“فـيـلـم” أشـاور …”المـلـعـون”

توقف عرضه في اليوم الخامس وحديث عن إزعاجه "جهات محافظة" استطاع محمد أشاور، بعد سنوات من الاجتهاد والعمل والبحث عن مصادر التمويل، إخراج أول أفلامه الطويلة إلى الوجود بعنوان "فيلم"، لكن فرحة المخرج الموهوب لم تكتمل بمولوده الجديد، إذ سرعان ما توقف عرض الفيلم بعد نزوله إلى القاعات السينمائية، ولم يمر عليه أسبوع بعد على بداية عرضه. السبب؟ لا أحد إلى اليوم استطاع معرفته، رغم أن أخبارا راجت حول "نفور" الجمهور منه بسبب تضمنه للقطات جريئة ولتوظيفه حوارا "صادما"، مع أن أفلاما مغربية أخرى لم تكن تقل عنه جرأة، عرضت لأسابيع في القاعات بل وحققت أرقاما قياسية في شباك التذاكر. المخرج نفسه، لم يخف استغرابه الأمر. إذ قال في اتصال مع "الصباح": "ذهبت لرؤية فيلمي الذي كان معروضا في قاعات ميغاراما السينمائية بالبيضاء، لكني فوجئت بالقائمين على شبابيك التذاكر بالمركب السينمائي يقولون لي إنه تمت إزالته رغم أن ملصقه كان لا يزال معلقا، وحين حاولت الاستفسار من مدير المركب السينمائي في ذلك الوقت، أجابني بأن الفيلم لم يستقطب جمهورا كبيرا فاضطروا إلى وقف عرضه... لم يقنعني الجواب لأنه كانت هناك أفلام حققت أرقاما أقل منه ولكنها ظلت معروضة ولو في بعض القاعات الصغرى".لم يفقد أشاور الأمل وجال ب"فيلم" (ه) عبر العديد من المدن المغربية. في القاعات السينمائية الأخرى التي عرض فيها، أكمل أسبوعا على الأقل، لكن القائمين على بعض تلك القاعات قالوا للمخرج حينها "شبعنا سبان من عباد الله"."اللعنة" التي حلت على "فيلم" لم يجد لها أشاور أي تفسير. "لا يمكنني أن أجزم بشيء. هل هو رد فعل من طرف الجمهور أم هي جهة أخرى خفية"، يقول. ثم يضيف "أعتقد أن خطاب الفيلم كان مزعجا لأنه يتوجه إلى جهات محافظة...".لن يتوقف الأمر عند حدود القاعات السينمائية، بل حتى حين فكر أشاور في توزيع الفيلم قانونيا على شكل "دي في دي" ثمنه 20 درهما، وجد صعوبة في ذلك، حين قال له أحد الموزعين "سمعت على هاد الفيلم، وما يمكنش نتحمل مسؤوليتو"، يروي لنا أشاور بنبرة لا تخلو من مرارة.لن يتوقف مسلسل الصدمات عند هذا الحد، بل إن لجنة الدعم السينمائي الجديدة (في حكومة عبد الإله بن كيران)، رفضت منح دعم ما بعد الإنتاج ل"فيلم" أشاور، دون أسباب واضحة، رغم أن الفيلم من الناحية الإبداعية، لا غبار عليه. وهو ما يعلق عليه المخرج، في الاتصال نفسه، بالقول "أنا لم أقدم سيناريو لمشروع فيلم يمكن أن يتفق أعضاء اللجنة على مضمونه كما يمكن أن يختلفوا، بل إن فيلمي خرج إلى الوجود بإمكانياتي الخاصة، كما يمثل اليوم إضافة في تاريخ السينما المغربية، شاء من شاء وأبى من أبى. الدعم الذي سيمنح له سيكون على أساس تشجيع المبادرات الفردية ومساعدة المخرجين الشباب على تقديم نموذج آخر من السينما. إنه فيلم قائم الذات فيه اجتهادات على مستوى الصورة والديكور والصوت... وأظنه يتوفر على قيمة إنتاجية".واعتمد أشاور في إخراج فيلمه على فكرة غير مسبوقة في السينما المغربية، حول صراع مخرج مهووس بحب السينما، من أجل إيجاد فكرة سيناريو نموذجي لفيلمه الأول، خاصة أنه مقيد في ما يخص مواضيع الجنس والدين والسياسة، الثالوث الذي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، لكنه في الوقت نفسه يغري جميع المبدعين. وفي خضم بحثه عن الفكرة، يصطدم المخرج/البطل مع صديقه ومع حبيبته، ويدخل معهما في معارك جانبية، كما يدخل في دوامة من الشك و"البارانويا" في كل من حوله، تكاد تؤدي به إلى الجنون.واستطاع أشاور في فيلمه، الذي لا يبتعد كثيرا عن واقعه الحقيقي، الخروج برؤية سينمائية متميزة، لم تكن في حاجة إلى ميزانية ضخمة، أو إلى عناصر إبهار كثيرة، مع توظيف لائق لبعض اللقطات والمشاهد الجريئة التي لم تكن أبدا مجانية، إضافة إلى حس كوميدي ساخر، عرف به المخرج في أعمال سابقة.ومع أن كيفية تلقي الفيلم من شأنها أن تختلف حسب المستوى الثقافي والاجتماعي لكل مشاهد، وذوقه أيضا، إلا أن «فيلم»، على العموم، (وهذا هو الأهم)، يشكل إضافة نوعية في سجل الإنتاجات السينمائية الوطنية، كما أن مستواه الإبداعي بعيد كل البعد عما «يتحفنا» به بعض مخرجينا «السوليمائيين» الذين يمكن أن تصنف «أعمالهم» في خانة المحاولات الإخراجية الفاشلة. (ومع ذلك فعدد كبير منهم يحصل على الدعم). يشار إلى أن «الصباح»، سبق أن أشارت في مقال سابق بعد عرض الفيلم، إلى أن بعض مشاهده وحواره اللاذع، قد يثيران الكثير من اللغط من طرف بعض التيارات المحافظة داخل المجتمع. لكن يبدو أن «خفافيش الظلام»، اختارت، بدل الصراخ والخروج إلى الواجهة، العمل بالمثل المغربي القائل «الدق والسكات». نورا الفواري

“فـيـلـم” أشـاور …”المـلـعـون”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زمن الردة على الفن… هم السابقون ونحن اللاحقون!

"طيور الظلام" تدعو إلى "تنظيف" السينما في مصر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات