المحامية الصغيري أكدت أن المشروع "سلع" النزاع القضائي وحرم الفقراء من حق دستوري من أكثر الانتقادات التي وجهت إلى مشروع المسطرة المدنية، تكريس الطبقية بين المتقاضين، عبر تحديد مبالغ مالية مهمة للولوج على المحاكم، تختلف قيمتها حسب طبيعة ودرجة المحكمة، ما سيحرم العديدين، حسب مختصين في القانون، من حقهم الدستوري في التقاضي. وقالت لبنى الصغيري، برلمانية، ومحامية بهيأة البيضاء، إن مشروع المسطرة المدنية، أتى بظاهرة عجيبة، فإذا كان الدستور ينص على الحق في التقاضي، طبقا للمواد 117 و118 و120، والتي تنص على أن القاضي يتولى حماية الأشخاص وحرياتهم وأمنهم القضائي وأن للمواطنين والجماعات الحق في المحاكمة العادلة والترافع أمام جميع المحاكم، نجد المشروع يحدد الولوجية إلى المحاكم الابتدائية والاستئناف بناء على القيمة المالية، بمعنى، تضيف المحامية، أننا "سلعنا" النزاع القضائي، وصار يحدد بالقيمة المالية مثل السلع، والحال أن الحق قيمته لا تقدر بثمن، فهو يحمل معنى فلسفيا كبيرا جدا على المستوى التطبيقي والواقعي. وأضافت البرلمانية والمحامية، أن المشروع حرم من لا يتوفر على 40 ألف درهم طرق باب محاكم الاستئناف، وإذا كان هذا المبلغ لا يعني شيئا للفئات الميسورة، فهو يعني الشيء الكثير للفئات الفقيرة، سيما سكان القرى والمداشر، ليس فقط أنها ستجد نفسها عاجزة عن توفيره، بل لأنها حرمت من حق دستوري لا يمكن "تسليعه"، وبالتالي، تؤكد الصغيري أن "تسليع" النزاع القضائي لا يناسب توجه دستور المملكة، والمصادقة على الاتفاقيات الدولية التي تراهن بشدة على ضمان الحريات والحقوق للأفراد، والأمر نفسه يتعلق بالتقاضي أمام المحاكم التجارية، إذ حدد المشروع 100 ألف دهم للتقاضي أمام المحكمة التجارية، وهو مبلغ كبير جدا، ومن عجز عن توفيره، عليه اللجوء إلى القسم التجاري بالمحاكم الابتدائية العادية، وحرمانه بالتالي من التقاضي أمام قضاة متمرسين ولهم خبرة كبيرة بالمحاكم التجارية. وشددت لبنى الصغيري، على أن الدولة، عوض أن تجد حلولا ناجعة للمشاكل المستعصية، من قبيل تراكم الملفات والاكتظاظ بالمحاكم وارتفاع عدد الملفات المعروضة على القضاء، من خلال تعيين قضاة جدد ومنتدبين قضائيين وكتاب الضبط والاستعانة بوسائل لوجيستيكية، اكتفت بضرب حقوق المواطنين، والطامة الكبرى، تؤكد المحامية، أنه تقرر ضرب جيوب المتقاضين من خلال الزيادة في مداخيل للدولة، عبر فرض المشروع الجديد غرامات على المواطنين في حال التقاضي بسوء نية، حسب الفصل 7 من المشروع، بأداء غرامة تتراوح ما بين 5000 درهم و10 آلاف، وهو ما يطرح سؤالا، حسب المحامية، حول المعيار المعتمد لدى القضاء لاعتبار شخص ما تقاضى بسوء نية، وهل هناك "ميزان" لتحديد النية السيئة من الحسنة، لأن المواطنين، حسب قولها، لن يلجؤوا إلى القضاء إلا إذا كانوا متضررين. والأمر نفسه، تضيف الصغيري، لأي شخص خسر دعوى، من قبيل الحكم برفض تعرض تقدم به أو إعادة نظر، إذ صار مهددا بالغرامة المالية، وبدل تشجيع المواطنين على التمسك بالحق في التقاضي، نتجه نحو تكريس ثقافة النفور من اللجوء للقضاء، خوفا من الغرامة، إذ صرنا نرى، تقول البرلمانية، أن "الرأسمالية" تغزو منطق الحق والمساواة في التقاضي، وما يزيد الطين بلة، استبعاد دور المحامين، إذ بدل تشجيع المواطنين على اللجوء إلى أهل المعرفة القانونية في ممارسة التقاضي، أعفى المشروع الجديد للمسطرة المدنية، المواطنين من هذا الأمر، وهذا سيساهم في المزيد من ضياع حقوق المتقاضين. مصطفى لطفي