الكرة النسوية… تراجع مخيف

غياب الخلف والملاعب والأزمة المالية سبب التقهقر رغم تألق المنتخبات شكل إقصاء المنتخب الوطني النسوي من أولمبياد باريس 2024، القشة التي قصمت ظهر البعير، بعدما عرى مشاكل بنيوية تعانيها هذه اللعبة، رغم المساعدات المالية التي تقدمها الجامعة للأندية، من أجل الارتقاء بمستواها، بتوصية من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا». ورغم أن الجامعة تتكفل بصرف رواتب اللاعبات والأطر التقنية، في محاولة منها للتخفيف من أعباء مصاريف الفرق والجمعيات المهتمة بكرة القدم النسوية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتحقيق قفزة نوعية، اللهم إذا استثنينا الجيش الملكي، الذي أضحى نموذجا يقتدى به، وسبورتينغ البيضاء، في وقت تعاني فيه معظم الفرق من عدة مشاكل أثرت على نتائجها وحالت دون توهجها. سرعة الجامعة تبذل جامعة الكرة مجهودات حثيثة للنهوض بكرة القدم النسوية، من خلال تخصيص منح مالية مهمة للأندية، بغرض المساهمة في انتشار هذه اللعبة أكثر، وجعلها تضاهي الأندية الإفريقية. وانخرطت الجامعة في تفعيل برنامج الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، بزيادة المنحة المقدمة للأندية ب50 في المائة، وأصرت على الاهتمام بهذه اللعبة منذ انطلاق منافساتها في موسم 2007 و2008 بطلب من رئيس «فيفا» وقتذاك جوزيف بلاتر، والذي أجبر الاتحادات الكروية على تخصيص 15 في المائة من برنامج المساعدات المالية، من أجل رفع عدد الممارسات. ورغم الاهتمام الكبير للجامعة بالكرة النسوية، إلا أنها فشلت حتى الآن في تنزيل برامجها على أرض الواقع لعدة أسباب. أزمة التكوين تعاني معظم الأندية النسوية من غياب الخلف القادر على حمل مشعل كرة القدم خلال السنوات المقبلة، لغياب سياسة تكوين واضحة المعالم لدى أغلب الفرق والجمعيات المهتمة. وأصبح جيل كامل من اللاعبات على مشارف الاعتزال، في عدد من الأندية النسوية، ما يطرح إشكالا كبيرا حول قدرتها على تكوين لاعبات قادرات على حمل القميص الوطني في المرحلة المقبلة، أو المشاركة في المسابقات الإفريقية. وإذا كانت أندية الجيش الملكي وسبورتيغ البيضاء والفتح الرياضي تتوفر على مراكز التكوين، فإن باقي الفرق تجد صعوبة في خوض التداريب، بسبب قلة الملاعب، والنقص في التجهيزات الرياضية. ورغم أن الجامعة وفرت عددا من مراكز التكوين بالرباط والسعيدية وبني ملال وخنيفرة والمدرسة التأهيلية في الدار البيضاء، إلا أن ذلك لم يعط ثماره حتى الآن، طالما أن الأندية لا تساير سياسة الجامعة جراء الأزمة المالية. الملاعب... الحلقة الأضعف لم تستطع معظم الأندية النسوية تطبيق المشروع الاحترافي للجامعة، بسبب فقدانها البنيات التحتية الرياضية والموارد المالية والنقص في الأطر، كما أن الاستعمال الزمني للمنظومة التعليمية لم يساعد على الانتظام في التداريب. ووفقا لعدد من المهتمين، الذين تحدثت إليهم «الصباح»، فإن عملية توسيع القاعدة في العصب الجهوية تتم دون مواكبتها تأطيرا وتكوينا، ما ترتب عنه تطور على مستوى الكم، وليس النوع، كما أن غياب الملاعب يجعل الأندية لا تهتم بالفئات الصغرى، ولا تبرمج مبارياتها، خصوصا مباريات فئة أقل من 11 سنة و13. غياب الحكامة يوجد عدد كبير من الجمعيات المهتمة بكرة القدم النسوية خارج المنظومة الكروية، بسبب رفض العصب الجهوية انخراطها، بمبرر الاكتظاظ، ورفع سومة قيمة الانخراط. وإذا كانت أندية الجيش الملكي والفتح الرياضي والرجاء والوداد الرياضيين ونهضة بركان تستفيد من انتمائها إلى الفرق الأم، أو المكتب المديري، واتضح ذلك في برمجة مبارياتها في رمضان مساء، فإن الفرق الأخرى أحادية النشاط عانت الأمرين، بسبب غياب الملاعب والبنيات التحتية الضرورية، رغم مكانتها في البطولة، ويتعلق الأمر بسيدي مومن ونجوم المستقبل وواحة الرشيدية واتحاد برج كلميم وهلال تمارة وتضامن تمارة ورجاء أيت عزة. وتجد هذه الفرق صعوبة كبيرة في تدبير مصاريفها اليومية، بسبب انعدام الحكامة، وكذلك لعدم التأشير على المنح من قبل الولاة والعمال، ما ترتب عن ذلك اندماج عدد من الأندية في فرق كبرى أخرى، كما هو الحال بالنسبة إلى نسيم سيدي مومن في الوداد الرياضي، وأطلس 05 في الرجاء الرياضي، والابتداء البيضاوي في نهضة الزمامرة، والنتيجة حرمان المدن الصغرى والمتوسطة من الفرق النسوية، التي كانت تمنحها الإشعاع الرياضي. إكراهات مالية رغم منحة الجامعة المخصصة للأندية النسوية، إلا أن معظمها يعاني أزمة مالية خانقة، بسبب عجزها عن تسديد نفقات تنقلاتها، وهجرة اللاعبات بحثا عن آفاق أفضل، إضافة إلى غياب دعم السلطات المحلية والمنتخبة، التي غالبا ما تولي اهتمامها لكرة القدم للذكور، الشيء الذي جعل الأندية النسوية تعيش ظروفا صعبة أرخت بظلالها على نتائج المنتخب الوطني في الفترة الأخيرة، رغم أنه يعتمد بنسبة كبيرة على لاعبات الجيش وبعض المحترفات. وإضافة إلى هذه الإكراهات، اضطرت لاعبات وازنات للتوقف عن ممارسة كرة القدم، إما بسبب زواجهن، أو لعدم استفادتهن ماليا. العبدي: يصعب بلوغ الاحتراف مدرب صداقة تاوريرت قال إن الاندماج قضى على اللعبة في مدن مرجعية قال محمد العبدي، مدرب صداقة تاوريرت لكرة القدم النسوية، إن اللعبة تعاني مشاكل كثيرة وبنيوية، إن على المستويين التنظيمي والهيكلي، أو المالي والبنيات التحتية والرياضية. وأضاف العبدي، الإطار الوطني، إن الكرة النسوية وجدت نفسها تعاني مشاكل في ولوج عالم الاحتراف، بالشكل الصحيح، لإدراك الأهداف المسطرة، من قبل الجامعة. وتابع "كشفت المنافسات بعض التطور على مستوى الأداء، والمنافسة، لكن ذلك لم تكن له انعكاسات على مستوى المنتخبات، إذ نلاحظ الاعتماد على اللاعبات الممارسات بمختلف البطولات الأوروبية بمختلف الفئات العمرية. فالقاعدة الواسعة التي تشكل منتخبات أقل من 17 و 20 و 23 عاما، تمارس في أوربا، ما يطرح سؤال التكوين بكرة القدم النسوية على مستوى الفرق ومراكز التكوين، وكذلك على مستوى البنيات الرياضية التحتية، وبرمجة المنافسات، وأظن أن التوزيع غير المتكافئ للبنيات التحتية بين مختلف مناطق المغرب يطرح إشكالية المنافسة وعملية تطويرها". وأقر العبدي بأهمية الدور الكبير الذي تلعبه الجامعة لسد الفراغ من خلال بناء مراكز السعيدية وبني ملال والبيضاء، من أجل ضمان الخلف، القادر على التألق، عبر تكوين لاعبات من مستوى عال، فضلا أن الإدارة التقنية الوطنية لا تعتمد على الأطر المغربية التي تتوفر على الكفاءة بهذه المراكز، والقادرة على تقديم الإضافة المطلوبة لكرة القدم النسوية. وأكد العبدي أن الكرة النسوية أصبحت مهددة بالزوال من بعض المدن الرائدة مثل خنيفرة، التي تعاني فرقها أزمة مالية خانقة، بسبب عدم تأشير عامل الإقليم على المنح المخصصة، بسبب تقارير سرية خدمت أجندة جهات أخرى، على حد تعبيره، والنتيجة انقراض الآفاق الرياضي لخنيفرة وترجي تغسالين، فيما اندحر شباب أطلس خنيفرة، الفائز بلقب كأس العرش مرتين إلى بطولة العصبة، مستغربا خلفيات عدم اهتمام العمال بالكرة النسوية في المدن، التي يدبرون شؤونها. وأشار مدرب صداقة تاوريرت أن الاندماج قضى على كرة القدم النسوية في مناطق ومدن شكلت مرجعا لهذه اللعبة على المستوى الوطني، داعيا في الوقت ذاته إلى تنظيم مناظرة وطنية حول كرة القدم النسوية من أجل تقييم تجربة الاحتراف والإجابة عن مجموعة من الإشكالات المطروحة. إنجاز: عيسى الكامحي

الكرة النسوية… تراجع مخيف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأمن يمنع جمهور الرجاء والزمامرة

مؤطرون تربويون ببني ملال ضد "الحصبة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات