التقييد الاحتياطي لمقال الدعوى بين النص والتطبيق

الدعوى العينية لا يمكن الحد من مفعولها على مستوى المحافظة العقارية (3/3) كل تنزيل لأي قانون لابد له من دوافع وأسباب لسنه وتطبيقه على أفراد المجتمع. ولكي ينجح القانون خلال تطبيقه فمن الضروري أن يتوفر على روح تضمن له البقاء قويا صامدا غير منتقد وذا مناعة تطيل عمره إلى أبعد حد ممكن، وأن يكون له منطق يمنحه الشرعية وأن يحظى بأسلوب سلس وصياغة سهلة الفهم والتطبيق والإقبال عليه. هذه هي القاعدة الأساسية التي منها ينطلق القانون وإليها ينتهي وعليها يستند حتى لا يجد نفسه عرضة لشتى الانتقادات ومعرضا للتعديل والتتميم أو الإلغاء وهو لا زال في بدايته. في الحقيقية قبول تقييد نسخة المقال الافتتاحي للدعوى احتياطيا، هو إجراء إداري عاد يتمثل في قبول المحافظ الطلب لمقال مؤشر عليه من قبل المحكمة الابتدائية. بمعنى أن المحافظ يقدم خدمة تلزمه قانونا، فيستجيب لمقتضيات الفصل 85 وللدعوى القضائية التي انطلقت أمام المحكمة الابتدائية. فتقييد المقال من باب تحصيل الحاصل. وبما أن المدعي فتح له ملف لدعواه، فالبداية انطلقت من المحكمة والرجوع إليها مرة ثانية من قبل المدعي لطلب التمديد أمر منطقي والمحافظ لم ينشئ حقا لفائدة المدعي بل استجاب فقط لطلب تقييد نسخة من المقال المؤشر عليه من قبل المحكمة الابتدائية بعدما تأكد من قابلية التقييد المؤقت. إنه نفذ ما طُلِبَ منه لا زيادة ولا نقصانا. الملاحظة الثانية: أي تفسير نعطي للفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري؟ اتجه الكثير من رجال القانون والباحثين والنقاد إلى تفسير الفصل 86 المعدل بالقانون 14-07، على أنه لا ينسجم مع ما يرغب فيه الأشخاص ويطمحون إليه، والذين تضيع منهم حقوقهم نتيجة تصور المشرع لأنه لم يفلح في تقديراته وتصوراته واجتهاداته. للتوضيح أكثر لما نقرأ ما جاء في الفقرة الرابعة من هذا الفصل، على أنه يشطب على هذا التقييد الاحتياطي تلقائيا، بعد انقضاء الأجل المذكور، ما لم يدل طالب التقييد الاحتياطي بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية، نجد أنفسنا محتارين وغير قادرين على اتخاذ موقف موحد أمام غموض النص أو ما يختزله من تناقض. وهناك من يرى أن النص واضح ونية المشرع ظاهرة وروح النص تتجه نحو صلاحية القضاء الاستعجالي في حماية التقييد المؤقت، إلى أن تصدر أحكام نهائية في آخر المطاف. ليس هناك ضرر إن اعتبر القضاء والاجتهاد القضائي أن المشرع ربط الشهر الممنوح للتقييد الاحتياطي بإمكانية إدخال أمر قضائي عليه يمدده ضمنيا لا صراحة. فإن كانت النتيجة واحدة وهي الأساس في ضمان الحق، فالطرق الأخرى تبقى شكلية لا تهم بقدر ما تهمنا النتيجة. وهناك من آمن بأن التقييد الاحتياطي المبني على مقال الدعوى بأثر رجعي لا يمكن حصره في الشهر، بل يبقى فعالا ومستمرا بقوة القانون استنادا إلى الفصل 85 ، الذي تشير إليه الفقرة الرابعة المذكورة أعلاه. يعني أن المقال والأمر القضائي لا يتجزءان أبدا بل مكملان بعضهما البعض وينسجمان مع الفقرة السادسة من الفصل 85. وإلا أصبحت هذه الفقرة السادسة في تناقض واضح مع الفقرة الرابعة من الفصل 86. -3 التقييد الاحتياطي حسب الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري أي تفسير نعطي للفقرة الأخيرة من الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري؟ لقد حان الوقت لكي نهتدي إلى الصواب والمنطق. جاء في الفقرة الأخيرة من هذا الفصل ما يلي: " إن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري، دون الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض وكذا بإمكانية إقامة دعاوى في ما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم ". لا يمكن أن تكون هذه الدعوى كالسحاب وتندثر بعد انقضاء الشهر، بل هي دعوى تقيد احتياطيا طبقا للفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري ويبقى هذا التقييد مثبتا إلى نهاية النزاع المتعلق بالملكية العقارية أو بحقوق عينية عقارية. هذه الدعوى تطرقت لها المادة 13 من قانون مدونة الحقوق العينية ( القانون 39 - 08 ). ولم تتم الإحالة على الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري، الشيء الذي يبين بجلاء أن الدعوى العينية لا يمكن الحد من مفعولها على مستوى المحافظة العقارية بتطبيق الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري في حقها، بل تبقى مستمرة إلى نهاية النزاع. نقرأ في هذه المادة ما يلي: " إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها تجاه الغير إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا". هذا التقييد الاحتياطي لمقال دعوى عقارية حسب المادة 13 المشار إليها أعلاه، حق من حقوق أي شخص، والمبتغى منها هو حماية الحق المتنازع بشأنه إلى أن تصدر أحكام نهائية تدعم التقييد الاحتياطي بإنصاف المدعي أو أحكام لصالح المدعى عليه مما يتيح التشطيب عليه بعد تباري الطرفين عبر درجات التقاضي. فالمدعى عليه يسعى جاهدا للحصول على أحكام قضائية لصالحه وإن كانت النتيجة لجهته يصبح له الحق في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي. وإن صدرت أحكام لفائدة المدعي صاحب التقييد الاحتياطي، فسعادته لا حد لهذا لما يجد التقييد الاحتياطي ينتظر الحل النهائي الذي بفضل القضاء سيفعل تطبيق أثره الرجعي. ونتيجة لها الأثر الرجعي تقيد الأحكام القضائية الصادرة بسنوات بعد تاريخ هذا التقييد الاحتياطي، بالتاريخ نفسه الذي منح للتقييد الاحتياطي. هذا هو الصواب وهكذا يجب أن تمر الأمور، لا أن يتم التشطيب على تقييد احتياطي بمجرد تقييده دون أمل أو طريق آخر للاحتفاظ به إلى نهاية النزاع. كل الأبواب موصدة ولا حل سوى التشطيب عليه. خاتمة أمام ما تم بيانه أعلاه، أصبح من باب الاستعجال ومن الحاجة القصوى مراجعة الفصلين 85 و 86 من ظهير التحفيظ العقاري وتعديلهما بإرجاعهما إلى صيغتهما الأصلية، وإلا سنفقد الثقة في المشرع وسنفتقد مؤسسة التقييد الاحتياطي إن بقيت الأمور دون تغيير وسنبتعد عن ضمان الأمن العقاري، الذي هو الأساس داخل نظام التحفيظ العقاري. علينا أن نهتم بحقوق المواطن ونحميها من الضياع بفضل مؤسسة التقييد الاحتياطي، التي تلعب دورا مهما خلال مرحلة صعبة جدا، لم لا يمكن تقييد هذه الحقوق بالسجلات العقارية، على الأقل حمايتها مؤقتة في انتظار نهاية مفعولها إيجابا أو سلبا. ففي انتظار إرجاع الأمور إلى عهدها المفقود، فمن المؤكد أن الوضع الحالي يخدم مصالح المدعى عليه، الذي يحارب التمديد ابتدائيا واستئنافيا ونقضا، وما أتى به القانون 14 - 07 ما هو إلا نسيان المشرع حقوق المدعي، بل حرمه من حقوقه الأساسية والدستورية، علما أن القانون يجب أن يكون متوازنا منصفا عادلا، وفي خدمة المواطن ولصالحه وبه الختام. * موثق

التقييد الاحتياطي لمقال الدعوى بين النص والتطبيق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدراجات الكهربائية... التنقل غير الآمن

التغرير بقاصر متزوجة يطيح بشرطي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات