خلفيات الحملات المسعورة لرجال الدين

عبدو: استغلال الدين والنزعة الذكورية والرغبة في تحقيق مصالح انتخابية وراء الهجوم على المدونة قالت بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إن هناك من يصم أذنيه ويعمي بصره انتصارا لمصالح فئوية ضيقة على حساب المصلحة العامة، مشيرة إلى أن التيار المعادي لإصلاح مدونة الأسرة استطاع طيلة مساره السياسي التلون والتعايش مع عدد من الموبقات المرفوضة، إلا أنه ظل ملتزما بمعاداته للمرأة ولحقوقها. كيف ترين "هجوم" رجال دين على كل الداعين لإصلاح مدونة الأسرة؟ > أعتقد أنه علينا العودة قليلا للتاريخ من أجل فهم صحيح لهذا الهجوم وسياقه، لكن قبل ذلك، ينبغي أولا أن نكون موضوعيين ومنصفين في هذا الصدد، فالحديث هنا أبعد ما يكون على أن يشمل كل رجال الدين وكل التيارات الدينية، لأنه، من خلال تتبعي لمواقف بعضها، أرى أنها متقدمة جدا ليس فقط مقارنة بمواقف القوى التي تهاجم الإصلاحات في هذه الأيام، بل حتى بالنسبة لمواقف بعض القوى "المعتدلة" ، يبقى فقط أن تتمكن من ترجمتها على أرض الواقع بوضوح وصدق، وأنا لا أرغب في الحديث باسم هذه التيارات، التي توثر الصمت في الوقت الحالي، لكنني أرى أن موقفها هذا، نابع من وعيها بأن الأمر يتعلق بنقاش مغلوط وحملة انتخابية سابقة لأوانها، حملة مسعورة ومضللة تفتقد لأبسط شروط النقاش الموضوعي الجاد. إن أوضاع النساء المتأزمة حقيقة لم يعد بالإمكان نكرانها، وبصرف النظر عن تقارير المنظمات النسائية والحقوقية، فقد أجمعت عليها تقارير كل الهيآت الوطنية والدستورية، مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمندوبية السامية للتخطيط، واللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، والنيابة العامة، واللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، بل حتى عدد من تقارير بعض القطاعات الحكومية والتي كان يقودها العدالة والتنمية نفسه، لكن البعض، للأسف، يفضل أن يصم أذنيه ويعمي بصره انتصارا لمصالح فئوية ضيقة على حساب المصلحة العامة. وسبق أن عاش المغاربة حملة مماثلة في الفترة بين 1999و2001 إبان الإعلان عن الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، والتي حذر العدالة والتنمية خلالها من مخطط شيطاني يهدد هوية الأمة وثوابتها الدينية، واعتبر الموقف منها دافعا كافيا لتصنيف المغاربة إلى حماة للدين وأعداء له. وانتهت تلك الحملة بإجهاض الخطة والتي كانت تتضمن بالإضافة إلى مقترحات تعديل مدونة الأحوال الشخصية، مجموعة من المقترحات لإصلاحات اقتصادية واجتماعية للنهوض بأوضاع النساء، كما توجت بإصدار مدونة الأسرة في 2004، ومن سخرية القدر أن هذه المدونة أقرت كل النقاط الخلافية. أما اليوم، فيبدو أن الحزب الذي جرب السلطة واعتاد على امتيازاتها لم يستسغ بعد إخراجه منها بالطريقة التي شهدناها جميعا، ويحاول جاهدا العودة إليها دون أن يخجل من إعادة ترويج الأكاذيب نفسها، ولو على حساب المصالح الحيوية لفئة واسعة من المغاربة، معتمدا في ذلك على غياب ثقافة سياسية تستحضر المساءلة والمحاسبة لدى معظم المغاربة وضعف ذاكرتهم، بالإضافة إلى دعم قلة من الدعاة والذين اختاروا أن يرهنوا صورتهم الإعلامية وشعبيتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بانخراطهم في هذه الحملة، رغم أنه يبدو بجلاء أنهم غير ملمين بهذه المواضيع ولا بالمصالح المتنوعة التي هي على المحك. في نظركم لم ينزعج هؤلاء من حصول المرأة على حقوقها؟ > سبق أن أوضحت الرغبة المسعورة لدى التيار الشعبوي الانتخابوي في العودة إلى الواجهة السياسية بأي ثمن، وهو يعي جيدا واقع المجتمع المغربي والعوامل المتحكمة في ديناميته، لذلك فهو لا يتوانى من أجل بلوغ أهدافه، في استغلال كل الأوراق الممكنة، سيما ورقتي الدين والنزعة الذكورية المتجذرة في مجتمعنا والتي تعد أقوى من الدين نفسه، لذلك نرى أن هذا التيار استطاع طيلة مساره السياسي التلون والتعايش مع عدد من الموبقات المرفوضة، مثل بيع الخمور والربا واستغلال العمال والزيادة المفرطة في الأسعار والفساد الإداري والسياسي والمحسوبية...، إلا أنه ظل ملتزما بمعاداته للمرأة ولحقوقها، لأنه يعي جيدا أن أي موقف مخالف يجر عليه سخطا واستياء شعبيا لا مصلحة له فيه. حملة للضغظ بم تفسرين استغلال مواقع التواصل في الضغط بعدم إصلاح المدونة؟ > لا شك في أن مواقع التواصل الاجتماعي أضحت نافذة مهمة يطل من خلالها الفاعلون والفاعلات في مختلف الميادين من أجل التواصل، والتأثير والاستقطاب، وعندما نضع هذه الحملة في سياقها الصحيح ونوضح أهدافها الحقيقية وكل المنخرطين فيها، يسهل علينا فهم لماذا يتم اختيار مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الضغط بعدم إصلاح المدونة. أجرى الحوار: خالد العطاوي * رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة.

خلفيات الحملات المسعورة لرجال الدين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ملثمون يسطون على محل للذهب بالبيضاء

برلمان "فيسبوك"... حرب استباقية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات