حب الدفاع بصم حياته واستطاع أن يحقق إنجازات مهمة على الصعيد العربي لم يكن وصول النقيب بنعيسى المكاوي، إلى منصب الأمين العام لاتحاد المحامين العرب صدفة، بل كان نتاج عقود من الزمن في المرافعة والتفاني في خدمة المحاماة إن وطنيا أو على المستوى العربي وإيمانه بالقضايا المشتركة. الأمين العام اجتمع فيه ما تفرق في غيره من صفات، بصمت حياته وجعلته حسب العديد من زملائه متفردا عن غيره. ولد المكاوي في ثالث غشت 1942 بكبدانة، جماعة أركمان، إقليم الناظور، الأرض التي شكلت اللبنة الأولى، في طريق البحث عن الذات، وكانت البداية في السنوات الأولى التي التحق فيها بالكتاتيب القرآنية، التي نال فيها نصيبه من حفظ القرآن، ليتابع دراسته الابتدائية والإعدادية بالناظور، ثم بثانوية القاضي عياض بتطوان، ونظرا لحبه الكبير للعلم قرر مواصلة مشواره الدراسي والالتحاق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، التي تخرج منها في 1967. ولإيمانه الشديد بالحقوق والحريات، كانت الوجهة التي اختارها هي المحاماة، إذ سجل 10 أكتوبر 1967 محاميا متمرنا بهيأة وجدة، وبعدها بثلاث سنوات وبالضبط بـ 10 أكتوبر 1970، تم تسجيله بجدول المحامين الرسميين بالهيأة نفسها، التي استطاع رغم حداثة سنه أن يضع بصمته داخلها، من خلال الوجود سواء داخل ردهات المحاكم، أو التسيير الإداري للمهنة بالعضوية في الهيأة، ثم تولي مسؤولية النقابة فيها، إذ انتخب لأربع مرات نقيبا لهيأة المحامين بوجدة، إذ كانت الأولى في 1983، والتي استمرت إلى 1985، والثانية في الفترة ما بين 1989 و1991، والثالثة من 1994 إلى 1996، وآخرها في 2012. لم يكتف النقيب المكاوي بوجوده في المهنة على المستوى المحلي، بل كان وجوده على المستوى الوطني حاضرا بقوة، ضمن جمعية هيآة المحامين بالمغرب، التي تولى خلال وجوده نقيبا للمرة الثانية مسؤولية أمانة المال بها، باعتبار أن النقباء هم أعضاء بقوة القانون في مكتب الجمعية، وانتخب بعدها نائبا لرئيس الجمعية. تحمل المسؤولية في الهيآت العربية والدولية وبصفة أخص في اتحاد المحامين العرب الذي أضحى الآن أمينا عاما له والذي تأسس 1944، وكان الهدف الرئيسي من إنشائه آنذاك هو الدفاع عن استقلال الشعوب العربية التي كانت مستعمرة، فحدد الدفاع عن الحق لتحرير المواطن العربي من الاستعمار شعارا له، بالإضافة إلى الدفاع عن مهنة المحاماة، التي كان لا يمارسها إلا الأجانب في الوطن العربي. و ما يمكن التأكيد عليه هو أن الاتحاد لعب دورا مهما في توعية المواطن العربي للدفاع عن حقوقه أمام الاحتلال الأجنبي لأراضيه. إيمانه بالقضية الفلسطينية دفعه إلى اتخاذ موقف واضح من الهجوم الإسرائيلي على غرة، إذ أوضح في تصريحات له أن المحكمة الجنائية الدولية قبلت تسجيل دعوى الاتحاد ضد الاحتلال، موضحا أن الأمانة العامة وبتنسيق مع نقابة المحامين الفلسطينيين ولجنة فلسطين بالاتحاد وباقي الفاعلين في لجنة الدفاع أمام المحكمة الجنائية الدولية رصدت كافة جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والتي هي محل ملف جاهز للمرافعة أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال على ما اقترفه ويقترفه من جرائم بشعة بحق الشعب الفلسطيني لإبادته. حبه للمهنة لم ينته عند الجانب المعرفي الذي واصل مسيرته فيه إذ عين عضوا بمجلس كلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة وعضوا بمجلس كلية الآداب لمدة 6 سنوات بالجامعة نفسها، كما تم تعيينه عضو مجلس جامعة محمد الأول بوجدة لمدة 6 سنوات. كريمة مصلي