هيبة القضاء في مهب الريح

تبادل السب والشتم بين محامين وقضاة يضعف قطبي العدالة ويرسم صورة قاتمة عنها لم يكن ينقص لاكتمال المشهد، سوى تقمص دور عادل إمام في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» حين كان يردد عبارته الشهيرة «احنا نروح القسم»، بعد أن اشتبكت النيابة العامة مع الدفاع وهيأة المحكمة في المسرحية نفسها، وهو المشهد نفسه الذي تكرر الثلاثاء الماضي خلال محاكمة المتهمين في أحداث «الخميس الأسود» بالبيضاء، بعد أن تبادل أقطاب العدالة الملاسنات، وتمسك كل واحد منهم بوجهة نظره فيما يخص محدث «الشوشرة» كما سمتها النيابة العامة حين اتهامها للمحامين بإثارة ضجيج داخل القاعة، وهو ما رفضه المحامون، مطالبين رئيس الجلسة بالحرص على أن يحترم الجميع الهيأة، وإلا فإنهم «غادي يقربلوها» كما قالوا.رئيس الهيأة استغرب أمر هذا «الانفلات» الذي وقع داخل القاعة، والذي لم يسبق له أن عاشه، وهو الذي قضى سنوات في القضاء، مطالبا الجميع بالالتزام بأخلاقيات وتقاليد المهنة. المشهد نفسه تكرر بفاس حينما احتد النقاش بين محام ونائب وكيل الملك، بعد أن اتهم الأول الثاني بعدم الحرص على عدم تعذيب طلبة كانوا اعتقلوا في وقت سابق، وهو ما دفع رئيس الجلسة إلى تذكير الجميع بضرورة احترام أخلاقيات وتقاليد المهنة.ويبدو أن العديدين لم يعودوا يبالون بأخلاق وتقاليد المهنة التي تحث على احترام المحامي للقاضي ومخاطبته بلباقة، ومعاملة الأخير له بالمثل، بعد أن توالت في السنوات الأخيرة الاحتكاكات وأحيانا الاصطدامات بين قطبي العدالة الكبيرين، والتي وصلت إلى حد تحرير محاضر وفتح تحقيقات، قبل أن تطوى بعد أن يتدخل أصحاب النيات الحسنة.لم تعد هيبة القضاء خطا أحمر، بعد أن فقد هذا الخط الكثير من لونه شديد الاحمرار، وأصبحت في مهب الريح، بعد أن توالت حالات إهانة القضاة من قبل المحامين والمتقاضين، ليكون رد الفعل، في كل مرة، بيانا تصدره جمعية مهنية "تستنكر فيه بشدة سلوك محام أو متقاض أهان قاضيا خلال ممارسة مهامه"، وقد تليه وقفة احتجاجية تضامنية مع القاضي المهان، لتقابلها وقفة مضادة من زملاء المحامي الذين يتضامنون معه حاملين شعار "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، ليزداد تصدع العلاقة بين طرفين يعتبران أساس العدالة في كل مجتمع. لقد خلق نادي قضاة المغرب، جازاه الله خيرا، لجنة أسماها لجنة تلقي حالات إهانة القضاة، حتى يتسنى له توثيق الإهانة بالصوت والصورة، لكن، ماذا بعد ذلك؟ هذا ما لم يفكر فيه أي أحد، ليساهم الجميع بشكل أو بآخر في إضعاف القضاء، وإعطاء صورة سلبية عن القاضي الذي لم يعد قادرا على حماية كرامته، فكيف سيتسنى له حماية حقوق المتقاضين؟ وبالتالي تفتقد الثقة في القضاة مثلما افتقدت من قبل في المحامين والفاعلين السياسيين لغرض في نفس يعقوب...الصديق بوكزول

هيبة القضاء في مهب الريح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنعلو: حاربت التماسيح والعفاريت منذ سنوات

محاكمة امرأة جمعت بين زوجين بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات