عزوف وانتقائية في التعويض

وزارة الفلاحة تطمح لتأمين 1.2 مليون هكتار منذ تأكد أن بلادنا تعيش تحولات مناخية تنحو بشكل واضح نحو مناخ متوسطي جاف، له آثاره على النشاط الفلاحي والنقص الواضح في المحاصيل الزراعية، التي تعد إستراتيجية في معادلة الأمن الغذائي، وبسبب توالي سنوات عجاف، تولدت لديها القناعة بأن الجفاف أضحى هيكليا في منظومتنا الفلاحية، فانخرطت في نظام التأمين على المخاطر المناخية والذي يهم أساسا الحبوب والقطاني والزراعات الزيتية، وجرى توسيعه ليشمل الأشجار المثمرة، لكن اتضح بمرور المواسم الفلاحية ضعف التجاوب مع المنتوجات التأمينية من طرف الفلاحين ، بلغ حد عزوف في عدة مناطق مع ما يرافق ذلك من احتجاجات على نظام التأمين الفلاحي، من خلال عدد الأسئلة حوله بمجلس النواب والمستشارين ودورات مختلف الغرف الفلاحية الجهوية البالغ عددها 12. ويروم التامين الفلاحي ببلادنا المؤطر بتعاقد بين وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والتعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين المعروفة اختصارا ب" مامدا"، صرف تعويضات للفلاحين المنكوبين الذين أمنوا زراعاتهم ضد المخاطر المناخية، وهي الجفاف والبرد والصقيع والريح القوية والريح الرملية وفائض المياه. وبدا محمد صديقي، وزير الفلاحة، بمناسبة الانطلاقة الرسمية للموسم الفلاحي 2022 / 2023، بجماعة أغبالو بإقليم صفرو، متفائلا بتوسيع دائرة التأمين الفلاحي ببلادنا، عندما زف خبر المسعى الحكومي الرامي إلى توسيع دائرة المساحة المؤمنة ببلادنا، لتصل سقف 1.2 مليون هكتار، و50 ألف هكتار من الأشجار المثمرة. وفي السياق ذاته وقعت " مامدا" مع المنظمة العالمية للتغذية والزراعة "الفاو" اتفاقية لتبادل الخبرات، في أفق امتلاك مزيد من التجارب للتعاطي بسرعة مع مطالب فئات عريضة من المؤمنين. ورغم توالي سنوات الجفاف واتساع دائرة المناطق المتضررة منه ومن عوامل مناخية أخرى، فإنه يلاحظ أن نظام التأمين الفلاحي يصادف مجموعة من الانتقادات، بلغت حد وصفه بأنه غير عادل ويتعامل بانتقائية واضحة في تحديد المناطق المنكوبة ، وترجم ذلك في شكل مساءلة لوزير الفلاحة بقبة البرلمان وأيضا في نقاش حاد بالغرف الفلاحية ، كما الحال في الدورة ما قبل الأخيرة للغرفة الفلاحية الجهوية للدارالبيضاء سطات ، التي تعد أكبر غرفة فلاحية بالمغرب، والتي علق أعضاؤها بدايتها واشترطوا ضرورة حضور المدير العام ل" مامدا" ليجيب عن أسئلتهم ، ومنها تبرير الانتقائية في التعويض عن الجفاف ، وما هي المعايير المتبعة في تحديد المناطق المنكوبة، وأعطوا الدليل بإقليم برشيد الذي عرف حسبهم حيفا في التعويض بين جماعة وأخرى، بل بلغ حده حتى داخل الجماعة الواحدة، وهو ما كان أيضا موضوع وقفات احتجاجية ، وإن كان رد مسؤولين بأن تقنيات عصرية تسخر الآن لحصر المناطق المنكوبة ، ضمنها الاعتماد على الأقمار الاصطناعية وطائرات "الدرون". وعلى خلفية ذلك، لم يسلم المعرض الدولي للفلاحة بمكناس من تداعيات نقاش واسع حول التأمين الفلاحي، وبلادنا تعبر السنة الثالثة في الجفاف ولم تستطع التطلعات الحكومية على أرض الواقع، الوصول إلى السقف التأميني الذي حدده صديقي في أغبالو والطامح إلى 1.2 مليون هكتار، وتوقفت الآمال التأمينية عند 700 ألف هكتار فقط . هذا الرقم هو الذي يجعل كل طرف يرمي بالمسؤولية على الآخر، ففي الوقت الذي يحمل المزارعون المسؤولية لطواقم الخبراء، الذين ينجزون خبرات النكبات وتحديد المناطق المتضررة، وهم في الأصل تابعون لوزارة الفلاحة التي تمد "مامدا" بلوائح من لهم الحق في التعويض، لا يسلم المزارعون من نصيبهم في المسؤولية، خاصة في العزوف، لاسيما الصغار منهم الذين يترددون في تأمين زراعاتهم وينتظرون الأمطار الموسمية الأولى، أملا منهم في اقتصاد تكاليف التأمين. وفي ما يشبه الختم، فإن ما عقد على سياسة التأمين ضد المخاطر المناخية ببلادنا، من أهداف ومقاصد تروم توفير الاستقرار المالي لدى شرائح واسعة من الفلاحين بهدف مواصلة أنشطتهم الزراعية، يبدو أنه لم يحقق المبتغى ويفرض بالضرورة إرادة سياسية تؤسس لنقاش موضوعي بين كل الفرقاء، لضخ نفس جديد في هذا الاختيار الإستراتيجي، الذي لا يمكن لفلاحتنا أن تستقيم دون تطويره وتوسيعه. عبدالله غيتومي (الجديدة)

عزوف وانتقائية في التعويض

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سايس ينضم إلى لائحة المصابين

جثة تستنفر الدرك بتارودانت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات