“أرامكو” تصنع أحلام الأطباء والممرضين

شباب يفدون على مقرها بالبيضاء من مختلف المدن للخضوع لاختبارات الحصول على عقود عمل في ألمانيا فيما كانت الحافلة تطوي الكيلومترات، من الخميسات إلى الدار البيضاء، كانت إكرام، البالغة من العمر 21 سنة، تتأمل أحلامها وهي تطوي الدقائق، تتسارع دقات قلبها، والحافلة تقترب من دخول المحطة الطرقية أولاد زيان، قبل أن تستقل سيارة الأجرة "بغيت نمشي لثانوية الخنساء عافاك"، قالت لسائق سيارة الطاكسي.تاهت لبضع دقائق وهي تقف أمام الثانوية بحثا عن مؤسسة "أرامكو" الألمانية. بينها وبين الحلم بضع خطوات أخرى، غير أنها استحالت كيلومترات، وستخضع لامتحان، سيحدد مصيرها، ويضع نهاية لرهان قديم وضعته مع أسرتها وهي تطالبها بدراسة مهنة التمريض لثلاث سنوات، فيما كانت العائلة مصرة على ألا تهدر المال في تخصص آفاقه محدودة في المغرب."كانت بمثابة مخاطرة، بعد الحصول على الدبلوم، هل سأجد عملا؟ وأنا أتابع يوميا احتجاجات ممرضي معاهد الدولة ، وأخبار مباريات الإدماج في العمل، وصعوبة الحصول على فرصة في القطاع الخاص، لكنني قبلت بكل هذه المخاطرة، وتسجلت في مدرسة للتمريض"، تقول إكرام، التي تنتظر دورها لاجتياز اختبار الحصول على عقد عمل في أحد مستشفيات ألمانيا، "أنا خائفة" تقول إكرام والرعشة تعقد لسانها عدة مرات، "الامتحان بالعربية، دوري بعد قليل، إذا نجحت سأتدبر أمري في السكن في الدار البيضاء للخضوع لتكوين مكثف في اللغة الألمانية لحوالي ثمانية أشهر، بعدها سأغادر إلى ألمانيا حيث ينتظرني العمل". تفيض عبارات إكرام أملا وطموحا، لذلك لم ترد الخوض في أي احتمال آخر غير اجتياز الامتحان بنجاح، والالتحاق ببلاد أنجيلنا ميركل المرأة التي لم تفتح أبواب ديارها للاجئين السوريين فحسب، بل فتحت الآفاق لخريجي عدة مهن خاصة الأطباء والممرضين للعمل والتكوين، ومـــزقت بنود اتفاقية سابقة تلزم ألمانيا باستيراد حاجياتها من الموارد البشرية من الاتحاد الأوربي فقط.ياسمين بدورها قدمت من فاس، وفي يدها دبلوم التمريض، وحبره الجديد يبرق، "عاد خذيت الدبلوم، بغيت نمشي لألمانيا"، تقول ياسمين، وفي عينيها دمعة خوف من الفشل، "يا ربي ننجح". تنتظر ياسمين وإكرام وأخريات، حضرن بكامل أناقتهن، وفي أياديهن الناعمة حملن ملفات الترشيح لاختبار ركوب آلة الزمن إلى حلم ألمانيا، "يفد علينا 90 ممرضا وممرضة يوميا، عدا الذين يقدمون طلباتهم عبر الأنترنيت"، يقول المدير العام لمؤسسة أرامكو، التي أرسلت حتى الآن 120 طبيبا مغربيا للعمل في ألمانيـــا، وقبلها التكوين في تخصصات معينة، وهجرت المئات من الممرضين، منهم الذين قضوا سنوات في العمل في مستشفيات وزارة الصحة، قبـــل أن تطردهم ظروف العمل المزريــــة، بما فيها هزالة الأجور والتعــــويضات وندرة فرص الترقي، "أجل هناك ممرضون عملوا سابقا في مستشفيات من قبيل ابن رشد بالدار البيضاء، لكن شرطنا ألا يتجاوز أعمار المرشحين أربعين سنة"، يضيف مدير المؤسسة عبد الرحمان سماعنة.حركــة متــواتـرة في باب المؤسسة، شابــات ونســاء ناضجــات ورجال وشبــاب يدخــلون ويخرجون، والتــــوتر يرتسم باد على محياهم. الخــوف يتـراقـــص في عيونهم، فبينهم وبين الحلم خطوة صغيرة، من يتعثر فيها يفوته قطار أنجيلا ميركل.ضحى زين الدين

“أرامكو” تصنع أحلام الأطباء والممرضين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

التحقيق مع موظفين بمديرية التجهيز بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات