تسلموا رشاوي بإيهام ضحاياهم باكتراء منازل ومكاتب منهم أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بالأموال بالرباط، أخيرا، عقوبات حبسية نافذة في حق دركيين، تراوحت بين سنتين ونصف، وأربع سنوات، بعدما اقتنعت هيأة الحكم بتلاعبهم بأختام القيادة العليا للدرك وبتزويرهم لتوقيعات ضباط سامين بالجهاز، وإبرام صفقات كراء وهمية للسكن الوظيفي، دون علم القيادة العليا. وأدانت الغرفة الدركي الأول، وهو الفاعل الحقيقي في الجريمة، بأربع سنوات سجنا نافذا، كما قضت في حق الدركي الثاني بعقوبة سنتين ونصف، أما الثالث فنال بما قضى، بعد متابعتهم بجنايات الرشوة والتزوير والمشاركة في ذلك وإفشاء السر المهني، كل حسب المنسوب إليه. وقضت المحكمة بتعويضات منعشين عقاريين وملاك منازل، بعدما تعرضوا للنصب، وسلموا أموالا على أساس استفادتهم من صفقات كراء المساكن الوظيفية للدرك ومكاتب المصالح التابعة لسرية تمارة. واعتبرت الغرفة أن العناصر التكوينية للجرائم المرتكبة ثابتة، وأن الموظفين استغلوا وظيفتهم ليقترفوا جرائم النصب والتزوير وتلقي رشاو، مكبدين الضحايا خسائر مالية مهمة. وتفجرت الفضيحة بعدما توجه منعش عقاري إلى مقر سرية تمارة، وأخبر مسؤوليها بتوقيع القيادة العليا لصفقات كراء معه دون تحويل الأموال له، وبعد تنسيق مع مصالح السكن الوظيفي التابع للقيادة العليا للدرك الملكي، تبين استغلال دركيين لأختام القيادة العليا وإبرامهم صفقات مزورة، عبر تقليد توقيعات ضباط سامين، إذ أكد الضحية الأول، كراءه عمارة من شقق ومكاتب للدركيين بجماعة عين اعتيق، قبل أن يظهر سبعة ضحايا آخرين انتصبوا بدورهم أطرافا في الواقعة. وأبرم الدركيون في بداية الأمر عقود كراء مع منعش عقاري بتمارة، على أساس أنه سكن وظيفي لأفراد الجهاز، وتسلموا منه مبالغ مالية قدرها 26 مليونا، وبعد مرور أشهر تبين له أن العقود مزورة، ليتم الاحتفاظ بثلاثة دركيين رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن العرجات 2، بعدما اتضح أن ما ارتكبه المتورطون يدخل ضمن خانة الجرائم المالية. وكشفت الأبحاث أنه جرى إيهام ضحايا آخرين لاكتراء شقق منهم بالبيضاء والهرهورة وبمنتجع "كابونيغرو" بمرتيل وحي يعقوب المنصور بالرباط، وأيضا تجزئة السعادة بتمارة، وبعدما تفجرت فضيحة عمارة عين اعتيق، ظهر ضحايا آخرون، وتوجهوا إلى مصالح عليا، مدلين بعقود كراء لفائدة الدرك، لكنهم صدموا لما أخبروا أنها مزورة. وبدأت الأبحاث حول هوية دركي، حصل حديثا على التقاعد، وهو جار المنعش العقاري الذي يملك عمارة بعين اعتيق، وأوهمه أن القيادة العليا للدرك الملكي بالرباط في حاجة لاكتراء سكن وظيفي ومكاتب لأفرادها، وأنه بإمكانه تفويت شقق ومكاتب عمارة إليها بسومات كرائية مغرية، وبعدها وافق المنعش الذي أبرم العقود، فتبين أن أختامها وتوقيعاتها مزورة، ليسقط الدركيون تباعا في قبضة عناصر الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية، التي كلفتها القيادة العليا بإجراء بحث أولي، وإخبار النيابة العامة، قبل أن يتبين أن الأمر له صله بجرائم مالية، بعدما فاقت مبالغ الرشاوي 100 ألف درهم. عبد الحليم لعريبي