حذاء يكشف جريمة قتل طفلة

غيرة جارتها دفعتها لخنق الضحية والتخلص من جثتها بمزبلة في خلاء والبحث طال أسبوعا وشمل مشتبها فيهم وجدت مصالح الأمن صعوبة في العثور على طفلة صغيرة اختفت في ظروف غامضة من أمام منزل والديها بحي شعبي، قبل أن يعثر «ميخالي» بعد يومين على جثتها مدفونة وسط أكوام أزبال بخلاء بعيدا عن المنزل. أثر الخنق ظاهر على عنق الضحية، ما يؤكد قتلها. لكن لا أحد اهتدى إلى هوية قاتلها ودافع ارتكاب الجريمة. انطلق بحث الشرطة من محيط الأسرة وامتد لذوي سوابق وأشخاص كانت لهم عداوة مع والدي الضحية. لكن دون جدوى، فقد ظل البحث يراوح مكانه دون أن يفك لغز تلك الجريمة. اختفاء طفلة كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا لما غادرت الأم منزلها في اتجاه سوق شعبي مجاور للتبضع وشراء حاجيات الأسرة من الخضر والفواكه والمواد الغذائية. تركت ابنتها ذات الثلاث سنوات، تلعب أمام الباب الخارجي. لقد تعودت على ذلك سيما بعدما قطعت علاقتها بصديقتها بسبب غيرتها المفرطة. غابت الأم ساعة تقريبا وعادت أدراجها محملة بما تبضعته. لكنها لم تجد ابنتها أمام المنزل حيث تركتها. نادت باسمها وسألت عنها كل الجيران والمارة ولا أحد دلها على مكان وجودها أو عرف ما حل بها. كثير من أبناء الحي وبناته رافقوها في رحلة بحثها عنها بمختلف الأزقة والأمكنة القريبة من الحي، لكن دون جدوى. مرت ساعات من البحث ولا جديد يذكر ولم يتبق أمام الأم غير التوجه للدائرة الأمنية للتبليغ عن اختفاء ابنتها الغامض. مرت الأيام ثقيلة عليها، فقد طال البحث دون أن تهتدي إلى حيث توجد ابنتها ثمرة زواج عن حب. بكت وتأزمت حالتها النفسية لحد أنها لم تعد تقوى على الكلام. حتى الدموع تسيل من عينيها عصية. كانت للأم صديقة تسكن غير بعيد في الحي نفسه. لم يكونا يفترقان منذ الصغر وفي دراستهما، إلى أن تزوجت وساءت علاقتهما بسبب الغيرة، لكن دفء صداقتهما سرعان ما عاد بعد اختفاء ابنتها. لازمتها ليل نهار مخففة عنها وطأة الألم، فكانت لها نعم السند في محنتها. تواسيها وتجفف دمعها وتحزن لحزنها وتبكي لبكائها. بحث مضن الجميع بحث عن الطفلة ولا أثر لها. والأمن عمق البحث وبدأه من أقرب المقربين. استمع للجيران وأفراد من العائلة والصديقة، ولا أحد كشف ولو عن خيط رفيع يمكن أن يقود لحيث توجد الطفلة المختفية، في وقت لم تكن الأبحاث العلمية بالتطور الحالي. الجميع أنكر رؤيتها أو علمه بمصيرها وكأن الأرض شقت وابتلعتها. مر يومان ولا جديد. وفي زوال ذاك اليوم كان "ميخالي" يتجول بين أكوام الأزبال بحثا عما يصلح للبيع والكسب. وهو ينبش في ركام في خلاء، فوجئ بجزء من "كسوة" حمراء ظاهر وسطه. جره فإذا به يخفي جثة طفلة. وقف مشدوها ونادى على شخص كان قريبا من الموقع، حضر واشتركا في إزالة الأزبال عنها قبل إخبار الأمن. انتشر الخبر سريعا وحضرت عناصر الأمن وضربت حزاما حول المكان مانعة فضوليين من الاقتراب لحين الانتهاء من الإجراءات والمعاينة. أنجزت العناصر نفسها محضرا بذلك استمعت فيه للشاهدين قبل نقل الجثة لمستودع الأموات في المستشفى واستدعاء والدي الطفلة المختفية، اللذين تعرفا عليها. كانت بكل ملابسها، إلا حذاؤها لم يعثر عليه. شرحت الجثة ودفنت واستمر البحث ومر أسبوعان على تلك الجريمة واستعادت الأم جزءا مما انهار من نفسيتها. كانت صديقتها خير داعم لنفسيتها، تزورها في منزلها ولا تتوانى في دعوتها لزيارتها بمنزل والديها، لتخفف عنها وطأة ألم فراق ابنتها التي لم تهتد لقاتلها الذي لم يترك أثرا يمكن أن يكشف هويته ويفضحه. حذاء الطفلة تكررت الزيارات بينهما وعاد الدفء مجددا إلى علاقة الصديقتين لم يفرقهما إلا زواج إحداهما. سكنا بشقتين متقاربتين وجلستا في الطاولة نفسها في كل مراحل الدراسة. عاشتا اليوميات نفسها في خرجاتهما وصداقتهما كانت مثالية يحتدى بها، ولم يكونا يفترقا إلا نادرا حتى خالهما الكثير من الناس شقيقتين توأما. ذات مساء رافقت أم الطفلة صديقتها إلى منزلها في غياب أفراد عائلتها الذين كانوا في سفر لحضور حفل زفاف قريبتهم بقرية ضاحية المدينة. تحاشتا الخوض في موضوع قتل الضحية. وفي غرفتها كانت تتحرك كما لو أنها تطفئ بركانا خامدا في دواخلها. تسير في اتجاه الباب وتعود إلى النافذة، قبل أن تشاهد شيئا غريبا. تحت السرير أسفل المخدة، شاهدت حذاء صغيرا. انحنت على ركبتيها وسحبته. تيقنت أنه لابنتها المقتولة. وقفت وصرخت وأمسكت بخناق الصديقة محاولة خنقها. كانت تضغط بيديها على عنقها وتسألها عن الذي جاء بحذاء ابنتها إلى هناك، وتعاتبها على قتل صغيرتها. صراخها سمع من بعيد وتجمع الجيران وقامت القيامة. قبل وقوع الأسوأ تدخل الجيران واتصلوا بالأمن وحضرت عناصره وصفدت الصديقة واقتيدت للدائرة الأمنية ومنها لولاية الأمن للبحث معها. لكنها أنكرت علاقتها بمقتل الطفلة، مبررة وجود الحذاء، باحتمال نسيانه هناك قبل مدة. حبل الكذب قصير وسرعان ما تمزق بفضل حنكة المحققين الذين أبدعوا لانتزاع اعترافات الصديقة. انهيار المتهمة جرب المحققون خلال حراسة الصديقة نظريا، حيلا مختلفة لانتزاع اعترافها. لكنها ظلت تنكر المنسوب إليها حتى بعد الاستعانة بضابطة ونساء زج بهن في المخفر نفسه معها في محاولة لاستدراجها للبوح، ومراقبة كل تحركاتها وحالتها النفسية وردود فعلها بذكر الجريمة ومحاولة الخوض فيها. لكن لا شيء نفع معها طيلة يوم كامل. واستمع في محضر للصديقة فتشبثت بالإنكار رغم دليل الحذاء. كانت تبكي وتقسم بألا علاقة لها بقتل الضحية، فيما دقق ضابط الشرطة معها حول مكان وجودها في ذاك الصباح، وساءلها وكرر الأسئلة بطرق مختلفة. ودام على ذاك الحال ساعات لعب فيها على وتر التناقضات في تصريحاتها التي واجهها بها قبل أن تنهار وتعترف. حكت الصديقة بتفصيل كيف اختطفت ابنة صديقتها وخنقتها في غرفتها، وكيفية التخلص من جثتها ودفنها في ركام الأزبال والنفايات المنزلية، مبررة جريمتها بغيرتها وحنقها من تصرفات الأم بداعي أن علاقتها بها انقلبت رأسا على عقب بعد حملها، لكن مع مرور الوقت زاد منسوب إهانتها ونفد صبرها ولم تعد تطيق استفزازها، وقررت الانتقام. منسوب الكراهية زاد منسوب الكراهية والحقد لدى الصديقة، وفكرت في الانتقام من صديقتها. ولم تفكر إلا في ابنتها لعلمها بتعلقها بها وحبها الجارف لها. ووضعت سيناريو اختطافها وخططت لذلك طويلا كي لا تترك أي هفوة يمكن أن تفضحها. ودققت في مواقيت خروج أمها للتبضع والمدة التي تقضيها خارج المنزل ورصدته وترصدت لابنتها. تيقنت من مغادرة الأم في ذلك الصباح. اتجهت إلى منزل صديقتها وشرارة الغضب في عينيها، فقد حان وقت الانتقام. كانت الطفلة ببابه تلعب منتظرة عودة أمها. حملتها في يديها إلى منزلها حيث قبلتها ولاعبتها مدة. لكن الذي في فؤادها من حقد دفين سيقتل ما تبقى من محبة ورحمة. تناولت منديلا تغطي به شعر رأسها وخنقتها. ولما تيقنت من وفاتها وضعتها في دولاب غرفتها منتظرة الصباح الباكر قبل أن تحملها وتتخلص من الجثة في المزبلة. اعتقلت المتهمة وأحيلت على الوكيل العام الذي تابعها لأجل "القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإخفاء معالم جريمة" قبل الشروع في محاكمتها أمام غرفة الجنايات التي حكمت عليها ابتدائيا ب25 سنة سجنا نافذا، عقوبة خفضت استئنافيا إلى 20 سنة سجنا نافذا ما تزال تقضيها في زنزانتها في جناح النساء بالسجن المحلي. حميد الأبيض (فاس)

حذاء يكشف جريمة قتل طفلة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بالصور.. انهيار عمارة بحي بوركون في البيضاء

ريع‭ "‬المغادرة‭" ‬في‭ ‬المبادرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات