ينابيع الزلزال تحيي آمال الفلاحين

المنطقة تعرف تراجعا في منسوب المياه والظاهرة مرتبطة بتشققات في باطن الأرض محمد العوال (موفد الصباح إلى الحوز) ضرب الزلزال أقاليم الحوز وتارودانت وورزازات، وأحصى السكان قتلاهم وجرحاهم، وعاشوا حياة مليئة بالرعب والألم، لكن لسان حالهم يردد اليوم كم من نقمة في طيها نعمة. فإذا كان الزلزال الذي هدم البيوت وخلف القتلى والجرحى، وقصصا عديدة تلخص حجم الدمار في الأرواح والممتلكات نقمة، فإن تفجر ينابيع مائية مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة نعمة من بها الله على أهل هذه المناطق. لا يخفي العديد من المواطنين ممن التقتهم «الصباح»، أن ينابيع أخرى ظهرت بعدة جماعات من إقليم الحوز، مع الهزات الارتدادية، ما أدخل البهجة والفرح، رغم قسوة الألم، على نفوس سكان هذه المناطق الذين يعتمدون على الأنشطة الفلاحية بشكل أساس، والتي تضررت في السنوات القليلة الماضية، بعدما اختفت العديد من العيون والينابيع وجفت الوديان، وهاجر العديد من سكان هذه المناطق، بحثا عن عيش أفضل، بعدما أدارت الطبيعة ظهرها لهم. فجولة بين جبال الأطلس، تكشف لك أن الحزام النباتي الذي كان ينطق هذه الجبال تراجع كثيرا، في حين ذبلت الأشجار، وأهلك الرعي الغطاء النباتي. شح المياه «لا يمكننا العيش في مناطق تتميز بقلة المياه، لأن نشاطنا الفلاحي يعتمد بالأساس على وفرتها، بحكم طبيعة التضاريس والمساحات الأرضية، التي تصلح للزراعات المثمرة، وليس الأنشطة الفلاحية البورية التي تعتمد فقط على التساقطات المطرية»، يقول أحد الفلاحين بجماعة أمكدال. ويقول الحسين أيت أدروز (فلاح من أسني) «أشجار الزيتون والرمان بدا الموت يتسلل إليها، ولم تعد تنمو كما في السابق، نتيجة الجفاف وقلة مياه السقي، كما أن العديد من الأنشطة الفلاحية تضررت هي الأخرى، والكثير من الناس، غادروا المنطقة قبل سنوات، بحثا عن لقمة العيش». من جهته يؤكد شاب من جمعية ثلاث نيعقوب لتثمين المنتوج الفلاحي، أن جفاف الوديان، تسبب في خسائر فادحة للنشاط الفلاحي، ودفع بالعديد من سكان المنطقة إلى الهجرة نحو المدن بحثا عن فرص الشغل. فحفر بئر مثلا، يتطلب مبالغ مالية كبيرة نتيجة تضاريس المنطقة، في حين أن الفرشة يتم استنزافها من قبل الأعيان. هجرة بسبب الجفاف ويشير مصدر من الغرفة الجهوية للفلاحة مراكش آسفي، أنه نتيجة لضعف التساقطات المطرية، فإن نسبة الهجرة نحو المدن ترتفع سنة بعد أخرى، إذ أن مراكش لوحدها، تستقطب حوالي 15 في المائة من المهاجرين من منطقة الحوز، يشكلون يدا عاملة في العديد من القطاعات كالصناعة والسياحة والصناعة التقليدية، بالإضافة إلى حرف موسمية. وتعرف المنطقة تساقطات مطرية ضعيفة، إذ أن معدلها، استنادا إلى مسؤول بالغرفة الجهوية للفلاحة، لا يتعدى 240 مليمترا في السنة، وهو معدل دون المتوسط، وينعكس على النشاط الفلاحي يقول المتحدث نفسه، مضيفا، أن المعدل السنوي للحرارة يصل إلى 20 درجة، في حين الحرارة العليا خلال يوليوز تصل إلى 37 درجة، مما يؤدي إلى تبخر المياه السطحية بنسبة تصل إلى 230 مليمترا سنويا. لهذا تفجرت الينابيع من أجل الوقوف على أسباب تفجر هذه الينابيع، مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، اتصلنا بأستاذ الجغرافيا المصطفى حمزة، الذي أكد أن ظهور ينابيع أو نقط مائية جديدة، أمر وارد في حال حدوث زلازل، وذلك لأن الشقوق التي يحدثها الزلزال في الأرض متصلة بالفرشة المائية إن وجدت، فيؤدي ذلك إلى تسرب المياه وتدفقها في الجبال، كما هو الحال في مناطق الحوز وورزازات وتارودانت. وأضاف حمزة، أنه يمكن للتشققات التي تقع في الأرض نتيجة الهزات الزلزالية، أن تؤدي في حالات أخرى، إلى سحب ينابيع مياه قديمة واختفائها، وبالتالي فالظاهرة مرتبطة أساسا بالشقوق التي يحدثها الزلزال في الأرض. وأشار المتحدث نفسه إلى أنه في زلزال الحسيمة 2004، لم تظهر ينابيع، نتيجة لأن التشققات وقعت في أرض غير مرتبطة بفرشة مائية، يمكن أن تساهم في تدفق المياه. وأضاف المتحدث نفسه، أن الأمر لم يقع للمرة الأولى، إذ سبق أن وقع في حصن تيجون، إذ لوحظ أيضا تغير في تدفق مياه الوديان، وظهرت ينابيع جديدة للمياه بمنطقة سانتياغو. شلالات من الفرح في خضم هذه الوضعية المائية والفلاحية الصعبة التي أصبحت تعرفها منطقة الحوز خلال السنوات الأخيرة، شكل تفجر ينابيع مائية جديدة بجبال الأطلس، أملا للسكان في ارتفاع منسوب المياه، إذ عادت الحياة إلى وديان جفت خلال السنوات الأخيرة، التي ذبلت فيها الأشجار وتراجع النشاط الفلاحي. لا يخفي الحسين أيت أدروز فرحته رغم حجم الألم، «فالزلزال قدر الله أصاب هذه المنطقة، وماذا عسانا نقول؟»، يتساءل الحسين، قبل أن يضيف «لكن الحمد لله، الحياة عادت للوادي، وتدفق المياه أنسانا لوعة الفراق وحجم الخسائر». يقول محمد المتحدر من أوسرت «الماء في هذه المناطق الجبلية هو الحياة، بدون ماء لا يمكننا العيش، فالسياحة الجبلية تعتمد على الماء، لأنه يضفي جمالية على الطبيعة، وبدونه، لا معنى للحياة». فتفجر الينابيع بإقليم الحوز كما هو الحال بإقليمي ورزازات وتارودانت، أنسى الأهالي ولو مؤقتا معاناتهم والآمهم، وبدت الفرحة والانشراح على محياهم. فالمديرية الإقليمية للحوز، أخذت علما بظهور نقط مائية جديدة، مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة «وهو أمر مهم سيساهم في تنمية الإمكانات المائية للمنطقة، ويساهم إلى حد ما في الرفع من قدرات النشاط الفلاحي بالمنطقة، سيما وأن الينابيع ظهرت في مناطق تعاني من شح المياه»، يقول مصدر من المديرية للفلاحة. ففرحة السكان هنا لا توصف بهذا «الخير وهذه النعمة الربانية التي أراد الله بها أن ينسينا كل هذه الآلام، يقول أحد سكان الدوار».

ينابيع الزلزال تحيي آمال الفلاحين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بلحاج وأغنية "لارتيست"

ورطة ماكرون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات