مارس مهامه بنبل وشرف وحال بالصلح دون لجوء متنازعين إلى المحاكم ولد الوكيل العام السابق بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، محمد الشيخ امحند، في 1942 بدوار " تفنسة" التابع لجماعة إزمورن بإقليم الحسيمة. وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بالمعهد الديني بالحسيمة، بعدما حفظ القرآن بمسجد دواره، قبل أن يرحل إلى فاس لاستكمال دراسته بجامعة القرويين. في بداية مساره المهني، التحق بأحد مراكز تكوين الأساتذة وتخرج منه أستاذا لمادة الاجتماعيات، وتم تعيينه أستاذا للمادة ذاتها بالخميسات. وبالموازاة مع ذلك كان يتابع دراسته بكلية الحقوق بالرباط، حيث نال الإجازة في القانون، والتحق بمعهد تكوين القضاة، وبعد تخرجه منه عين نائبا لوكيل الملك بابتدائية الحسيمة التي قضى فيها ثلاث سنوات، قبل انتقاله إلى وجدة، ومنها إلى تازة ثم سلا، ثم عاد إلى الحسيمة التي عين فيها نائبا للوكيل العام للملك، ثم وكيلا عاما للملك بالمحكمة نفسها، بعد إحداث هذا المنصب لأول مرة في الحسيمة التي كانت تابعة لاستئنافية فاس. وبعد إحالته على التقاعد التحق بسلك المحاماة بالحسيمة. تدبير عقلاني للملفات تمتع محمد الشيخ امحند بثقة ومحبة داخل الوسط القضائي، من قبل زملائه وباقي مرتفقي العدالة من محامين وخبراء ومفوضين، في جميع المحاكم التي عمل بها والتي تحمل فيها المسؤولية القضائية. وخلال مساره المهني، امتاز الشيخ امحند في تدبير الملفات، قاضيا ممارسا في النيابة العامة، لإيمانه العميق بأن الحكمة هي أحد المفاتيح الكبرى للتدبير والعقلنة، خاصة في الشق المتعلق بالنيابة العامة. عرف عن الشيخ امحند بساطته في الحياة العادية، ورصانته، كان قليل الكلام، هادئا، إذ أن الذين عرفوه أواشتغلوا معه عن قرب، خاصة بمحكمتي الحسيمة، يشيرون إلى خصال رجل، لا يتحدث كثيرا، فهو يتخذ من الصمت حكمة، ومن المسؤولية تكليفا وليس تشريفا. بعبع "البزناسة" والجناة واجه محمد الشيخ امحند جرائم الاتجار في المخدرات والسرقات الموصوفة والقتل العمد، إذ ظل يمثل سلطة المجتمع التي لا تتراخى في ملاءمة الأفعال الإجرامية مع النصوص القانونية اللازمة. وكان المسؤول القضائي يسهر على تتبع الأبحاث والاجتماع بجهاز الضابطة القضائية، باعتباره من أهم أجهزة المساعدة للعدالة الجنائية، وأبحاثها تكون محددا لمسارات الدعوى العمومية. مصلح اجتماعي وفاعل خير كان يدعو بعض المتقاضين إلى الصلح، خاصة حين يتعلق الأمر ببعض القضايا المرتبطة بالطلاق أو غيره. ويشهد العديد من المواطنين أن الشيخ محند حرص على إيجاد حلول لمتنازعين في قضايا دون الحاجة للجوئهم إلى المحكمة. وفي ما يخص الجانب الإنساني الذي يتمتع به، تحكي إحدى بناته التي كانت تدرس بفاس، بأنه حين كان يزورها بالمدينة، يقتني لها كل ما تحتاجه من مواد غذائية باختلاف أنواعها، ويوصيها بأن توزع تلك المواد على صديقاتها اللواتي يقطن معها، حتى تستفيد الفئات التي تتحدر من أسر فقيرة من ظروف جيدة مساعدة على التحصيل. جمال الفكيكي (الحسيمة)