السياسة تهزم الحب

مولاي بوشعيب وعائشة البحرية ...أسطورة الحب (الحلقة الأخيرة) التقسيم الترابي رسالة خفية أن الوليين الصالحين لم يجمع بينهما يوما علاقة حب مقدسة بمجرد أن يتراءى لك بأزمور، ضريح مولاي بوشعيب الرداد وبالجهة المقابلة، ضريح "لالة عائشة البحرية"، تثيرك قصة حبهما الأزلي، التي بدأت في بغداد وانتهت بفاجعة على مصب نهر أم الربيع. قصة تسحر قلوب العشاق، وتكشف أن المرء مهما بلغ درجة الزهد والتصوف لا بد أن يصاب بسهم الهوى يوما، لكن بقراءة نقدية للرواية، تظهر تناقضات في وقائعها وتاريخية أماكنها وأحداثها، لتخرج بخلاصة أنها أسطورة، وأن مؤلفها سحر بقرب الضريحين من بعضهما البعض، فأطلق العنان لخياله لسرد رواية حب، بسبب قوتها وحبكتها، توارثها المغاربة لقرون. مصطفى لطفي ساهم التقسيم الترابي والسياسي في المزيد من العزلة بين مولاي بوشعيب الرداد المعروف الشهير بـ"السارية" ولالة عائشة البحرية، فمولاي بوشعيب يرقد في ضريحه الشهير بأزمور، على الضفة اليسرى لنهر أم الربيع، في حين انزوى ضريح لالة عائشة البحرية بالضفة اليمنى لمصب النهر، وعلى تراب جماعة سيدي علي بن حمدوش، كأن في هذا الاختلاف رسالة خفية ترفض جملة وتفصيلا أن الوليين الصالحين جمعت بينهما يوما ما علاقة حب مقدسة. فبإطلالة صغيرة على التوجه السياسي السائد بجماعة سيدي علي بن حمدوش، التي استقلت بنفسها بمقتضى التقسيم الإداري لسنة 1992، بعد أن كانت تابعة لجماعة هشتوكة، نجد هيمنة التوجه المحافظ، إذ أن الجماعة منذ إنشائها، خضعت لسيطرة الأحزاب الإدارية الموالية للسلطة، وكان من أشهر رؤسائها الراحل محمد لفحل بن الشرقي. على نقيض ذلك، هيمن الفكر السياسي المتمرد على تسيير الشأن المحلي لأزمور، إذ كانت السيطرة لأحزاب تؤمن بالتغيير، على رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهذا التوجه تجسد في المطالبة المستمرة في إعادة النظر في التقسيم الإداري بمنح مدينة مولاي بوشعيب الرداد منفذا على البحر. والمرجح أنه لو كانت هناك علاقة حب فعلا بين لالة عائشة والرداد لكانت سيدي علي بن حمدوش وأزمور جماعة ترابية واحدة، وبالتالي عدم رفع شعارات في الوقفات الاحتجاجية للأزموريين للمطالبة بشرفة تطل بها أزمور على البحر، وكأنها الشرفة التي يظل يحلم بها مولاي بوشعيب الرداد للتملي بطلعة عشيقته لالة عائشة. لكن رغم هذه المعطيات، لا يمكن الجزم بوجود قطيعة نهائية بين الجماعتين، إذ هناك حديث عن علاقات وطيدة وتاريخية جمعتهما، وكرسها حدث تاريخي اعتبر سابقة بأزمور، يمكن أن يلمح إلى حقيقة الحب الخالد بين مولاي بوشعيب ولالة عائشة البحرية. هذا الحدث يتجلى في أن ضريح مولاي بوشعيب والساحة الداخلية المحيطة به، لا يسمح فيها بالدفن إلا لأبناء مولاي بوشعيب الرداد بالظهير والصلة المثبتة، وضمنهم "الشوفانيون"، لكن قبل أربع سنوات، تم تكسير هذه القاعدة، والسماح بدفن محمد لفحل بن الشرقي النائب البرلماني والرئيس التاريخي لسيدي علي بن حمدوش بفناء الضريح، بمباركة من "الشوفانيين"، ما فهم منها أنها محاولة منهم لتكريس العلاقة بين الجماعتين، من منطلق مخيال العلاقة التاريخية والأسطورية التي نسجت حول مصاهرة موؤودة بين "الحمدوشيين" الذين يعتبرون أنفسهم اليوم خدام دفينتهم لالة عائشة البحرية و"الشوفانيين" الذين يؤكدون على الدوام أن الواد هو الذي يفرق بين الجماعتين وأن الموروث الثقافي والشعبي مشترك بين ضفتي نهر أم الربيع.

السياسة تهزم الحب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكة لـ"القرقوبي" بمكناس

20 سنة لمتهم بالقتل بالحسيمة

مقالات ذات صلة