قاموس الغابة يعوض خطاب السياسة في البرلمان

أبدع بنكيران في استخدامه وألهم بعض وزراء حكومته في مواجهة خصومهم حكايات المعارضة والأغلبية بمجلس بالبرلمان، لا تختلف كثيرا عن حكايات ابن المقفع في أشهر ترجماته «كليلة ودمنة»، والفرق بين الحكايتين أن الأولى بطلها الإنسان، برلمانيون وساسة ووزراء، أما الثانية فهي تدور على ألسنة الحيوانات يحكيها الفيلسوف بيدبا للملك دبشليم، ويبث من خلالها ابن المقفع آراءه السياسية في المنهج القويم للحكم . وزراء على خطى بنكيران قاموس جديد حمله معه رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، إلى مجلس البرلمان، فالرجل كلما خاطبهم، إلا ومتح من قاموس الحيوانات، وربما هي العدوى التي أصابت بعض وزرائه لاحقا، إذ بدؤوا يستعينون بالقاموس بنفسه في تحليل ووصف السياسة. بعد العفاريت والتماسيح التي تحارب بنكيران، جاء الدور على الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، ليضيف تعبيرا جديدا إلى القاموس السياسي، حينما قال في لقاء جماهيري بمدينة صفرو «إن وزراء الحكومة يشبهون الضفادع الصماء»، وقبل هذه الواقعة طالب برفع الحصانة عن «الحلوف»، في جلسة بمجلس النواب، بينما وصف برلماني من المعارضة، وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد بـ»الغول الجديد». هذا النهج يزيد في توتير العلاقة بين الأغلبية والمعارضة، فبعد سنوات اتهم فيها رئيس الحكومة، أحد أقطاب المعارضة، في إشارة إلى الأصالة والمعاصرة بالتحكم السياسي والاستقواء بالدولة، عاد ليقتبس من قاموس الحيوانات مفردات أخرى، يبدو أنها تفيد المعنى نفسه وتفي بالغرض بقليل من المواجهة المباشرة والاستفزاز.بعض الوزراء في حكومة عبد الإله بنكيران، استعانوا بالمعجم نفسه، خلال بداية تحملهم المسؤولية، دليلا على المصاعب التي يواجهونها والمقاومات التي أفرزت مبادرات الإصلاح، التي أعلنوا عنها في قطاعاتهم الوزارية، ذلك أن وزير التعليم العالي والبحث العملي وتكوين الأطر، لحسن الداودي، سبق له أن نعت خصوم حزبه العدالة والتنمية بـ»الذئاب»، ودعاهم إلى «الاختباء في الكهوف»، في حين سماهم وزير النقل والتجهيز، عبد العزيز رباح، في أحد لقاءات الحزب، بـ»الأفاعي»، في توصيفه لهذه الفئة نفسها من السياسيين، معتبرا «أنها تنتظر الفرصة للخروج من جحرها». لغة التماسيح تنتقل إلى الأحزاب النقاش حول التماسيح والعفاريت، سرعان ما انتقل من الشأن الحكومي، بتعبير رئيس الحكومة، إلى الشأن السياسي والحزبي. فقد اعتبر وزير التجهيز، ردا على الاتحادي، المهدي مزواري، في سؤال حول ترويج العدالة والتنمية لفزاعة الحيوانات لتبرير فشل الحكومة، أن «الأيادي الخارجية الذي تكلم عنها زعيم سياسي، في إشارة إلى أحمد الزايدي، مرشح الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي سابق، هي التماسيح والعفاريت التي يعنيها بنكيران». من جهته طالب صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، في تجمع حزبي بباريس، الحكومة بـ»تحمل مسؤوليتها والكف عن تحميل الآخرين واقع فشلها، إذ لم يعد مسموحا اليوم التذرع بـالتماسيح والعفاريت، من أجل تبرير العجز في الاطلاع بالمسؤولية الحكومية». بالمقابل، وفي تدخل برلماني، لا يخلو من التعاليق السياسية، المبنية على قاموس الحيوانات، نوه رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، بمجلس النواب، ، الوزير حبيب الشوباني، لوصفه الوزراء بـ»الضفادع الصماء». البرلماني عبد اللطيف وهبي وزراء، هنأ، في جلسة عمومية بالغرفة الأولى، حكومة بنكيران «على نعوتال شوباني الجديدة التي وصفتهم بالضفادع الصماء»، مضيفا أنه «لا يمكن الإصلاح بلغة العفاريت وديمقراطية الحيوانات والعفاريت».من جهته، لم يفوت الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، بدوره الفرصة للحديث بلغة رئيس الحكومة، ففي حديثه عن تماسيح بنكيران، قال إن «الشعب ينتظر النتائج، وإذا ما كانت هناك تماسيح وعفاريت، فالخطر من تلك التماسيح التي تكون داخلنا، وفي وسطنا ومن أحزابنا، أما ما هو خارج أحزابنا فلا يمكن أن نقول عنه تمساح، وإنما مؤسسة من المؤسسات».إحسان الحافظي

قاموس الغابة يعوض خطاب السياسة في البرلمان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رؤساء الجهات يستفسرون بنكيران حول ورش الجهوية

زعماء مثيرون للجدل يطاردون بنكيران

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات