انبعـاث سـؤال الهويـة

حنين وسط "بيجيدي" إلى زمن حكماء الحزب والمؤسسين الأوائل لتجنب المصير المجهول لم تتمكن القيادة الحالية للعدالة والتنمية من حجب انبعاث سؤال الهوية، إذ تصاعد خطاب النقد الذاتي داخل الحزب ، منذ سقطته في انتخابات 8 أكتوبر 2021، ليصل في ذكرى وفاة عبد الله بها، نائب الأمين العام ووزير الدولة في حكومة عبد الإله بنكيران، حد التحذير من التوجه نحو المجهول. ونبهت أصوات من الحزب إلى أهمية تذكر واستثمار الذكرى لاستخلاص العبر والدروس، التي لها من المبررات ما يجعلها ترتفع إلى درجة "واجب الوقت"، وليس مجرد "نوستالجيا" تعيد صياغة الحنين لرجال من طينة رجالات هذا البلد، الذين تتعدى أعمارهم الزمن السياسي المحدود والقصير، وتتجاوز حياتهم كل التحديدات الزمانية والمكانية، لتخلد في العالمين مثل "سير طافحة بالمعنى وباذخة في العبر". وشددت الأصوات المذكورة على الحاجة المضاعفة والمؤكدة لاستخلاص دروس الماضي، لتجاوز مرحلة " قذف التفاهات من كل حدب وصوب لتملأ المشهد جعجعة بلا طحين، ولتصنع مجدا من ورق سرعان ما يذروه التاريخ ويقذف به في سلة المهملات أو بالأحرى في مزبلة التاريخ"، والبحث عن "المعقول"، الذي نحت له الأوائل تعريفا لا محيد عنه، حتى إن منهم من قال ذات يوم، إن مصطلح "المعقول" : " لا مرادف له في كل لغات العالم، يجسد العبقرية المغربية في تقديس قيم الوفاء والإخلاص والتضحية والإقدام، مزيج من الفضائل التي عجزت لغات العالم عن سبكها في مرادف لهذه الكلمة الجامعة و المانعة". واعتبر جزء من أعضاء الحزب أن "المعقول" الذي تحدث عنه السلف وجعله محور انشغالاته، يحدد الداء والدواء ويعتبر أن الأزمة ليست في القوانين أو الميزانيات، بل في نقص الحكامة بلغة أهل الاقتصاد، والنزاهة بلغة أهل القانون، والاستقامة في لغة أهل السلوك والأخلاق، وأن "المعقول" يعني كل ذلك وزيادة في عبقرية أهل المغرب وفي كسبهم عبر التاريخ والحضارات. وخلص النقد الذاتي بـ "بيجيدي" إلى أن السياسة ليست للاكتساب وجمع الثروات، والاغتناء "على ظهر" الناس ومآسيهم، بل "هي بذل إلى الرمق الأخير، وعطاء بلا حد إلى أن يصل الفراق ولو بلا وداع أخير"، كما تجسد ذلك في "عمل رجالات كبار مروا من هذا البلد المعطاء، والذين ما زالت أسماؤهم مخلدة في التاريخ، متجاوزين هوان الزمن السياسي إلى الخلود التاريخي في أفئدة الناس، التحاما مع الأفكار إلى درجة التماهي، وموت في سبيلها إن اقتضى الحال، وربطا للمصائر بمصيرها صعودا وهبوطا، عوض أن تكون السياسة مجرد سوق يقصدها كل صيادي الفرص من انتهازيي اللحظات، وعديمي المروءة، وقليلي الشرف". وحذر الحزب من المتسلقين الذين يبيعون ولاءهم لمن يدفع أكثر، والمستعدين للمتاجرة بكل شيء وفي كل شيء من أجل "حطام زائل"، و"مجد فانٍ"، لأن السياسة ستكف عن إنتاج القدوة الملهمة، والرجال الذين لا يبيعون أنفسهم من أجل الوطن. ي. ق

انبعـاث سـؤال الهويـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قيادة منتهية الصلاحية

"بيجيـدي" علـى سلـم "ريشتـر"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات