خـط أحمـر

أشيبان قال إن المخالفين تنتظرهم عقوبات الحبس والغرامة والتعويض جاء الفصل 447 من القانون الجنائي، ضمن قانون محاربة العنف ضد النساء، ليضع حدا لانتهاكات خصوصية الغير، عبر نشر صورهم ومقاطع الفيديو وأقوالهم دون إذنهم أو بغرض الإساءة والتشهير، ليعاقب كل من قام بهذه الأفعال بعقوبات حبسية وغرامات مالية. ورأى المشرع أن هذه الأفعال في حال ثبوتها، تستحق عقوبة بالحبس، ولم يخير فيها القاضي بين النافذ والموقوف التنفيذ، بل جعل العقوبة نافذة، وتبدأ من ستة أشهر حبسا إلى خمس سنوات، حسب الحالات المفصلة في الفقرات الثلاث من الفصل نفسه، والغرامة التي رفع سقفها إلى 2 مليون سنتيم، إضافة إلى الدعوى المدنية التابعة التي قد تصل إلى الملايين حسب حجم الضرر. وسارت قوانين كثيرة قبل ذلك، على نهج حماية الأشخاص وخصوصيتهم، ضمنها القانون المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. في حوار مع المحامي بالبيضاء، الدكتور مصطفى أشيبان، نسلط الضوء أكثر على هذه الجرائم. أجرى الحوار: المصطفى صفر كيف تنظرون إلى انتشار التشهير والمس بالمعطيات الخاصة، ومحاولات التصدي لها؟ > أعتقد أن الأمر مرتبط بالضرورة في سياق التطورات والتحولات المتسارعة التي يعرفها مجتمعنا، بفضل تحكم قنوات الاتصال والتواصل، وما تتيحه نسبة المشاهدات من أرباح، وما تحمله معها هذه التحولات من تحديات وإكراهات تقتضي حماية حقوق الأفراد والجماعات من أي انتهاكات أو تجاوزات محتملة، فالثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم بمختلف أطيافه ووسائله الحديثة جعلتنا اليوم نعيش في عالم ومشهد افتراضي إيجابي وسلبي في آن واحد يتطور بموازاة وتجاذب مع الحياة الخاصة للأفراد أو الجماعات، سيما أن خصوصية الأفراد والأسر أصبحت مستهدفة من قبل محترفي التشهير والإجرام المعلوماتي أو محترفي الجرائم الماسة بالأشخاص وحتى الشركات فإنها لم تسلم من تلك الجرائم التي تستهدف معاملاتها المالية. هل القانون رادع بالنسبة إلى هذه الجرائم في ظل تنامي استغلال الفضاء الأزرق؟ > أولا، لا بد من الإشارة إلى أن المشرع نظم جرائم التشهير والمس بالحياة الخاصة في العديد من القوانين آخرها الفصل 447 الذي تضمنته مقتضيات القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي حدد الجريمة ونوع العقوبة الحبسية في ثلاث فقرات من الفصل نفسه، ورأينا أن العمل القضائي فعل هذه النصوص لزجر جرائم التشهير والمس بالحياة الخاصة، من خلال العديد من القضايا، نظير ما بات يصطلح عليه ملف «حمزة مون بيبي»، ثم ينبغي أيضا أن نشير إلى أن القانون كفل أيضا حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بل إن المشرع حصنها بأن أوردها في أسمى قانون للدولة وهو الدستور. من هنا يبدو أن القانون يمنع هذه السلوكات ويفرد لها عقوبات، وبالتالي فإن المخالفين لهذه القوانين، لا يمكنهم الإفلات من العقاب بذريعة حرية التعبير أو ما شابه ذلك، لأن القاعدة أن حريتك تبدأ عندما تنتهي حرية الآخر. هل لكم أن توضحوا أكثر ماذا يراد بمصطلح الحياة الخاصة؟ > الأمر يتعلق هنا بكل الجوانب المرتبطة بالفرد أو الجماعة، سواء تعلق الأمر بالسلامة الجسدية أو المعنوية أو الاعتبار أو الحرية، وبتعبير أوضح هي كل الجوانب ذات الطابع الشخصي ولو كانت معلوماتية خاصة، إذا كانت تتعلق بالبيانات التي تمكن من التعرف والتحديد المباشر أو غير المباشر لهوية الشخص المعني، من قبيل رقم بطاقة التعريف الوطنية والصورة ورقم الهاتف المحمول وعنوان السكن، والبريد الإلكتروني، وكذا المعطيات المرتبطة بالصحة، بما فيها المعطيات الجينية أو المرضية وأيضا المعلومات التي تكشف عن الأصل العرقي أو الانتماء السياسي أو النقابي أو الديني. كيف تصدى المشرع لهذا النوع من الجرائم؟ > المشرع المغربي أحاط المعطيات ذات الطابع الشخصي بعناية خاصة بواسطة القانون رقم 08/09، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، وجاء في تعريف هذه المعطيات بأنها: كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن الوسيلة التي استخدمت للحصول عليها، سواء كانت مكتوبة أو عبر الصوت والصورة، تتعلق بشخص ذاتي معرف أو قابل التعرف عليه. أماعلى مستوى الاتفاقيات الدولية فالحق في الحياة الخاصة يعد مبدأ أساسيا في منظومة حقوق الإنسان، التي هي منظومة كونية غير قابلة للتجزئة أو الإلغاء، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 دجنبر 1948 ينص على أنه: «لا يتعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات».وأيضا المادة 17 وما يليها من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه: «لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني لتدخل في خصوصيات». ولقد لاءم المشرع هذه المبادئ مع دستوره، إذ أن الحق في الحياة الخاصة يتمتع بحماية دستورية، فالفصل 24 ينص على «لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة…لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية كيفما كان شكلها، ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها كلا أو بعضا أو باستعمالها ضد أي كان إلا بأمر قضائي ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون». كما يتضمن قانون الصحافة والنشر نصوصا تعاقب على نشر ادعاءات أو وقائع أو صور تمس بالحياة الخاصة للغير. اللجنة الوطنية اللجنة الوطنية لمراقبة المعطيات ذات الطابع الشخصي المحدثة بموجب الظهير الشريف رقم 15.09.1 صادر في 22 من صفر 1430 (18 فبراير 2009)، والتي تمتع بصلاحيات قوية على مستوى السلطة والاختصاصات المسندة إليها، وهي الجهاز الذي يسهر على حماية المعطيات الشخصية. المعالجة التقنية المادة 29 من القانون رقم 08/09 تنص على أنه: «يجب على المسؤول عن المعالجة القيام بالإجراءات التقنية والتنظيمية الملائمة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من الإتلاف العرضي أو غير المشروع أو الضياع العرضي أو التلف أو الإذاعة أو الولوج غير المرخص…. ويجب أن تضمن هذه الإجراءات مستوى ملائما من السلامة، بالنظر إلى المخاطر التي تمثلها المعالجة وطبيعة المعطيات الواجب حمايتها، وعندما تجري المعالجة لحساب المسؤول عن المعالجة، يجب عليه اختيار معالج من الباطن يقدم الضمانات الكافية، بالنظر إلى إجراءات السلامة التقنية والتنظيمية المتعلقة بالمعالجة الواجب القيام بها. وبالتالي فالمسألة تقتضي تفحص الأمور التقنية أولا ومدى تقيدها بالضوابط المتفق عليها أو المنصوص عليها قانونا، ثم مراعاة مركز كل طرف ومدى تقيده بالالتزامات الملقاة عليه». في سطور - دكتور في الحقوق - محام بهيأة المحامين بالبيضاء - له العديد من الإسهامات في المجلات القانونية المتخصصة

خـط أحمـر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"جيب داركم" يتحدى الجدل

‭"‬موازين‭"... ‬تغييرات‭ ‬تسبق‭ ‬العودة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات