5 آلاف شخص تابعوا “ملحمة الخيام” بفاس

الحفل "ملحمة قديمة بلسان الحاضر" ودعوة إلى نسيان هم المستقبل وتذوق طعم اللحظة تتبع أكثر من 5 آلاف شخص، ليلة الجمعة الماضية بفضاء باب المكينة بفاس، عرضا موسيقيا متميزا مقتبسا من حياة وأعمال الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، ضم أكثر من 23 موسيقيا ومنشدا وعازفا من الهند ومصر وإيران والمغرب، في تناغم وإبداع فني خاص بمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة. زينت منصة الحفل الذي تتبعته الأميرة للا سلمى ووفد رسمي، بلوحة فنية كبيرة في أسفلها صورة المحتفى به، ووسطها أبيات شعر من إبداعه ، وبإضاءة خاصة تراقصت على إيقاع الموسيقى التي اختلفت وتباينت باختلاف المنشدين ولغاتهم وحركاتهم ودرجة هدوء أو صخب أصواتهم الصادحة. "أسعد للحظة، فاللحظة هي حياتك".. شعار ميز حفلا قدم إبداعا فنيا عالميا أزليا في قالب سينوغرافي جديد، أبدى فيه الجمهور، تجاوبا كبيرا مع فقراته التي امتدت على مدى نحو ساعتين، وسط حراسة أمنية مشددة تمت المبالغة في بعض أوجهها خاصة بمنع مصورين من التقاط صور الأميرة. هدوء غير مسبوق لجمهور ذواق، فرضته لوحات سهرة زينتها شاشات جانبية ضخمة استعرضت لوحات إشهارية وبعض الكتابات الشهيرة لمبدع "الرباعيات" الخالدة، في خطوة جريئة لربط الماضي بالحاضر والمستقبل، في تجسيد صريح ل"تجليات كون" نعيشه مهما كانت المرحلة والظروف. "تعالوا أيها الموسيقيون، لننسى هم المستقبل، ونذق طعم كل لحظة، حيث غدا سنرحل إلى الأبد ونكون برفقة الراحلين".. دعوة لتناسي الهموم والواقع بمرارته وآلامه ومآسيه، تكررت بمختلف اللغات وبأصوات وإيقاعات تنخفض لترتفع تدريجيا، على إيقاع الناي والدفوف و"الطبلة"، والابتهالات. منشدون من الهند وأوزباكستان ومصر والمغرب، تناوبوا على ترديد أشعار الخيام وإبداعاته التي ترمز إلى تشادي الكون، في سفر موسيقي غاص في "عمق حضارات عظمى مسكونة بالبحث في المعنى والجمال ورونق المدن الشرقية، ومنابر الطبيعة العاكسة لمشاعر الإنسان للتصالح مع الذات". الدفوف والناي والعود وآلات وترية أخرى، صنعت ملامح ملحمة غنائية بإيقاعات وألوان موسيقية من جذور عربية وآسيوية، وأصوات منشدين بينهم المصري المكفوف مصطفى سعيد والمغربيان كريمة الصقلي ومروان حجي، وعزف بجنسيات مختلفة، في تلاحم موسيقي نادر تطلب أياما من الإعداد. "هذه السماء التي تتحرق شوقا بمجيئي ورحيلي، لن تنعم شيئا، فما دار بسمعي سر خلودي وذهابي أبدا".. عبارة أعقبت أولى وصلات الحفل، إيذانا بانطلاق دق مسترسل للدفوف على إيقاع أمداح وابتهالات في حق خالق الأرض والقمم و"واشم القلوب بنار الندم، من يواري الثرى من يشاء". تساؤلات حول استغلال خيرات العالم من قبل "من لا يمكن أن يعيش إلى الأبد، لأن هذه النفس التي في الجسد، لم تكن إلا قرضا"، حملتها كريمة التي دعت في أولى خرجاتها بالحفل، إلى "الانتعاش بهذا الذي اقترضت"، قبل أن يصدح زميلها المصري، بنبرات كلمات مؤثرة في عمق الإنسان. مواويل حول الحب الإلهي والعذري والمرأة وحسناتها والكون وويلاته والماضي ومحاسنه وآلامه والحاضر بمفاجآته والمستقبل بانتظاراته، صدحت بها أصوات الفنانين المشاركين بكل لغات وإيقاعات العالم، وألوانه الموسيقية، في حفل لم يندم حضوره على تأدية 600 درهم واجب الاستفادة منه. هذا اللقاء الموسيقي، وصفته الفنانة كريمة الصقلي، ب"الجميل" و"الشاعري" و"الروحاني"، داعية إلى ضرورة الاهتمام بالزوايا وأولياء الله المغاربة، وكل الثقافات التي يزخر بها تراثنا، والصفحات المشرقة من تاريخنا، مثمنة الاحتفاء بالخيام "الشيخ الكبير"، لكن "يجب ألا ننسى أولياء الله الآخرين". أما زميلها مروان حجي، فقال في ندوة صحفية قبلي الحفل، إن المشاركة في الاحتفال بهذا الشاعر الفارسي الكبير، مهمة و"شرف لنا أن نشتغل في حفله، مع عدة فنانين عالميين"، مفضلا مشاركة كريمة، غناء مقاطع من تلك الأشعار المؤداة فيه. وسار زميلهما الهندي أنور كانو، في الاتجاه نفسه، فيما آثرت سلمى العلوي، تلاوة مقطع "تعال معي يا حبيبا تحت الورود، مرحبا حيث فرج الورد من الأرض، وفيها احتجب"، من قصيدة من إبداع الخيام قبل ذاك السفر الروحاني في حياته كفيلسوف ورياضي وعالم وشاعر. وقال طوني كاتليف مخرج هذه الملحمة الموسيقية، إن هذا العرض الفني، حاول تقديم دروس الخيام في الحياة بعيدا عن عالم اليوم المهووس بانشغالات المستقبل والمشاكل العالمية، إذ "يجب أن نعيش المرحلة"، متحدثا عن صعوبات عرفها الإعداد لهذا الحفل "المثير" كما وصفه في الندوة. ولم يكن هذا الحفل الغنائي، إلا نشيدا تغنى بالحياة كما فهمها عمر الخيام "الشخصية الخارجة عن المألوف" أو "الروحاني الذي تفصلنا عنه أكثر من 20 قرنا"، في خضم "ملحمة قديمة غير أنها تنطق بلسان الحاضر" بتعبير آلان فيبر المدير الفني لهذا المهرجان الذي يتواصل إلى السبت المقبل. حميد الأبيض (فاس)

5 آلاف شخص تابعوا “ملحمة الخيام” بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البيئة محور مهرجان الفيلم العربي القصير بإفران

القضاء يناقش المساطر العقابية في صعوبة المقاولة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات