التصريح الحكومي … كل يغني على ليلاه

التصريح يحتاج إلى شفافية وزير العدل لمد جسور الثقة بين العدالة والمتقاضين لقد كاد القضاء يعلن إفلاسه بعد أن وجه له خصومه أصابع الاتهام، وأصبح شماعة يعلق عليها الآخرون فشلهم وأخطاءهم ، وفقد دوره وأصبح في واجهة الأحداث السلبية في مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية والتقارير الأجنبية ، وأبان عن عجزه في الفصل في المنازعات في الآجال المعقولة نتيجة عجز الدولة عن توفير القضاة والأطر المؤهلة الكافية، وعدم توفير البنايات والتجهيزات الحديثة لمواجهة تزايد عدد القضايا، وعدم تفعيل الطرق البديلة في فض النزاعات، وغياب تنظيم محكم للمهن القضائية .وأضحى الأمن القضائي مطلبا أساسيا في المجتمعات الديمقراطية، وحاجة ملحة للاقتصاد ، وتمحور بصفة خاصة على المهمة الحمائية للقضاء في المجتمع المعاصر، وتوفير آليات تضمن حسن سير القضاء كاستقلاليته وجودة أحكامه وسهولة الولوج إليه ونجاعة إدارته ، بالإضافة إلى الضمانات التي تضعها الدولة لتنفيذ قرارات العدالة كركيزة أساسية لحاجة المجتمع .وقد جاء في تقرير 50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب وآفاق 2025 : «من الأساسي أن يكون وعي تام بالمخاطر التي يمكن أن تعترض العمل الإصلاحي ومن بينها : عدم التحكم في أجندة الإصلاحات بسبب تزامن توقيتها أو نظرا لنقص في انسجامها الكلي. «ورغم أن برنامج حكومة بنكيران جاء متضمنا من بين توجهاته الخمسة شق يتعلق بما سبق بترسيخ دولة القانون والجهوية والحكامة ... إذ تطرق فيه إلى إصلاح منظومة العدالة وترسيخ الحقوق والحريات والأمن، دونما استحضار ماجاء في التعليمات العامة لجلالة الملك بمناسبة الدورة التشريعية الأولى للبرلمان بتاريخ 12/10/2007 ، ووفق المفهوم العميق الذي أراده جلالته بخلق مشاورات واسعة مع المجتمع المدني والمنظمات والشركاء الدوليين على شكل ميثاق وطني للتغيير العميق والشامل للقضاء، فإننا لا نلمس أي دليل على أنه هناك برنامج مضبوط من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة ، بل لا توجد أي استراتيجية واضحة في غياب الهاجس لحل مشاكل العدالة حيت وضع تصورا للمحاور الكبرى التي تكون ذات أولوية في عمل القطاعات الوزارية التي يجب أن تلتزم بتنفيذه، وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات، واختزال التصريح في هذا المضمار في : الأمن القضائي و الاهتمام بالقضاة والسجون معرجا على تطوير الإطار القانوني المنظم لمختلف المهن القضائية وتبسيط المساطر والإجراءات القضائية وتوحيدها، والتكوين الإعدادي والتكوين المستمر لمساعدي القضاء، وترسيخ وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة، وتكثيف التعاون الدولي .فنحن لا نشك في نوايا الحكومة في الشق المتعلق بإصلاح منظومة العدالة، حتى لا نزرع الأحقاد والفتن، وحتى لا نعكر نحن المفوضين القضائيين صفو العلاقات الاجتماعية الإيجابية مع وزير العدل والحريات، فقد قال سبحانه وتعالى «وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله» ، فبقدر ما نعترف بخيبة الأمل في معالجة القضايا المطروحة الخاصة بمهنة المفوضين القضائيين نعتبر التصريح الحكومي يحتاج إلى شفافية وزير العدل والحريات في إدارة هذا الملف لمد جسور الثقة بين العدالة والمتقاضين، لأن حضوره التواصلي والمهني كان دائما ينصب في تقديم الدعم والرعاية للمفوضين من أجل كرامتهم وحسن تطبيق القانون، والذي ربما سيكون الأخطر والأكثر حساسية من ملف القضاة، لأنه لا فائدة من وجود أفضل الأحكام وأحسن القضاة إذا لم تنفذ قراراتهم، فالقاضي والمحامي يشتركان في صناعة الحق، والمفوض القضائي يسعى بمفرده في تجسيد هذا الحق ميدانيا، وتأمين حركة رؤوس الأموال وتشجيع الاستثمار، ولربما تكون المعركة شرسة، غير أنه بالحكمة نتجنب الفتن في ظل الحوار والتشاور .لذلك وجب البحث عن كيفية التعاطي مع ملف المفوضين القضائيين، باعتبارهم في قلب الاقتصاد والتجارة ، والضامنين لفرض احترام القواعد وفق أحكام القانون ، فمهما كانت القراءات الإيديولوجية فإن هناك حقيقة واحدة وهي : أن الإصلاح يبدأ بالقانون، مع وضع جدول زمني، ولن نجد هذا الأمل إلا من خلال شخص مصطفى الرميد، لذلك ندلي ببعض الملاحظات -بروح وطنية- التي نعتقد أنها كفيلة بتقوية الإصلاح، مع ما يجب أن تتضمنه آفاق عمل وزارة العدل والحريات من حسن تطبيق ما هو موجود الآن، من بينها: 1 - الإسراع بتعديل القانون المنظم للمهنة لضمان الطابع الحر لها واستقلالها ، واحتكارها لتفادي المنافسة الشرسة لأعوان المحكمة والجمارك والضرائب ... وتحديد المسؤوليات ، مع مراجعة المنظومة القانونية التي لها علاقة مع المهنة تماشيها مع القوانين المقارنة، ومراجعة لائحة الأجور التي لن تكلف خزينة الدولة درهما واحدا . 2 - توسيع الاختصاصات لتشمل العقار والأصول والسفن والطائرات، وتحصيل الديون العمومية ، وحضور فتح الأظرفة والمناقصات، وبيوعات الدولة، والوساطة .. وتوسيعها من اختصاصات محكمة إلى اختصاصات جهة، مع مراجعة نظام ولوج المعهد الأعلى للقضاء وبرامج تكوين تتلاءم مع مرحلة الانفتاح والتحديث والعمل بوسائل تكنولوجية حديثة .3 - إحداث مدونة للتبليغ والتنفيذ وفي مضمنها قاضي التنفيذ ، لتوحيد المناهج وتبسيط المساطر ، مع إعداد مدونة أخلاق المهنة .4 - إسناد مهام المراقبة والتأديب للهيأة الوطنية والمجالس، وتوفير الحصانة والحماية للمفوضين القضائيين وكتابهم، مع خلق مجلس أعلى للمفوضين القضائيين .وسنضاعف الجهود، ونراعي مصلحة جميع الأطراف المتداخلة في هذه العملية، لنصل إلى الغاية من خلق هذه المهنة خدمة للقضاء والمتقاضين . سعيد بورمان: (رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء)

التصريح الحكومي … كل يغني على ليلاه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إغفال للإجراءات العملية

3 أسئلة: البرنامج الحكومي جاء بمبادئ عامة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات