المسؤولون القضائيون بعيدون عن خطاب 2009

الشنتوفي رئيس نادي قضاة المغرب قال إن الإصلاح ينبغي أن يركز بشكل كبير على إعادة النظر في الإدارة القضائية طالب عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، بإعادة المناقشة العامة لمشروعي القانونين التنظيميين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، لأجل سلطة قضائية حقيقية قوية ونزيهة موثوق بها. وتساءل في حوار مع «الصباح»، عن التنزيل الفعلي لمضامين الخطاب الملكي من قبل أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في الشق المتعلق باختيار المسؤولين القضائيين القادرين على تنزيل الإصلاح. أجرت الحوار: كريمة مصلي اقترب البرلمان من افتتاح دورته الخريفية، هل تعتقدون أنه ستتم المصادقة على مشروعي القـــــانونين التنظيميين؟ لا يمكنني الجزم بخصوص إمكانية المصادقة على القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة من طرف البرلمان في الدورة الخريفية المقبلة، وذلك لعدم معرفتي بطريقة الاشتغال الداخلية للبرلمان ومدى استعداد الفرق البرلمانية كلها للمناقشة وتقديم بدائل ومقترحات وتعديلات جديدة على النص المقدم من طرف الحكومة، لكن ما أتمناه فعلا ونطالب به جمعية مهنية هو إعادة النص إلى النقاش العام من جديد، والاتفاق من طرف الجميع على نص يضمن وجود سلطة قضائية حقيقية قوية ونزيهة موثوق بها ويحتكم إليها الجميع في طمأنينة تامة، وهي تؤدي دورها المنوط بها دستوريا والمتمثل في حماية الحقوق والحريات. وكي يتم هذا الأمر لا بد من التأسيس لذلك بقوانين ومؤسسات تضمن الاستقلال القانوني والواقعي والنفسي للقاضي عنصرا بشريا في هذه السلطة القضائية، لأنه بدون تركيز الجهود على العنصر البشري من خلال إحداث تغييرات نوعية بهدف المساعدة في تغيير نمط التفكير المألوف وتكوين جيل قادر ذاتيا على الدفاع عن استقلاله وخلق نوع من الرقابة الذاتية على المستوى المهني والسلوكي، فإن أفضل قوانين العالم لن تكون مفيدة لنا على أرض الواقع. ولذلك نعتبر أن القانونين التنظميين المتعلقين بالسلطة القضائية هما الركيزة الأساسية لتطبيق باقي القوانين. يرى البعض أنه بعد سحب الأغلبية في الدورة السابقة لمقترحات تعديلاته والتطمينات التي أعطيت بشأن استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل لم يعد هناك أي اشكالات في مشاريع القوانين تلك، ما رأيكم في ذلك؟ لا غير صحيح بالمرة ، نعم استقلال النيابة العامة هو مطلب هام، لكنه ليس هو كل المشكل في مشروعي القانونين التنظيميين بل هناك مطالب أخرى لها ارتباط كبير باستقلال القضاء مؤسساتيا ونقصد هنا المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤسسة منوطا بها تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة وحتى يقوم المجلس المنتظر بهذا الدور، فإنه يتعين أن تكون طريقة انتخابه شفافة وتعطي درسا نموذجيا في الشفافية والديمقراطية، كما يتعين أن يشتغل ببنية إدارية محترفة يعتمد في اختيارها على معايير الكفاءة والتنافسية الواضحة، كي يعطي المثال لباقي القطاعات الأخرى داخل الدولة فضلا عن الاشتغال بمنطق الحكامة والحقوق في تدبير الوضعيات الفردية للقضاة والمشاركة بشكل فعال في القضايا العامة التي تهم الشأن القضائي ومجال الحقوق والحريات.ثم هناك مطالب متعلقة بالاستقلال الفردي الذي يجب أن يوفره النظام الأساسي للقضاة بداية من شروط الانتماء إلى القضاء إلى غاية التقاعد، مرورا بالترقية المهنية والتحفيز المبني على العطاء لا على الولاءات وغيرها وتعزيز الحصانة ضد النقل والحق في الانتماء إلى الجمعيات المدنية والمهنية دون محاصرة بالقيود المهنية، وتمطيط بعض الواجبات لتكون شاملة لكل حركة تعبيرية يقوم بها القضاة. لمناسبة حديثك عن الحق في الانتماء للجمعيات، هناك مقتضى أدخلته فرق الأغلبية البرلمانية يمنع على القضاة الوجود في المكاتب التنفيذية للجمعيات المدنية ؟ نعم لاحظنا نحن كذلك باستغراب كبير هذا الأمر، إذ كيف يمكن للبرلمان أن يحد من حق منحة الدستور الذي نص في الفصل 111 منه على حق القضاة في تأسيس جمعيات مدنية، أو مهنية والانتماء إليها دون قيد أو شرط يتعلق بهذا الانتماء، أو التأسيس، كيف يمكن للقانون التنظيمي أن يمس حقا يتعلق بممارسة الحقوق والحريات التي لا يمكن أن تكون حتى موضوع مراجعة ولو بالاستفتاء حسب منطوف الفصل175 من الدستور، وعلى كل حال أذكر أنه سبق لبعض الجمعيات المدنية التي أسسها القضاة في احترام تام للمساطر والقوانين الجاري بها العمل أن نبهوا في بيان أصدروه لهذه المناسبة، ونتمنى من البرلمان أن يعيد النظر في هذه النقطة التي تعد خرقا دستوريا واضحا للعيان.ما موقع الإدارة القضائية من مطالبكم المتعلقة بالإصلاح ؟ طبعا الإدارة القضائية في شقها المتعلق برئاسة المحاكم بمختلف درجاتها وتخصصاتها لها أهمية كبرى في تصريف شؤون العدالة بحكم الدور المفصلي المنوط بها، لذلك فإن الإصلاح المنشود كان ينبغي أن يركز وبشكل كبير على إعادة النظر كليا في الإدارة القضائية المغربية بعد التركيز على المداخل الأساسية للاستقلال السلطة القضائية معطى أساسيا في إصلاح منظومة العدالة، ذلك أن هذه الإدارة وبدون مبالغة تعاني أعطابا كبرى قد تفشل كل خطة أو نية للإصلاح لأسباب متعددة منها انعدام الكفاءة والتواصل اللازمين للعملية الإدارية، ومنها عدم استيعاب خطاب الإصلاح وتنزيله على أرض الواقع مع التشبع بالثقافة الحقوقية، وهذه في نظري من أخطر المعوقات التي تعانيها الإدارة القضائية المغربية، إذ هي كفيلة لوحدها بإسقاط خطاب الإصلاح نفسه، مع استثناء فئة قليلة من المسؤولين الذين لا ينطبق عليهم هذا القول، لكنهم في النهاية لا يستطيعون فعل أي شيء بحكم اشتغالهم في مناخ غير ملائم وغير مشجع على الابتكار والعطاء. ولذلك دعا جلالة الملك محمد السادس في خطاب 20 غشت 2009 إلى عقد دورة خاصة للمجلس الأعلى للقضاء لاختيار المسؤولين القضائيين القادرين على تنزيل الإصلاح. فهل قام المجلس بعقد هذه الدورة الخاصة ؟ وهل قام فعلا بتعيين مسؤولين قادرين على تنزيل الإصلاح ؟بغض النظر عن قيام المجلس بعقد دورته الخاصة أم لا؟ لأن الهدف ليس هو الانعقاد في حد ذاته وإنما الهدف من وراء هذا الانعقاد فإنني أكاد أجزم وأزعم أن معي أغلب القضاة والفاعلين والمطلعين على أحوال العدالة المغربية بأن الأغلبية الساحقة من المسؤولين، الذين تم تعيينهم منذ الخطاب الملكي المشار إليه إلى آخر دورة للمجلس الأعلى للقضاء لم تستجب للمعيار الوارد في الخطاب الملكي المعبر عنه بالقدرة على تنزيل الإصلاح وهي عبارة مانعة جامعة تحوي جميع الشروط المتطلبة في المنصب القضائي في الوقت الراهن، فالمجلس إما أنه قام بعملية تغيير المواقع من محكمة لأخرى لمسؤولين خُلدوا في مناصبهم، أو أنه أسند المسؤولية لقضاة لا يستحقونها – مع حفظ الاستثناء دائما - مما سبب إحباطا في صفوف المجدين والمجتهدين. خرق تكافؤ الفرص انتقادنا للمجلس الأعلى للقضاء بشأن النتائج هو أولا موجه إلى المجلس مؤسسة بكافة أعضائها قصد الإسهام في تجويد عملها نحو الأفضل، كما أننا لا ننكر حصول بعض الإيجابيات في عمل هذا المجلس، لكن بالمقابل هناك الكثير من الملاحظات على النتائج الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء – بغض النظر عن النقاش حول قانونية استمرار هذا المجلس في ممارسة عمله لأن ولايته الانتخابية انتهت – ، وأولى الملاحظات بته في قضايا التأديب وحرمان القضاة من حقهم في الطعن وفقا للدستور الجديد، ثم هناك خرق يتعلق بتكافؤ الفرص في تعيين القضاة الجدد وعدم مراعاة إحدى الوضعيات العائلية عند التعيين (حالة زواج ) وكذالك الانتقالات كما أن هناك حالات تنقيل للعديد من القضاة كانوا معينين بالمحاكم الابتدائية ونقلوا دون رغبة منهم، أو استشارتهم إلى مراكز تابعة للمحاكم نفسها لكنها تبعد عنها بمئات الكيلومترات وهذا نعتبره يدخل في باب خرق الحصانة ضد النقل المنصوص عليها في الدستور، إذ من الممكن أن يتم استغلال هذا الأمر للتأثير على القضاة مستقبلا، الأمر نفسه ينطبق على استمرار الطريقة القديمة في إسناد المسؤوليات دون معايير علنية واضحة فضلا عن موضوع التكليف بدرجة أعلى وإسناد الصفة الشرفية القضائية وهي كلها مواضيع ستكون محل مراسلة لأعضاء المجلس ونائب الرئيس . في سطور- قاض بالمحكمة التجارية بالرباط - رئيس نادي قضاة المغرب - رئيس المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية- حاصل على الدكتوراه في العلوم القانونية من كلية الحقوق بالرباط - خريج مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط - استاذ زائر بكليات الحقوق بالرباط وسلا

المسؤولون القضائيون بعيدون عن خطاب 2009

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أعضاء نقابة المحامين بالبيضاء مهددون بالتنحي

20 سنة لمومس قتلت عشيقها

مقالات ذات صلة