البختـي: مضاربـات بـدون رقابـة

رئيس المنتدى المغربي للمستهلك أكد أن أزمة أخلاقية تطفو على المعاملات التجارية قال طارق البختي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، إن ظاهرة "الشناق" أو الوسيط، هي مشكلة أخلاقية تطفو على السطح في جميع المعاملات التجارية. وأوضح الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في حوار مع "الصباح" أن عيد الأضحى أصبح فرصة لـ"الشناقة" والمضاربين للاغتناء السريع والربح غير المشروع، على حساب المستهلكين، خاصة المواطنين ذوي الدخل المحدود. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني يشتكي المواطن من غلاء الأضاحي في الأسواق والمحلات المخصصة لبيع الاكباش. هل يمكن اعتبار الغلاء ظاهرة طبيعية بالنظر إلى معطيات الجفاف وارتفاع كلفة الأعلاف؟ > عند حلول عيد الأضحى من كل سنة، يثار التساؤل دائما حول أسعار الأضاحي، ما إذا كانت في متناول المواطنين أم أنها ستعرف ارتفاعا، مقارنة مع السنوات الماضية. وفي هذا الإطار، يمكن القول إن أسعار الأضاحي عرفت في السنوات الماضية، ارتفاعا غير مسبوق وعلى وجه التحديد السنة الماضية، وأيضا خلال هذه السنة، فالملاحظ أن أسعار الأضاحي تجاوزت سقف 5000 درهم، أي أجرة موظف سلم 10 بالوظيفة العمومية، وهذا الارتفاع في أسعار الأضاحي يرجع أساسا إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، وقلة التساقطات المطرية، التي كادت تتسبب في كارثة الجفاف، لولا الأمطار الأخيرة التي عرفتها بلادنا، والتي ساهمت في إنقاذ الموسم الفلاحي. كما أن قلة المواشي بدورها ساهمت في ارتفاع الأسعار نظرا لأن العرض أصبح لا يستجيب لكثرة الطلب، وهو الأمر الذي لم يتم الانتباه إليه، إلا مع اقتراب عيد الأضحى، ما دفع الحكومة مرة أخرى إلى استيراد الأغنام من الخارج، لتغطية حاجة السوق الداخلية وتوفير الأضاحي خلال عيد الأضحى. دخل طرف ثالث في العلاقة بين "الكساب" والمستهلك، هو "الشناق". ألا ترون أن تعدد الوسطاء ودخول أصحاب "الشكارة" على الخط، هو ما ساهم في لهيب الأسعار؟ > هناك عدة عوامل ساهمت في ارتفاع أسعار الأضاحي، فإلى جانب عامل قلة التساقطات المطرية، وارتفاع أسعار الأعلاف وقلة المواشي، فإن ظاهرة "الشناق" أو الوسيط هي مشكلة أخلاقية تطفو على السطح في جميع المعاملات التجارية. وتبرز بشكل أكبر عند حلول عيد الأضحى، إذ أن هؤلاء "الشناقة" أو الوسطاء يقومون بالمضاربة في أسعار الأضاحي، وهو عمل غير مشروع ومخالف للقانون، ذلك أن هناك فئة تنتظر مثل هذه المناسبات، وتقتني أعدادا كبيرة من الأغنام لإعادة بيعها في الأسواق. كما أن هناك فئة أخرى تعمل على شراء الأغنام في السوق، وتبيعها في السوق ذاته بثمن مرتفع أمام أنظار الجميع دون حسيب أو رقيب، بعلة حرية المنافسة والأسعار. إن هذه الظاهرة يمكن التصدي لها من خلال وضع لجان مراقبة دائمة بالأسواق، وتمنح لها الصفة الضبطية، وتكون معززة بأفراد السلطة العمومية قصد التدخل الآني والفوري لمتابعة هذه الفئة من "الشناقة" أو الوسطاء غير القانونيين. يرى البعض أن "الشناق" كان دائما موجودا، إلا أن ما ساهم في لهيب الأسعار، هو قلة العرض بسبب الجفاف، وغلاء الأعلاف. كيف تقيمون تدخل الدولة من أجل مواجهة النقص في رؤوس الماشية؟ > إن ارتفاع أسعار الأضاحي لا يمكن حصره في سبب واحد، وإنما تعددت الأسباب في هذا الإطار، فقلة التساقطات المطرية، وارتفاع كلفة الأعلاف، وتدخل المضاربين والسماسرة و"الشناقة"، واحتكار البعض للأضاحي، كلها عوامل ساهمت في الارتفاع الصاروخي في ثمن الأغنام هذه السنة، بالإضافة إلى الاستهلاك الكبير للحوم، طيلة السنة سواء في الحفلات والأعراس، من لدن مموني الحفلات أو في المطاعم والفنادق، الأمر الذي أدى إلى استنزاف الثروة الحيوانية، وعلى وجه التحديد الأغنام، وهو ما دفع بالحكومة إلى اللجوء مرة أخرى إلى استيرادها من إسبانيا ورومانيا، لسد النقص الحاصل في السوق الداخلية، وتوفير الأغنام خلال فترة عيد الأضحى، وذلك في إطار التدابير الرامية إلى تزويد السوق بالأغنام، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، حتى يتسنى ضبط الأسعار. انتقد "الكسابة" مقاربة دعم استيراد أغنام من الخارج، والتي استفاد منها "شناقة كبار". ألا ترون أن هذه العملية ساهمت في إغناء المستوردين، وتهميش "الكساب" الصغير؟ > في غياب معطيات وأرقام حقيقية، لا يمكن الجزم في هذا الأمر، وذلك لعدم وجود لائحة أو معطيات تشير إلى الأشخاص أو الشركات الفلاحية، التي قامت باستيراد الأغنام من الخارج، لأن هذه العملية، تتطلب إجراءات ومواكبة ورقابة من الحكومة على مستوى الاستيراد، وتحديد من بإمكانه استيراد الأغنام، بناء على شروط ودفتر تحملات وقدرات مالية، إذ لا يمكن فسح المجال أمام كافة مربي الأغنام أو الأشخاص الراغبين في ذلك، على اعتبار أن هناك مساطر وإجراءات يتعين اتباعها في هذا المضمار. ولا يختلف اثنان أن عملية الاستيراد، تستلزم التوفر على سيولة مالية كبيرة من لدن الأشخاص الراغبين في القيام بذلك، لذا من الطبيعي أن من توفرت لديه الإمكانيات المالية يمكن له الاستفادة من هذه العملية، غير أن شبح المضاربة دائما ما يحدق بمثل هذه العمليات، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار الأضاحي، حتى قبل وصولها إلى الأسواق، وهو الأمر الذي تعمل الحكومة جاهدة على التصدي له. المستهلك ضحية ألا ترون أن "شناقة العيد" هم المستفيدون الكبار من الوضع، في ظل غياب أي حماية للمستهلكين، خاصة من ذوي القدرة الشرائية الضعيفة، تحت مبرر السوق الحرة التي تخضع للعرض والطلب؟ > أصبح عيد الأضحى فرصة لـ"الشناقة" أو الوسطاء والمضاربين للاغتناء والربح غير المشروع، على حساب المستهلكين، خاصة المواطنين ذوي الدخل المحدود، أو الفئات المعوزة، فهؤلاء "الشناقة" أو المضاربون يستغلون الوضع ويعمدون إلى شراء أعداد كبيرة من الأغنام ويحتكرونها، ثم يبيعونها بمبالغ باهظة، تتجاوز القدرة الشرائية للمستهلك، والذي لا يجد بدا من اللجوء إلى الاقتراض أو الاستدانة من أجل اقتناء أضحية العيد. فهؤلاء "الشناقة" أو المضاربون يمارسون هذه الممارسات بكل حرية، ودون رقابة أو محاسبة، معللين أفعالهم بحرية المنافسة والأسعار، وفقا لمبدأ تحرير السوق، وهو الأمر الذي تستفيد منه هذه الفئة على حساب المستهلك، وبذلك تكون هذه الفئة هي الرابح الأكبر مع كل عيد أضحى. في سطور - دكتور في الحقوق - أستاذ جامعي بكلية الحقوق بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة - رئيس المنتدى المغربي للمستهلك

البختـي: مضاربـات بـدون رقابـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تكريم سينمائيين في مهرجان الداخلة

سماسرة في الوقت الثالث

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات