ما وراء استدعاء غالي إلى المرادية

تلقى توبيخا من أسياده وتهديدا بتنحيته وتنصيب لحبيب محمد عبد العزيز بقلم: الفاضل الرقيبي في تسارع درامي، يوضح مدى تخبط الجزائر، وعمق أزمتها في إدارة دعاية "بوليساريو"، وصل زعيم الرابوني إلى المرادية، صبيحة الأربعاء الماضي، قادما من تندوف، حيث التقى بمجموعة من القيادات الجزائرية، على رأسها عبد المجيد تبون والسعيد شنقريحة، وكان رفقة غالي كل من محمد سالم ولد السالك ومحمد الوالي عكيك وعبد القادر طالب عمار. ومن تشكيلة وفد "بوليساريو"، يفهم أن موضوع الزيارة هو استدعاء على وجه السرعة، فأعضاء الوفد هم من يقود التحركات والحشد القبلي في المخيمات، فمحمد سالم ولد السالك، الذي أمضى ثلاثين سنة على رأس دبلوماسية "بوليساريو"، لا يزال رافضا لعزله واستبداله بمحمد سيداتي، وهو لا ينفك عن تعبئة أبناء عمومته لأجل خلق حالة من الفوضى في المخيم، كان آخرها تمرد محسوبين من أبناء عمومته في ما يسمى وزارة الشباب والرياضة، ومحمد الوالي عكيك حاول، هو الآخر، عبثا إقناع الجنرالات بتعيين ابن عمه القائد الحالي للدرك، الطالب حيدار وزيرا لداخلية الرابوني، ولما ووجه بالرفض، طلب إعفاءه من مهامه رئيسا لأركان ميليشيات "بوليساريو". أما عبد القادر طالب عمار، فقد تم استدعاؤه من قبل شنقريحة، لأنه يعلم أن له دورا محوريا في الفوضى التي تعم المخيمات، التي أحدث بها، خلال فترة إدارته للخلية الأمنية بالرابوني، طيلة خمس عشرة سنة، أذرعا استخباراتية قادرة على إشعال النار في أي لحظة بتلك المخيمات. الزيارة التي دامت ثلاث ساعات فقط، هي على خلاف الصور التي تم إخراجها مادة إعلامية دعائية موجهة خصوصا إلى داخل المخيمات، حسب مصادر متطابقة قريبة من إبراهيم غالي، وبخ فيها أسياد المرادية أزلامهم من "بوليساريو"، وحملوهم مسؤولية التشويش على المحاور الكبيرة التي تعمل عليها الجزائر لأجل التصدي للموقف المغربي، إذ أصبح صراعهم على السلطة واقتتالهم القبلي في هذه المرحلة المفصلية من الهجمة الدبلوماسية المغربية لإقناع المجتمع الدولي بنجاعة مشروع الحكم الذاتي، يستغل من قبل المغرب لتقديم "بوليساريو" على أنها مجموعات مسلحة مكونة من مهربين وقطاع الطرق، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يخاطر بتسليمهم منطقة الصحراء لإقامة دولة بها. وقد وصل الأمر بشنقريحة إلى حد الضرب على الطاولة والتشكيك في سلطة إبراهيم غالي على "قواته"، لافتا نظره إلى أن تمرد وحدات الناحية الأولى بمركزها الخلفي بالرابوني يعتبر سابقة خطيرة، خصوصا بعد أن أبلغت المخابرات العسكرية الجزائرية قصر المرادية أن عدوى التمرد ستنتقل قريبا إلى القواعد الخلفية للناحيتين الثانية والسابعة، وهو ما سيدفع الجيش الجزائري للتدخل، ما دامت كل تلك القواعد توجد في منطقة حساسة من التراب الجزائري. وفي هذا الإطار، حث شنقريحة إبراهيم غالي على ضرورة إصلاح بيته الداخلي بسرعة، وإلا فإن قائد الناحية العسكرية الجزائرية الثالثة سيبدأ التحضير لمؤتمر استثنائي ينصب بموجبه لحبيب محمد عبد العزيز أمينا عاما لـ "بوليساريو". وتجدر الإشارة إلى أن الاستدعاء الجزائري جاء بعد يوم واحد من إعلان زعيم "بوليساريو" تعيين وزير داخلية جديد، والاستغناء عن خدمات صديقته مريم السالك احمادة، التي أعلن عن إصابتها بسرطان الرحم، في إقليم الباسك الإسباني. تعيين غالي إبراهيم للبشير بيلا لم يكن اعتباطيا، بل هو مدروس وله دلالته، فهو ابن أشهر جلادي "بوليساريو" وممن ارتكبوا جرائم إبادة في حق الصحراويين بالمخيمات نهاية السبعينات، فإبراهيم بيلا من مواليد بشار الجزائرية، والتحق بجبهة "بوليساريو" في 1983، ضمن مجموعة تسمى "جاليات الشمال"، التي ضمت النانة لبات الرشيد، ومولاي أحمد محمد أحمد، وغيرهما من القيادات التي لا علاقة لها بالصحراء، وهي اليوم تقدم نفسها قيادات صحراوية، مع أنها ولدت خارج الإقليم، ولا علاقة لها بالصحراويين سوى أنها تنفذ الأجندات الجزائرية. تعيين ولد بيلا قبل يوم واحد من استدعاء غالي وتوبيخه بالمرادية له أكثر من دلالة، وعلى رأسها عزم عسكر الجزائر على تدشين مرحلة جديدة من القمع والتنكيل بالصحراويين فمعروف عن ولد بيلا أنه لا يتوانى في تنفيذ عمليات إعدام خارج القانون، فهو يدير شبكات كبيرة للاتجار بالمخدرات والمحروقات على طول منطقة الساحل والصحراء، وهو ما يعني أن مرحلة سوداء وقاسية تنتظر سكان المخيمات التي لم يكتف النظام الجزائري بمحاصرتها ومطاردتها على رمال لحمادة بل بات يعين عليها الجلادين والقتلة، الذين لم يترددوا في حرق كل المخيمات، لأجل إرضاء النظام الجزائري الذي أصبح أكثر تعطشا لدماء الصحراويين، وكأنه يسترد ما أنفقته على مشروع "بوليساريو" من خلال التنكيل بسكان المخيمات المغلوب على أمرهم.

ما وراء استدعاء غالي إلى المرادية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طبيبة تنصب باسم الموساد

سبع سنوات لسارق وكالة لصرف الأموال بالحسيمة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات