مآثر مراكش… جراح الزلزال

انهيار أجزاء من أبواب وأبراج وأسوار وتصدعات كثيرة بسبب الارتدادات «باب إيلان» و»باب تغزوت» و»باب أكناو» و»باب الدباغ» و»باب لعريصة»، وبرج ابن البناء المراكشي وبرج «عرصة المعاش»، وسور مراكش، من بين الأبواب والأبراج والأسوار التاريخية، التي مازالت تلملم جراحها بعد أيام من تعرضها لزلزال، فقدت إثره أجزاء منها نتيجة الانهيارات، ومازالت تواجه تصدعات كثيرة بعضها ينذر بالخطر. إعداد: أمينة كندي "إن الأبواب والأسوار التاريخية بمراكش متضررة بشكل كبير"، بهذه العبارة اختزل وضعيتها عبد المنعم جمال أبو الهدى، محافظ المباني التاريخية بالمديرية الجهوية للثقافة بمراكش، التابعة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل ل"الصباح"، ليدق ناقوس الخطر بعد تعرضها إلى الزلزال القوي، الذي تحتاج معه إلى الإسراع بعمليات الترميم والإصلاح تفاديا للأسوأ. بعد زلزال الثامن من شتنبر الجاري، عرفت المناطق المتضررة منه تكرار هزات ارتدادية أخرى، كان لها أثر على الأبواب والأبراج والأسوار التاريخية بمراكش، إذ نتج عنها اتساع حجم التصدعات وارتفاع منسوب الخطر بالنسبة إليها. شكل الزلزال خطرا حقيقيا على أبواب تاريخية منها "باب إيلان"، الذي لحقت به أضرار كبيرة جدا، و"باب تغزوت"، الذي انهار جزء منه، و"باب لعريصة"، الذي يطلق عليه كذلك اسم "باب مسوفة" ويعود تاريخه إلى العهد المرابطي. وقال أبو الهدى إن أغلب الأبواب المرابطية بمراكش تعرضت إلى أضرار جسيمة نتيجة الزلزال، الذي تلته عدة هزات ارتدادية زادت من تدهور وضعية الجدران المتصدعة في المرة الأولى لحدوثه. أبراج تاريخية... مواجهة التصدعات لم يسلم برج ابن البناء المراكشي من آثار الدمار الناجمة عن الزلزال القوي، فقد تعرض لأضرار كثيرة عبارة عن تصدعات، كما أن بعض جدرانه تقاوم لتفادي الانهيار. ويعود البرج إلى العالم ابن البناء، من مواليد 1256 ميلادية، الذي عاصر الدولة المرينية، وتمكن من تقديم نجاحات عظيمة بشكل خاص في علوم الرياضيات ومجالاته، الأمر الذي جعله يحظى بشهرة ومكانة عظيمة ليس فقط داخل المغرب، بل في جميع أنحاء العالم، ما كان وراء إطلاق اسمه على فوهة بركانية على سطح القمر. وارتبط برج ابن البناء بالعالم الشهير، حيث كان يتخذ منه فضاء من أجل القيام بعدة أبحاث ودراسات ضمتها كتب ترجمت إلى عدة لغات ودرست في جماعات داخل المغرب وخارجه، ما كان يجعل كثيرا من زوار المدينة لا يفوتون فرصة اكتشافه والتقاط صور به. ويقع برج ابن البناء قرب "باب أغمات"، ويطل على حي بوسكري و"باب إيلان" ما يجعله آهلا بالحركة على مدار اليوم. وإلى جانب برج ابن البناء، يعد برج "عرصة المعاش" من بين أشهر الأبراج بمراكش، فهو يرجع إلى القرن التاسع عشر، الذي لحقته العديد من الأضرار تتطلب تدخلا من قبل الجهات المعنية لمنع حدوث مزيد من التصدعات في جدرانه. يوجد برج "عرصة المعاش" في مكان إستراتيجي غير بعيد عن ممر "البرانس"، إذ يعرف حركة دؤوبة على مدار اليوم، حسب أبو الهدى، ما جعل الانهيارات التي تعرض إليها تشكل خطرا على المارة، وتتطلب الإسراع بضرورة وضع التدابير الضرورية لتفادي تساقطها حتى لا تسبب أي أضرار. "سور مراكش"... تساقط أجزاء كبيرة أثناء جرد اللجنة المكلفة من قبل وزارة الشباب والثقافة والتواصل لخسائر الزلزال، تم تسجيل انهيار مجموعة "الشرافات" من أبراج المراقبة بسور مراكش، الذي يقع على مقربة من أحد الفنادق المشهورة. وأكد أبو الهدى أن "سور مراكش" تساقطت أجزاء كبيرة منه خاصة في الجانب الشرقي، وتحتاج إلى إعادة البناء وفق تقنيات تحافظ على خصوصيته، سيما أنه من الآثار الضاربة في القدم. وبرزت تصدعات كذلك على مستوى "سور بريمة"، لكنها أكثر حدة مقارنة مع "سور مراكش"، إذ تنذر بالخطر، حسب ما أكدته اللجنة المكلفة بجرد الأضرار، ما يقتضي خضوعه إلى عملية الترميم والإصلاح. التخلي عن فكرة الهدم أكد أبو الهدى أنه في إطار التدابير الاستعجالية لإنقاذ المآثر التاريخية بمراكش من تعرضها إلى مزيد من الأضرار، أسندت وزارة الشباب والثقافة والتواصل مهمة وضع مخططات لترميمها وإصلاحها لعدد من الشركات، التي ستشرع في غضون الأيام القليلة المقبلة في مباشرتها، بعد حصولها على الموافقة من قبل اللجنة المكلفة. ولم يصدر أي قرار لهدم إحدى المعالم التاريخية المتضررة والتي تنذر وضعيتها بالخطر، حسب أبو الهدى، مؤكدا أن القرار شمل فقط بعض المنازل الآيلة للسقوط القريبة من بعض المآثر بناء على تقارير اللجنة المكلفة. وبالإضافة إلى الأبواب والأبراج والأسوار التاريخية عرفت كثير من المآثر بمراكش أضرارا، منها "قصر الباهية"، الذي تعرض إلى تشققات ومالت إحدى قببه وانهارت أحد أبوابه، وكذلك قصر البديع، الذي تصدعت ثلاث قبب به منها "قبة الخيزران"، و"القبة الخضراء" و"القبة الصيفية"، وصومعة ابن يوسف وصومعة الكتبية، التي سجلت تصدعات داخلها وخارجها، وقبور السعديين، التي عرفت حدوث أضرار جسيمة بقاعة الصلاة، كما تساقطت أجزاء من عدة أعمدة منها. وشدد أبو الهدى على أهمية تكاثف الجهود من أجل ترميم المعالم التاريخية والحفاظ عليها، لتبقى صامدة وشاهدة على قرون من تاريخ المغرب.

مآثر مراكش… جراح الزلزال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"السورسي" لـ"سرفاتي" والنافذ لضحاياه

شاكيـري: الوضـع الصحـي بتارودانـت مستقـر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات