الاعتقال… سياسة الهروب

اللجوء إلى التحقيق في القضايا الجنحية يكون دون مبرر في حالات معينة غالبا ما تنهج النيابة العامة أو قضاة التحقيق أسلوب الاعتقال، عوض المتابعة في حالة سراح مؤقت في ملفات معينة درءا للشبهات، خاصة إذا تعلق الأمر بملفات يتابعها الرأي العام، في ضرب حقيقي للمبدأ الدستوري القاضي باعتبار البراءة هي الأصل. ويفسر قرار النيابة العامة من قبل المتهمين في مثل هذه الحالات بأنه تعسف في تطبيق القانون والتشكيك في عملها الذي هو حسب محمد الطيب عمر محام بهيأة البيضاء، أن التشكيك لا يتعلق بعمل النيابة العامة بقدر ما يتعلق بعمل الضابطة القضائية التي بسبب أن عملها غير مكتمل- مبدئيا- يتم اللجوء إلى قضاء التحقيق، و»التشكيك هنا هو في النيابة العامة نفسها عندما تستعمل التحقيق وسيلة لاعتقال الأشخاص، عن طريق المطالبة بوضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي، وهو الإجراء الذي قد يطول رغم ما لذلك من آثار سلبية على الحقوق والضمانات والحريات، وحتى على الميزانية نفسها»، وهي الرؤية التي يشاركه فيها العديد من المهتمين بالنظر إلى أن النيابة العامة هي في الأصل خصم شريف، وأن دور «الغراق»، لم يعد له ما يبرر في الوقت الحالي. وعلى خلاف ما قد يتداول بشأن بقاء قضاء التحقيق في المحاكم الابتدائية من عدمه، ومدى قدرته على تحقيق العدالة على اعتبار أنه في الغالب لا يخرج عن نسخ المحاضر وعن ملتمسات النيابة العامة في الاعتقال أو المتابعة في حالة سراح، أكد الطيب عمر في حوار سابق مع الصباح أنه مع بقاء مؤسسة قضاء التحقيق بالمحكمة الابتدائية، لكن شريطة ضمان الاستقلالية التامة، والتخصص، وتمكينها من الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة، وحصر الأمر في بعض الجنح التي تقتضي التحقيق فعلا، مع عدم الإفراط في استعمال الإنابات القضائية، التي تصبح بواسطتها الضابطة القضائية تقوم ببعض أعمال التحقيق، وضرورة تقييد اللجوء إلى تلك الإنابات للضمانات القانونية والمسطرية اللازمة.وخلال اللقاء الذي جمع الصباح بوزير العدل السابق المرحوم محمد الطيب الناصري، تحدث محمد عبد النبوي مدير الشؤون الجنائية بوزارة العدل عن إشكالية التحقيق، التي خلقت حسبه نقاشا واسعا ومتشعبا، بين مؤيد لإلغائه في الجنح ومن يقول إن وجوده يشكل ضمانات أوسع لفائدة الأطراف. واعتبر عبد النباوي أنه من الناحية العملية لا يأتي قضاء التحقيق بجديد، بل ينسف في العديد من الحالات التحقيق ليس عن صواب لإنكار ما وقع الاعتراف به في محاضر الشرطة القضائية، وهذا ما دفع المشرع إلى القول بإجبارية التحقيق في الجنايات التي تصل العقوبة فيها إلى السجن المؤبد واختياري في غيرها من الجنايات. وأضاف مدير الشؤون الجنائية أن التحقيق في الجنح ربطه المشرع بتلك التي تصل العقوبة فيها إلى خمس سنوات، على اعتبار أن هناك بعض الجرائم التي تتطلب تحقيقا، خاصة ما يعرف بجرائم الأموال التي تطلب خبرة وإجراء فحوصات أو غيرها، إذ أن مدة الحراسة النظرية في مثل هذه الجرائم لا تمكن الشرطة القضائية من إنهاء البحث بشكل جدي سواء لإثبات الجريمة أو دحضها. ولا يوجد في النظام القضائي المغربي ما يوازي ما عليه الأمر في النظام القضائي المصري مثلا، إذ أن النيابة العامة تحقق بنفسها وتؤدي إلى تمديد اعتقال المعني بالأمر أياما إضافية أخرى من أجل إتمام البحث في تلك القضية . كريمة مصلي

الاعتقال… سياسة الهروب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاعتقال الاحتياطي إدانة قبل الحكم

المغالاة في الاعتقال… سوء الفهم الكبير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات