تهريب الأسماك… الجريمة المنظمة

مهربون استغلوا الثغرات التنظيمية لضرب المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص تعد ظاهرة تهريب الأسماك بالموانئ المغربية من الممارسات غير القانونية التي يعانيها قطاع الصيد البحري. ورغم عمليات المراقبة التي تتم بشكل يومي وعلى مدار أيام الأسبوع، تخطط جهات للتملص من التطبيق السليم للقانون، عبر تهريب الأسماك إلى السوق السوداء، في تحايل تام على القوانين المنظمة، وضرب عميق للمنافسة الشريفة. وأصبح إحباط تهريب الأطنان من الأسماك، وضبط شاحنات محملة بالأسماك المهربة، كل يوم من قبل مصالح الميناء والسدود القضائية أمرا عاديا، مما يستدعي تكاثف الجهود لحماية مصالح الجميع، والقضاء على التهريب الذي استفحل بشدة في الموانئ المغربية. عبد الجليل شاهي (أكادير) نجحت مصالح مندوبية الصيد البحري الأسبوع الماضي، وسلطات المراقبة، بتنسيق مع المكتب الوطني للصيد بموانئ العيون وطانطان وبوجدور، في إحباط محاولة تهريب أطنان من الأسماك المتنوعة، في عمليات متفرقة، على متن شاحنات، كانت في طريقها لمغادرة الموانئ في اتجاه السوق السوداء. ورغم تباعد المدن إلا أن جميع المهربين يتشابهون في محاولة طريقة التهريب، بإظهار الهوية القانونية لبعض الصناديق، فيما يحاولون تهريب الأطنان من الأسماك دون أوراق ثبوتية، وتحين الفرصة لنقلها خارج الميناء. وبعد تحرير محضر المخالفة، يتم توجيه الكميات المحجوزة لمسطرة الإتلاف، بعدما يتم التأكد بعدم صلاحيتها للاستهلاك في غياب الوثائق التي تحدد مصدرها وهويتها، والتأكد أنه تم تحصيلها بطرق ملتوية خارج سوق السمك قلق مهني ندد عدد من المهنيين بالعيون وطانطان وأكادير بالممارسات غير القانونية والمشاكل التي تتسبب فيها ظاهرة تهريب الأسماك، رغم أن المراقبة المتشددة، والحملات التمشيطية التي تنفذها مصالح مندوبية الصيد البحري بميناء أكادير والعيون، حدت بشكل كبير منها، بل واضطرت مراكب الصيد إلى التصريح بحجم حصيلة رحلاتها البحرية، خوفا من المخالفات الكبيرة. وكشف أحد المهنيين، أن المهربين يستغلون الثغرات التنظيمية، رغم أنها وضعت بالأساس لضمان حقوق المهنيين وتلافي ضياعها. يستغل متورطون هذه الثغرات لأغراض غير قانونية تضر بمبدأ المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص، إذ أن بعض المجهزين وملاك المراكب أو من ينوب عنهم يستغلون هذه الثغرات التنظيمية، أولاها تلك التي تسمح لهم بامتلاك بطاقة تاجر سمك، وثانيها تلك التي تتعلق بإمكانية بيع أسماكهم في أسواق أخرى للجملة، غير سوق ميناء العيون، إذا كان ممتلئا بالأسماك، على أن يتم بيعها في سوق آخر تابع للمكتب الوطني للصيد البحري. وقد سمح لهم بذلك لتفادي فساد الأسماك، وبالتالي فتحت لهم إمكانية شحنها وبيعها في سوق آخر بعد التصريح بالكميات المشحونة، وأداء ضريبة عليها في ميناء العيون، غير أن البعض منهم يستغل هذه الثغرات، ويعمد إلى التصريح بالأسماك الرخيصة الثمن، فقط لكي لا يؤدي ضرائب كبيرة، فيما يهرب الرفيعة منها إلى أسواق أخرى غير تابعة لمكتب الصيد البحري. كما تتعمد مراكب الصيد بالجر، صيد أنواع محددة من الأسماك في غير أوقاتها البيولوجية، وفي بعض الأماكن البحرية التي يمنع فيها الصيد، إضافة إلى استهداف صغار الأسماك باستعمال أنواع محددة من شباك الصيد على الرغم من منعه. تسقيف الأثمنة تابع المصدر المهني توضيحاته قائلا، إنه لو خيرنا المهنيين بين عرض المنتجات البحرية داخل سوق السمك للبيع الأول، أو تصريف الأسماك في السوق السوداء، لكان الخيار الثاني هو الأنسب للمهنيين، إذ أنه في مثل بعض الأصناف السمكية، تباع بأثمنة مضاعفة خارج المسلك القانوني للأسماك، في مقابل تدني قيمة بيعها داخل الفضاء التجاري وبشكل قانوني. وأكد المصدر ذاته، أن المهربين معروفون لدى جميع المهنيين، يعيثون فسادا بموانئ العيون وطانطان غير آبهين بالقوانين المنظمة للقطاع، وأن أغلب المهنيين مصطفون مع سلطات المراقبة، لكن إذا كانت وزارة الصيد البحري تسعى لمحاربة ظاهرة التهريب، فعليها أيضا محاربة الاستهتار بالقيمة المالية الحقيقية للأسماك، حفاظا على محوري التثمين والتنافسية، وتأمين دخل البحارة، بل معاقبة تجار الليل ومتابعتهم قضائيا في حالة ضبطهم متلبسين بالشراء في السوق السوداء، كما على المكتب الوطني للصيد البحري بدوره السعي إلى تسقيف أثمنة بعض الأصناف السمكية. وأوضح المصدر ذاته، أن مجهزي الصيد البحري الساحلي صنف الصيد بالجر والخيط، مراهنون على ضرورة تدخل الإدارة الوصية لتسقيف الأثمنة، حماية لحقوق "البحارة"، وحفاظا على جانب استثمارات المجهزين في القطاع، وإيجاد حلول لمعضلة تهريب الأسماك التي تقوض محور التثمين، والتنافسية وتمس بالدرجة الأولى الجانب الاقتصادي للبحار. استنزاف للثروة السمكية تضطر مراكب للصيد الساحلي بعدد من الموانئ، إلى تفريغ بعض من حمولتها وسط البحر، للتخلص من كميات كبيرة من الأسماك المصطادة، دون الحجم القانوني المسموح به، مخافة تسجيل مخالفات ضدها تطبيقا للبند الرابع من الفصل 33 المتعلق بصيد أسماك دون الحجم التجاري القانوني المحدد، وخوفا من المتابعة القانونية والدخول في متاهات إدارية. وتضطر مجموعة من المراكب، كلما اقتربت من أرصفة الموانئ واكتشفت وجود عناصر المراقبة التابعة لمندوبيات الصيد، للعودة إلى عمق البحر، للتخلص من كميات “الأنشوبا” المصطادة، رغم ما يشكله ذلك من تهديد للبيئة البحرية، واستنزاف للثروة السمكية. وأكد مصطفى أوشكني ، مندوب الصيد البحري بأكادير، خلال اجتماع نظم أخيرا، بغرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى بأكادير، أن مصالح الصيد البحري عمدت إلى سحب سجلات بعض المراكب، كما تم تسجيل مخالفات في حقها بعد تورطها في صيد أسماك بقالب يضم أزيد من 72 وحدة في الكيلوغرام، كما عرف الاجتماع حضور جميع المتدخلين في قطاع الصيد البحري من أجل مناقشة واقع المصيدة، وتدارس الحلول الممكنة، بالنظر لوجود أسماك "أنشوبة" تتميز بأحجام جيدة من حيث الرؤية، لكنها تفتقد للوزن، ما يجعلها تتجاوز العدد المسموح به عند إخضاعها لاختبار الحجم التجاري، الذي يعتمد على الوزن بمعدل 60 وحدة في الكيلوغرام ، مع هامش خطأ في حدود 5 في المائة، وهو الحجم الذي يعود إلى ثمانينات القرن الماضي، وكذا مشكل إعادة مراكب السردين لمئات الأطنان من أسماك "الأنشوبا" النافقة إلى سواحل أكادير، مخافة الوقوع في شباك المراقبة، بالنظر لعدم قانونية الحجم التجاري. واستنكر المشاركون في اللقاء السلوكات الشاذة التي تصدر عن بعض الربابنة، الذين يستهدفون صغار "الأنشوبا"، داعين الإدارة إلى عدم التساهل مع المخالفين والضرب بيد من حديد، خصوصا أن المهنيين أثاروا ضمن اللقاء، بأن هناك بعض المراكب التي اصطادت صغار "أنشوبا" تفوق 120 وحدة إلى 200 في الكيلوغرام، وهو سلوك غير مقبول، كما نددوا بإعادة مئات الأطنان من هذا السمك إلى البحر في مشهد غير أخلاقي ومقرف، ما يفرض التعاطي بكثير من الجدية مع هذه التصرفات الشاذة. كما خلص هذا اللقاء إلى اعتماد 70 وحدة في الكيلوغرام، مع تسقيف حجم المصطادات للمراكب خلال الرحلة الواحدة في 13 طنا بما يضمن التحكم في حجم المفرغات، لتحفيز التثمين وتحقيق المقاربة الاجتماعية من جهة، ويصون المصايد المحلية من جهة أخرى. وهو اتفاق يكتسي طابع العرف المهني والمؤقت، في انتظار حسم الوزارة الوصية مسألة الانتقال من نظام القالب المبني على عدد الوحدات في الكيلوغرام عند احتساب الحجم التجاري، إلى نظام القياس. وقدمت الوزارة الوصية في وقت سابق مقترحا ينص على قياس في حدود 13,5 سنتمترا لسمكة "الأنشوبا"، وهو قياس يبقى محط نقاش في الوسط المهني، الذي يطالب بتقليصه إلى 11,5 سنتمترا للسمكة. خسائر فادحة أحبطت سلطات المراقبة التابعة لمندوبية الصيد البحري وبتنسيق مع المكتب الوطني للصيد بميناء المرسى بالعيون، عملية تهريب كميات من الأسماك وصفت بـ"الضخمة" بشاحنة كبيرة، خلال الأسبوع الماضي، كانت في طريقها إلى السوق السوداء، وأصبحت ظاهرة التصريح الناقص بالأسماك المصطادة من قبل مراكب الصيد البحري ببعض الموانئ، أحد أبرز تجليات التهرب الضريبي، وأداء مكوس الدولة، وكذا أداء حقوق البحارة ومستحقاتهم المالية والاجتماعية. وبعد توقيف الشاحنة المحملة بأطنان الأسماك، اكتشفت اللجنة المينائية المكونة من مندوبية الصيد والمكتب الوطني للصيد البحري ومكتب السلامة الصحية، تهرب صاحب السمك من تأدية مستحقات الضرائب، من خلال تصريح كاذب ومغلوط للكميات الحقيقية المجلوبة، ليتم توقيف الشاحنة وعلى متنها ما يفوق 530 صندوقا بأسماك ذات جودة وقيمة مالية كبيرة، بعد محاولة استغفال سلطات المراقبة، لتهريب المنتوجات البحرية دون مرورها عبر القنوات الرسمية، ويعمد أرباب هذه المراكب إلى التصريح بجزء قليل من المصطادات المفرغة بأسواق السمك، فيما يتم تحويل جزء كبير منها إلى شاحنات مركونة بمحيط الموانئ، لنقلها إلى وجهات أخرى قصد بيعها في السوق السوداء بأثمان باهظة، وحرمان صناديق الدولة من مبالغ مهمة. ترسانة قانونية قوية أكد الحسين بكار السباعي، محام بهيأة أكادير، أن المشرع المغربي في القانون رقم 15.12 المتعلق بتنظيم الصيد البحري، تحدث عن أربعة أنواع من الصيد، الأول الصيد غير القانوني، وهو صيد الأسماك وكل الأصناف البحرية الأخرى الذي تمارسه سفن الصيد دون ترخيص أو رخصة أو أي وثيقة معادلة أو خرق للنصوص القانونية والتنظيمية لدولة علم السفن المذكورة، أو لأنظمة المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك المعترف بها من قبل المغرب، أو خرق للنصوص القانونية والتنظيمية المطبقة على المياه البحرية، حيث تمارس هذه السفن أنشطتها، والثاني هو الصيد غير المصرح به، وهو صيد الأسماك وكل الأصناف البحرية الأخرى، الذي لم يتم التصريح به لدى السلطة المختصة، أو الذي قدم في شأنه تصريح كاذب خرقا للنصوص القانونية والتنظيمية والمساطر المطبقة على الصيد المعني، أما الثالث فهو الصيد غير المنظم، وهو صيد الأسماك وكل الأصناف البحرية الأخرى الذي تمارسه سفن صيد لا ترفع أي علم أو ترفع علما بصفة غير قانونية أو الصيد الذي يمارس في منطقة بحرية تابعة لاختصاص منظمة إقليمية لإدارة مصايد الأسماك، من قبل سفن ترفع علم دولة ليست عضوا في المنظمة المذكورة، أما الرابع فهو سفينة صيد،وعرفها، أنها كل سفينة تمارس الصيد البحري وكذا كل سفينة تستعمل من أجل المساعدة في أنشطة هذه السفينة، مثل السفن- المصانع والسفن التي تساعد في "مسافنة" المنتجات البحرية وسفن النقل المجهزة لنقل منتجات الصيد البحري باستثناء حاملي الحاويات. وأوضح المحامي أن المشرع المغربي اعتبر كل سفينة صيد استعملت في ممارسة الصيد غير القانوني، قد خرقت إجراءات المحافظة والتدابير المطبقة على الأصناف المصطادة في منطقة الصيد المعنية في ست حالات، أبرزها الصيد دون ترخيص أو رخصة أو أي وثيقة معادلة، سارية الصلاحية ومسلمة للسفينة المذكورة من قبل السلطة المختصة، أخذا بعين الاعتبار الصيد الممارس ومكان الصيد المعني، و الصيد في منطقة بحرية يمنع فيها صيد الصنف أو الأصناف المعنية، أو خلال فترة منع الصيد، صيد الأصناف البحرية دون توفره على حصة أو بعد نفاد الحصة التي تستفيد منها السفينة عندما يخضع صيد الأصناف المذكورة لنظام الحصص، وكذا الصيد بشباك أو معدات صيد ممنوعة أو غير قانونية، أخذا بعين الاعتبار الصيد الممارس، بالإضافة إلى صيد الأصناف البحرية التي يمنع صيدها، أو التي لم تبلغ الحجم القانوني المطلوب، أخذا بعين الاعتبار الصنف المعني، و‏عدم تسجيل المصطادات أو عدم التصريح بها أو هما معا، طبقا للنصوص التنظيمية المطبقة في هذا المجال. وكشف المحامي أن القانون واضح في العقوبات الحبسية التي تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة وبغرامة من 5000 درهم إلى مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اصطاد الأصناف البحرية غير المبينة في رخصة الصيد أو حاول اصطيادها أو عمل على اصطيادها، أو الذي لا يحترم البيانات المنصوص عليها في رخصة الصيد، كما تطول العقوبة نفسها، كل من اصطاد الأصناف البحرية التي لا تبلغ الطول الأدنى أو الحجم القانوني أو عمل على اصطيادها أو احتفظ بها أو نقلها أو اشتراها أو باعها خرقا لأحكام القانون، أو تجاوز نسبة العتبة المسموح بها المحددة للأصناف المعنية، وأضاف أن الترسانة القانونية المنظمة للقطاع هي ترسانة قوية، ويتم تحيينها كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك. الصيد الجائر تفاعل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع خبر إحباط تهريب أطنان من الأسماك بميناء العيون، خلال الأسبوع الماضي، وأشارت تعليقات رواد الفضاء الأزرق إلى ضرورة التعامل بحزم وجدية مع المهربين، الذين يتسببون في خسائر فادحة للاقتصاد المغربي. وطالب محمد سالم بضرورة تعزيز نظام المراقبة عند نقط العبور الطرقية، بغرض قطع الطريق على تهريب الأسماك نحو المجهول، كما أن تفشي السوق السوداء أصبح يهدد جوهر المعاملات البحرية التي تستهدف مختلف المنتوجات البحرية ، بما يشجع النشاط غير المهيكل بنقطة تفريغ الأسماك، في ظل الأبواب المشرعة وغياب المراقبة اللازمة، وهي كلها مؤشرات ومعطيات تهدد الاقتصاد البحري المغربي. وكشف سعيد، أن عملية تهريب المنتوجات السمكية بمختلف تلاوينها، تتم بداية من تفشي ظاهرة الصيد غير القانوني باستعمال قوارب صيد مجهولة الهوية وتزايد العجلات الهوائية التي تستبيح المصايد، والحل هو العمل على اعتماد ميثاق مشترك يتيح العمل الجماعي للمساهمة في تخليق الممارسة المهنية والارتقاء بالنشاط المهني. وعلق إبراهيم، أن هناك مجهودات تبذل من قبل لجنة المراقبة المينائية، لكن هذه المجهودات تحدها محدودية الموارد اللوجيستيكية وقلة الموارد البشرية، التي تشرف على هذه العمليات في الموانئ المغربية، حيث لا تتجاوز 1400 موظف في قطاع الصيد البحري على مستوى كامل التراب الوطني، مما يستدعي ضرورة توفير جميع الإمكانيات لمحاربة ظاهرة تستنزف الثروة السمكية وتلحق ضررا بالاقتصاد المغربي.

تهريب الأسماك… الجريمة المنظمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مفاجآت في مكتب مجلس النواب

سيدي وعدود بأزمور... بؤرة إجرام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات