إخضاع السياسات العمومية للرقابة والمحاسبة

ساعف قال إن الملك حكم يتدخل عند الضرورة وطارق أكد أن الحكومة تمارس سلطة التأويل لمقتضياته أجمع أساتذة وخبراء وسياسيون على أن الحديث عن السياسات العمومية في المنظومة السياسية الحالية حديث مركزي بالنسبة إلى كل ما هو مرتبط بالحقل العمومي اليومي، "فعندما نتحدث عن الدستور أو عن الحقل السياسي، يحتل فيه موضوع السياسات العمومية الموقع المركزي"، يقول عبد الله ساعف، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط ورئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية .وأضاف ساعف في كلمة له خلال الندوة الافتتاحية للمنتدى المدني للنقاش العمومي حول المرتكزات الدستورية للسياسات العمومية، التي نظمها الأربعاء الماضي، منتدى المواطنة والمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، أن من إحدى القطائع التي حصلت في المرحلة الحالية، في شقها المتعلق بشكل أساسي بالسياسات العمومية، "فعندما كان هناك تفكير في إعادة رسم ملامح الخريطة المؤسساتية في المغرب وصلاحيتها، كانت هناك صعوبة تكمن في كيف يمكن رسم الحدود بين المؤسسة الملكية والمؤسسة التنفيذية والجهاز التشريعي دون الحديث عن موقع السلطة القضائية، بشكل مقنع، وهذا يظهر أن هناك اختلافا جوهريا عن مرحلة سابقة لم تكن فيها هذه الحدود واضحة".وذكر رئيس الجمعية بأن كل الانتقادات التي عرفتها المرحلة السابقة كانت تدور حول موقع الحكومة وصلاحياتها وحدودها بالنسبة إلى المؤسسات الأخرى، وأساسا المؤسسة الملكية، إذ كان النقاش العمومي كله في كل الدساتير السابقة متمركزا حول الحكومة ومن سيحاسبها، إلا أن السياسات العمومية أعطت المفتاح للتمييز بين المجالات، وبالتالي، هي التي أضحت الآن تحدد الخريطة العامة للمؤسسات".ووقف ساعف، في سياق حديثه عن صلاحيات المؤسسة الملكية ومجالات تدخلها وتلك الخاصة بالحكومة، على مفهوم مبدأ الحكامة، أي أن "الملك حكم يتدخل عندما تكون هناك ضرورة لذلك، ولحل نزاع أو خلل داخل المؤسسات، ومفهوم التحكيم هذا استعمله مؤرخو المغرب القديم، إذ كان هناك دور تحكيمي بارز للسلطان، وكان هذا الموقع يخرج بقوة في دساتير المملكة".وأضاف أن هذا المفهوم منح صلاحيات واسعة للملك، قبل أن يستدرك بالقول "كان هناك توجه آخر هم تحديد مفهوم السياسات العمومية، ولا يمكن فهم موقع السياسات العمومية في الدستور دون تملك هذا المفهوم ومضامينه: هناك موقع استراتيجي مرتبط بكل ما هو استمرارية عبر التاريخ من قبيل وحدة البلاد والدين والهوية والدفاع عن الاختيارات الديمقراطية والقضايا الكبرى، وهناك كل ما هو مرتبط بالسياسات العمومية، الذي يظل من اختصاص الحكومة، وكان هذا هو الحل الذي وجد للمساعدة على التمييز بين مجالات التدخل".وخلص ساعف إلى أن السياسات العمومية تنتشر بين استحقاقين انتخابيين، سواء انتخابات تصادق على السياسات العمومية السابقة وتعطي الأغلبية لمن كان يدبر هذه السياسات، أو توقيف الأغلبية وتصبح الأخيرة معارضة جديدة، لكن قد يحدث أن لا تستمر السياسات العمومية إلى غاية نهاية الولاية التشريعية، وهذا ما يفسر التعديلات الحكومية "عندما تتغير الظرفية مثلا".ونبه أستاذ العلوم السياسية إلى أن كل ما يتعلق بالسياسة العمومية مرفوق بالرقابة والمحاسبة، إذ هناك إحالات في الدستور تتحدث عن إخضاع كافة المؤسسات للرقابة الديمقراطية، فكل هذه المؤسسات مطالبة بتقرير سنوي عن حصيلة عملها يعرض للمناقشة على البرلمان، ولا شيء يمنع من عرضه خارجه. وأشار في هذا السياق إلى أن المجلس الأعلى للحسابات صار في المنظومة الحالية، يخضع تقريره إلى المناقشة داخل البرلمان، "فعملنا بمفهوم من يراقب المراقب، لكن لا أعلم ما إن كنا سنستطيع إعطاء المراقبة الديمقراطية إطاراتها الحقيقية".وذكر حسن طارق، القيادي في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بفضل حركة 20 فبراير في ظهور دستور 2011، إذ اعتبرها "قابلة الدستور الذي نتحدث عنه اليوم"، وأنه بعد ظهورها ارتفع سقف النقاش، "وصرنا نتحدث في الدستور الجديد عن السياسات العمومية وعلاقتها بالسلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية تمارس سلطة التأويل لمقتضيات الدستور.وأوضح أنه فيما توجد خانة تختص بالأمور الإستراتيجية التي تعد من صلاحيات الملك، وأخرى ترتبط بصلاحيات الحكومة، هناك خانة مشتركة لصلاحيات الطرفين، وأعطى مثلا بالتعيينات الإستراتيجية في بعض المؤسسات العمومية، مضيفا أن سلطة التأويل التي تمارسها الحكومة تحجم عملية التقييم والمراقبة وتختزلها في يومين بغرفتي البرلمان. الشيكر: أفق النخبة الحالية محدود أبدى الخبير الاقتصادي محمد الشيكر تخوفه من ألا تكون النخب الحالية قادرة على بلوغ السقف الذي وصل إليه الدستور الحالي، مشيرا إلى أن الأخير جاء في إطار استمرارية وإصلاح ما سبقه من دساتير، ولم يشكل القطيعة معها "وهو ما يعني أننا بصدد وثيقة توافقنا عليها في مرحلة خاصة، والتجارب أثبتت أن هناك اختلافا بين من هو مكتوب وما يطبق، أي أن السقف الذي وصلنا إليه في كتابة الدستور قد لا نصل إليه على مستوى التطبيق".وأكد الشيكر في كلمته أن الإشكالية ليست هي النظام أو المخزن "التاريخ أظهر أن المخزن يمكن أن يكتفي بالعلم والطابع كما حصل أيام السيبة، وفي قضية الصحراء، لكن المشكل يتجسد في الفاعل السياسي، فالنخبة الحالية أفقها محدود ولا يتجاوز الزمن الانتخابي، إذ تظهر التجاذبات الحالية أن اللحظة السياسية والزمن القصير هو الذي يتحكم في تطبيق الدستور". هجر المغلي

إخضاع السياسات العمومية للرقابة والمحاسبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مراكشيون يرددون عبارة "الله يحفظ"

صندوق المقاصة... رهان سياسي يفزع الدولة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات