مصحات خاصة… خطر لا مفر منه

مغاربة لا يجدون بديلا عنها ويضعون أرواحهم بين أيديها رغم المشاكل التي تتخبط فيها مرضى قصدوا المصحات الخاصة لإجراء عمليات جراحية بسيطة، إلا أنهم غادروها بعاهات مستديمة، أو فارقوا الحياة. مرضى ارتأوا أن يتلقوا العناية الخاصة بتلك المصحات وفضلوها على المستشفيات العمومية، إلا أنهم فوجئوا بأنهم دخلوا الجحيم ودفعوا مقابل ذلك أموالا طائلة. مشاكل بالجملة تشهدها المصحات بالبيضاء،. مشاكل كانت كافية بأن تضعها في دائرة الاتهام، وتؤكد أن أمورا غير طبيعية تحدث داخل غرفها.«تمديد» أمد الحياةتعتبر مصحة بأحد الشوارع بالبيضاء الراقية، نموذجا لواقع هذا العالم الذي يلفه الغموض رغم مساحيق التجميل التي يحاول الكثير وضعها عليه. مصحة ارتأت أن تكلف شركة خاصة لحراسة أبوابها، تأهبا لأي اقتحام من عائلات المرضى الذين يفارقون الحياة بسبب الأخطاء الطبية أو الإهمال. ثلاثة رجال في مقتبل العمر متسمرون بباب المصحة، واثنان بالقرب من مكتب الاستقبالات، يرتدون ألبسة موحدة ويقفون بالمرصاد لأي محتج حاول اقتحام المكان وإيصال شكواه عن إهمال إدارة المصحة إلى مسؤوليها رغم أنه دفع مبالغ مهمة مقابل خدمات جيدة. الواجهة الأمامية للمصحة، لا تؤكد أنه بهذا المكان فارق العديد من المرضى حياتهم ليس لأن حالاتهم متدهورة، إنما لأن المسؤولين عنها أهملوهم وكانوا سببا في وفاتهم، حسب ما أكده الذين تحدثت إليه "الصباح" في عين المكان، إذ قال حارس للسيارات بالشارع المقابل للمصحة، إنه خلال الشهور الماضية، هاجم عدد من الأشخاص المصحة، مستنكرين الطريقة التي عُومل بها مريض من عائلتهم. وأضاف المتحدث، أن هؤلاء كانوا يصرخون ويؤكدون أن قريبهم المريض الذي نقل إلى المستشفى بعد أن دخل في غيبوبة، فارق الحياة، إلا أن الإدارة لم تخبرهم بالأمر، وتركت الأجهزة في حالة اشتغال، موهمة إياهم بأنه على قيد الحياة. وأوضح أن العائلة اكتشفت الأمر بعد أن أخبرها بذلك ممرض طلب عدم كشف هويته للإدارة، لأنها قد تطرده، مشيرا إلى أن الإدارة اكتفت بالاتصال بمصالح الأمن التي حلّت بالمكان وحاولت تهدئة عائلة الفقيد. "المصحة رفضت إخبار العائلة بوفاة المريض من أجل الاستفادة من مستحقات المدة التي قضاها بغرفة العناية المركزة"، موضحا أن العائلة اضطرت إلى مغادرة المكان بعد أن سمحت لها إدارة المصحة بتسلم الجثة لبدء إجراءات عملية الدفن، إذ لم تتابع المسطرة القانونية من أجل أن تكشف حقيقة المصحة إلى الرأي العام. وهذا بالضبط ما يحدث مع الكثير من ضحايا المصحات الخاصة، إذ يكتفون بكتم ما حدث لهم عوض إخبار السلطات وفضح ما جرى لهم، لأن المصحات غالبا ما تلجأ إلى تهدئة عائلة المريض بإعفائها من دفع باقي تكاليف العلاج مقابل إبقاء الأمر سرا. الواقع المر بعد تجاوز حراس الشركة الخاصة الذين لا يتركون الفرصة تفتوهم قبل أن يمعنوا النظر في كل من حاول تجاوزهم، وجدنا شابة شقراء ترسل ابتسامتها في كل الاتجاهات، مؤكدة أنها في خدمة المرضى وزوارهم، وبطريقة لبقة جدا تحاول معرفة سبب الزيارة. "رائحة المستشفيات" تنبعث من المكان، إلا أن رائحة أخرى امتزجت بها. رائحة "الخواض" حسب تعبير أحدهم كان في زيارة مريض بالمصحة. فخلف تلك النظافة المفرطة، تخفي المصحات الخاصة واقعا آخر، بعيد كل البعد عما تظهره. هو واقع يكتشفه فقط من شاءت الأقدار أن يكون زبونها، مثل ما حدث لعائلة سنة 2006، التي أكدت أن المصحة أهملت ابنها الشاب، ولم تعتن به. تقول العائلة إنها فوجئت في أحد الأيام باتصال هاتفي من طبيب المصحة يخبرها بسقوط ابنها من الطابق العلوي من المصحة لتنتقل وتجده بقاعة الإنعاش يلفظ أنفاسه الأخيرة. وأضافت العائلة أن ابنها أصيب بوعكة صحية بسيطة دخل إثرها إلى مصحة لمدة خمسة عشر يوما، صرح عقبها طبيبه أنه يتعافى لتفاجأ بتلك المكالمة الهاتفية. توضح الأسرة أنها لم تقتنع بالتفسير الذي قدمته إدارة المصحة بأن الشاب انتحر بسبب نسيان باب البهو المؤدي إلى غرفته مفتوحا، بل حملت المؤسسة المسؤولية الكاملة في عدم العناية اللازمة، إذ أن المرضى النفسيين ينبغي أن يكونوا في الطابق السفلي تحت أنظار حراسة وعناية طبية، لأنهم غير مسؤولين عن أفعالهم، مشددة في هذا السياق على مسؤولية إدارة المصحة الكاملة في الإهمال واللامبالاة التي طالت ابنها.تجاهل الإدارة وعدم اعترافها بالخطأ، جعل العائلة تنظم وقفة احتجاجية أمام المصحة، نددت فيها بما اعتبرته "إهمالا في القيام بالعناية الطبية اللازمة"، مؤكدة أن القيمين عليها تسببوا في وفاة الشاب، ولم تتحمل إدارة المصحة عناء الاعتذار إلى العائلة أو حتى الاعتراف بخطئها، وظلت تواجهها بتلك القصة التي اختلقتها.غياب البديلإلا أنه في ظل كل المشاكل الصحية التي من الممكن أن تتسبب فيها المصحات الخاصة بالبيضاء، لا يجد البيضاويون بديلا عنها، معتبرين أن المستشفيات العمومية تشهد المشاكل ذاتها أو أكثر منها، ولا يمكنها أن توفر لهم حتى الاستقبال اللائق. من أجل ذلك، يطالب الكثير من المرضى والمتتبعين بأن يسلط الضوء على تلك المشاكل التي تتسبب فيها المصحات باعتبار أن المريض يدفع مقابل خدماتها مبالغ مهمة من المال، ويلجأ إليها بحثا عن خدمات ذات جودة عالية والحرص على حياته، والاهتمام به، دون أن تعتبره "مصدر رزق". في هذا الصدد، قالت امرأة كانت في زيارة لإحدى صديقاتها، إن المصحة الخاصة تعتبر المكان الوحيد الذي من الممكن أن يجد فيه المريض العناية الخاصة، إلا أنه في الكثير من الأوقات يصبح الأمر مستحيلا بسبب الاستهزاء ببعض المرضى، إذ يكلف الأطباء الممرضين بتتبع حالات المرضى، لأنهم يكونون إما بمصحة أخرى أو بالمستشفيات العمومية أو في عياداتهم، الأمر الذي يتسبب في مشاكل كثيرة. إيمان رضيف

مصحات خاصة… خطر لا مفر منه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مصحات بالبيضاء...بالوعة أموال

"النوار" يؤرق مرضى مصحات بالرباط

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات