قرار للمجلس الأعلى اعتبر أن ظروف الاشتغال وضغط الملفات ليست مبررا للخطأ واصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال دورته الحالية، التي انطلقت في فبراير الماضي، دراسة الملفات التأديبية التي تخص إخلالات مهنية منسوبة إلى قضاة، من خلال دراستها بشكل دقيق ومناقشة بعض الحالات التي توجب متابعة قضاة تأديبيا، بناء على التقارير التي توصل بها الرئيس المنتدب، في شأن اختلالات مهنية منسوبة إليهم، والتي كانت محط مساءلة وتم تعيين مقررين للبحث فيها، أو التي مازالت قيد الدراسة. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن من بين القرارات التي سبق للمجلس أن أصدرها، أخيرا، وانتهت بتوجيه عقوبة الإنذار إلى القاضي المتابع أمام المجلس، تلك التي اعتبر فيها أن ظروف الاشتغال لا يمكن اعتبارها مبررا للخطأ. واعتبر المجلس في قراره أن الخطأ المهني يتوفر بمجرد إخلال القاضي بواجباته الوظيفية، فهو يشكل ركن السبب في قرار العقوبة التأديبية، لذلك يتوجب إثبات ماديته، كما يتوجب أن تكون الأفعال المادية المكونة له قابلة للتكييف على أنها أخطاء مهنية، مشيرا إلى أن الهيأة القضائية التي ينتمي إليها القاضي ونتيجة انعدام الدراسة القبلية الجيدة للملف، وبسبب الكيفية المعيبة في التداول في الملفات، والتي تعتمد فقط تقرير المستشار المقرر دون الرجوع إلى مستندات الملف، قضت نتيجة لذلك باستحقاق الطرف المستأنف عليه للجزء من العقار المدعى فيه، وهو يؤكد أن هناك إخلالا صريحا بمبدأ المشاركة المسؤولة في المداولات، الذي يعتبر تطبيقا من تطبيقات مدونة الأخلاقيات القضائية في باب الكفاءة والاجتهاد، من خلال اكتفاء المستشار المتابع في تكوين قناعته القانونية على ما أورده المستشار المقرر في تقريره دون اطلاعه على وثائق الملف ومستنداته. وأكد القرار أن ظــــــــروف الاشتغال التي تمسك بها المستشار المتابع خلال سائر مراحل البحث، لا يجب أن تكون سببا في تكريس الأخطاء المهنية والتغاضي عنها، لذلك يتعين إعطاء إشارات قوية وواضحة على حرص القاضي عند دراسة ملفاته في عدم تكرارها، من خلال اتخاذه كل ما هو مناسب لتفاديها والتقليل منها، لما يترتب عنها من ضرر كبير للمستفيدين منها. وخلال الاستماع إلى القاضي موضوع الشكاية أفاد أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية أنه كان ضمن الهيأة التي أصدرت القرار المتظلم منه، وأّن سوء النية غير وارد ولا يعدو الأمر أن يكون مجرد خطأ في تقدير الوقائع التي تم البت على أساسها، وذلك راجع بالأساس إلى ضغط الملفات، بالرغم من الحرص الشديد على دراستها بعناية لتفادي الوقوع في مثل هذه الأخطاء، مضيفا أنه يبدو أنه قد وقع خلط في الجهة المستأنفة، بالاعتقاد بأن المحكوم لفائدته تقدم بدوره باستئناف فرعي، وأن الملف قد استوفى كل الإجراءات القانونية، إلا أن خطأ تسرب إلى المنطوق بسبب عدم ضبط الوقائع، والتي على أساسها تداولت الهيأة وأصدرت القرار بالشكل الذي هو عليه. التصريحات التي أدلى بها القاضي للمفتشية العامة للشؤون القضائية، لم تكن كافية لحفظ الملف إذ تقرر تعيين مقرر فيه، وتمت إحالة القاضي موضوع التأديب على المجلس الأعلى للسلطة القضائية، من أجل الإخلال بالواجب المهني، الذي استند إلى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة "يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية"، وأن إثبات المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة بمختلف وسائل الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية للمجلس، كما أن الواجبات المهنية تتمثل في جميع الالتزامات التي يضعها القانون على عاتق القاضي، والتي يشكل كل إخلال بإحداها أساسا للمساءلة التأديبية. كريمة مصلي