء والخيانة الزوجية، أكثر من ذلك، فقد يجد صاحب فندق أو شقة نفسه، إذا ترك الحبل على الغارب، متابعا في جريمة الاتجار بالبشر، في حال إيواء قاصرات لاستغلال وضعيتهن الهشة في الجنس. يبدو أنه رغم كل هذه القواعد القانونية الآمرة، يصر عبد اللطيف وهبي على كلامه، بل ويجدد التذكير به، رغم أنه يعلم أن تطبيق ما يدعو له، على الأقل في بعض الجوانب، يتطلب إلغاء نصوص القانون الجنائي المعاقبة على تلك الأفعال أولا، وإلا فإننا سنجد وهبي عند اعتقال كل من نفذ مزاعمه، متنصلا مما دعا إليه، كمن يقول باللسان العامي "اطلع تاكل الكرموس انزل شكون قالها لك". المصطفى صفر للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma