فضيحة العنصرية … باريس تحت الضغط

النادي ينتظر عقوبات قاسية بسبب القضية والحكومة تجره للقضاء اهتزت كرة القدم الفرنسية الأسبوع الماضي على فضيحة مدوية بطلها باريس سان جيرمان، بعدما كشفت وسائل إعلام محلية متعددة تورط الفريق في ميز عنصري غير مسبوق في أكاديمياته عبر العالم. وأكدت التسريبات اعتماد إدارة باريس على تصنيفات عرقية للاعبين صغار يلتحقون بأكاديمياته، إذ وضع تقسيمات مثل «أصلي» بالنسبة للاعبين فرنسيي الأصل، ثم «إفريقي» بالنسبة للاعبين المتحدرين من أصول إفريقية جنوب الصحراء، و»مغاربي» بالنسبة للاعبين المنتمين لدول شمال إفريقيا، و»آسيوي» بالنسبة للاعبين الآتين من دول آسيوية، وهي تصنيفات ممنوعة في القانون الفرنسي والأوربي والدولي، ويعاقب عليها. ودخلت أول أمس (السبت) وأمس (الأحد) الحكومة الفرنسية على الخط، معتبرة أنها فتحت تحقيقا بمساعدة اتحاد الرابطة الفرنسية التي تجمع الأندية الفرنسية، ثم الاتحاد الفرنسي والأجهزة القضائية، من أجل إثبات ذلك، وهو ما قد يعرض بطل فرنسا في السنوات الأخيرة إلى عقوبات قاسية، يمكن أن تصل إلى غرامات مالية ضخمة ناهيك عن خصم نقاط مهمة من رصيده، واعتقال المسؤولين عن هذه الفضيحة لفترة تصل إلى خمس سنوات. التهمة ثابتة نقلت وسائل الإعلام الفرنسية شهادات لاعبين ومسؤولين أكدوا فيها تعامل أكاديميات باريس ب»التصنيف المشبوه» منذ سنوات، بل أكدوا أن ذلك التصنيف يعتمد حتى في الاختبارات التي تخول للاعبين الانتقال من فئة إلى أخرى، إلى غاية الفريق الأول. وقالت المصادر نفسها إن الفريق الباريسي يفضل اللاعبين المتحدرين من فرنسا ويمنحهم الأولوية على غيرهم، إذ يعمل المؤطرون داخل الفريق بهذا النهج منذ سنوات. وقالت صحيفة «ليكيب» إن بعض الوكلاء الذين يعملون على انتداب لاعبين شباب من فرق ودول أخرى، باتوا يعملون بهذا التصنيف وأنهم يختارون اللاعبين حسب أصولهم، وهو ما يمنع منعا باتا في فرنسا وأوربا. وأكدت التسريبات التي نقلتها الصحيفة نفسها، أن المسؤولين عن التكوين والانتدابات بالفريق سبق لهم رفض ضم لاعبين فقط لأنهم من أصول غير فرنسية، وليس بسبب مستواهم الرياضي والتقني. وقالت الصحيفة إن مسؤولين بالفريق استخدموا التصنيف المثير للجدل من أجل اختيار لاعبين شباب وتنقيطهم في الفترة ما بين 2013 و2018، بل كشفت أسماء بعض اللاعبين مثل يان غبوهو لاعب روان، والذي رفض انتقاله إلى باريس بسبب أصوله الإفريقية، مضيفة أن المكلف آنذاك بالانتدابات مارك ويستيرلوب كرس هذا المبدأ في تعاملاته واجتماعاته، عندما رأى أن هناك لاعبين أفارقة كثيرا بالفريق. اعتراف باريس يثير صدمة لم تنتظر إدارة باريس كثيرا قبل أن تعترف بما نسب إليها، لكن المسؤولين بإدارة النادي نفوا علمهم بالموضوع، بل أكدوا أنهم سيفتحون تحقيقا لإثبات ذلك. وأوضحت وسائل إعلام فرنسية ربطت الاتصال بإدارة باريس، أنهم حصلوا على تأكيد بوجود هذه التصنيفات، خاصة من محاضر اجتماعات عالية المستوى أجريت بمقر النادي الفرنسي بباريس. وفي بلاغ رسمي، أعلن نادي باريس سان جيرمان عن فتح تحقيق داخلي في الاتهامات الموجهة إليه، إذ أكدت وكالة الأنباء الفرنسية أن مصدرا مسؤولا داخل الفريق أوضح أن التحقيق جار مع المسؤولين بالأكاديميات. وأوضحت وكالة الأنباء أن المصدر نفسه اعترف بوجود تلك السجلات العنصرية، وأن إقرارها غير قانوني بالمرة، ويستوجب تحركا عاجلا داخل الفريق، مشيرا إلى أن قسم "أكاديمية الشباب" هو من عمل بها، "بمبادرة من الموظفين المسؤولين به". وقال المصدر المسؤول إن الهدف من التحقيق "فهم كيف أمكن لممارسات كهذه أن تنفذ، واتخاذ قرار بشأن الخطوات اللاحقة"، نافيا علم الإدارة بذلك، مضيفا أنه لن يتخذ أي إجراءات عقابية ما لم يحصل على أدلة ملموسة. الحكومة تتحرك أمام هذا الجدل الخطير تحركت أصوات من داخل الحكومة الفرنسية معبرة عن سخطها وغضبها، مبرزة أنها ستتخذ التدابير القانونية في حق كل من ثبت تورطه في الفضيحة. وقال روكسانا ماراسينوني، وزير الرياضة الفرنسي، إن الحكومة لن تسمح بهذه التجاوزات التي تمس سمعة فرنسا وكرة القدم الفرنسية، وإن الوزارة اتخذت التدابير اللازمة من أجل بدء تحقيق مستقل وشفاف لتوضيح الأمور وإظهار الحقيقة كاملة. ووعد الوزير الفرنسي أنه سيتخذ إجراءات تأديبية وعقابية في حف كل من تبث تورطه في الفضيحة، كما أبلغ رئيس الاتحاد الفرنسي بضرورة إعطاء أهمية كبيرة للملف وتوضيح كل ملابساته في أقرب وقت ممكن. وقال المسؤول الحكومي الفرنسي إن الحكومة ستلجأ إلى القضاء من أجل متابعة المسؤولين، لأنهم لطخوا صورة فرنسا، خاصة أن الأمر يتعلق بفريق كبير يلعب في بطولات أوربية وعالمية عريقة، ويتابعه الملايين في كل أرجاء العالم، ويضم نجوما كبارا. ورفض ماراسينوني التطبيع مع جرائم العنصرية، لأنها خطيرة وتمس فرنسيين أنفسهم. غليان بالاتحاد بدورها قالت ناتالي بوي، رئيسة الرابطة الفرنسية لكرة القدم إن ما كشفت عنه الصحافة "خطير" ويجب التعامل معه بالصرامة اللازمة. وأضافت المسؤولة الفرنسية أنه لا يمكن السماح بمثل هذه الأمور في كرة القدم الفرنسية، لأنها تتعارض مع النصوص القانونية للدولة، وأن الرابطة وضعت بنودا في قانونها لنبذ العنصرية، وتعمل على ذلك طيلة السنوات السابقة. بدوره ثار نويل لا غرات رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، في وجه باريس قائلا إنهم لا يملكون الحق في التعامل مع اللاعبين الشباب بناء على أصولهم ولون بشرتهم. وقال المسؤول الفرنسي إن كرة القدم رياضة تجمع بين الشعوب وتكرس مبدأ التضامن والتآخي لا التفرقة والعنصرية، مضيفا أنه سيلتقي الأشخاص المسؤولين عن هذه الفضيحة قبل اتخاذ أي قرار بالمتابعة القضائية. تدويل القضية لم تقف فضيحة باريس عند الحكومة الفرنسية والاتحاد المحلي للعبة، بل تجاوزت ذلك إلى جمعيات ومنظمات عالمية معروفة تنشط في محاربة العنصرية، إذ طالب بعضها باتخاذ ما يلزم لمعاقبة المتورطين. وتعرضت إدارة باريس إلى انتقادات شديدة من منطمة "إس أو إس راسيسم" المعروفة بفرنسا، والتي طالبت بمحاكمة المسؤولين عن هذه الفضيحة. وقال هيرمان إيبونغ نائب رئيسها، إن الجمعية تتابع القضية عن كثب وإنها صدمت من هول ما تم الكشف عنه، وإن هذه التصرفات مرفوضة في فرنسا وفي الرياضة على العموم. وأضاف المسؤول نفسه أن الجمعية ستتابع المسؤولين أمام القضاء، وأنها لن تسمح بتكرار ذلك، شأنها شأن منظمات أخرى. ومن المقرر أن يتدخل الاتحاد الأوربي للعبة والاتحاد الدولي ل"فيفا" في القضية، إذ سيطالب بتحقيق شفاف ومستقل لمعرفة ملابسات الحادثة، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمعاقبة المتورطين. ويعرف على الاتحادين محاربتهما القوية للعنصرية في الملاعب، إذ تم توقيف فرق عريقة بأوربا لهذا الشأن، بعدما ثبت تورطها في العنصرية، وهو ما يخاف منه باريس الذي يعتبر أقوى فريق فرنسي في الفترة الحالية، بل يسيطر على كل المنافسات المحلية منذ سنوات. ويجد ملاك النادي أنفسهم في موقف حرج جدا، ينضاف إلى مشاكل أخرى يتعرض لها الفريق من قبيل تجاوزاته المالية التي أعلنت عنها الصحافة الفرنسية نفسها، وتورط أشخاص نافذين فيها في مقدمتهم رئيس "فيفا" السويسري جياني إنفانتينو وميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوربي السابق والموقوف بتهم الفساد والرشوة. وتأتي هذه المستجدات في وقت يسارع فيه باريس الزمن من أجل تصحيح ممارساته المالية خوفا من عقوبة الاتحاد الأوربي، والذي يهدده بالإبعاد من البطولات القارية لسنوات مقبلة، وهو ما سيعتبر ضربة قاسمة للفريق الفرنسي. إنجاز: العقيد درغام

فضيحة العنصرية … باريس تحت الضغط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضربة موجعة لبركان

فيتا كلوب يستعد للرجاء بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات