لم تعد اللجنة الوزارية للتشغيل، التي أحدتثها الحكومة في يوليوز الماضي، مجرد لجنة وظيفية للتنسيق بين القطاعات الحكومية لتحقيق إستراتيجية (2015-2021)، بل تحولت إلى إطار قانوني يضبط مفاصله رئيس الحكومة نفسه ويصبح فيه وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية مجرد عضو فـــــــقط.وأحال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بعد عودته من معاركه الانتخابية الصاخبة، مشروع مرسوم على المجلس الحكومي من أجل المصادقة عليه، يجعل التوجهات العامة لسياسات التشغيل والتحكم فيها وتحديدها من اختصاص رئيس الحكومة، ثم تتبع تنفيذها، بعد ذلك، من قبل لجنة وزارية.وأبعد بنكيران وزارة التشغيل من احتكار مهام وضع الإستراتيجية الوطنية للتشغيل، كما كان في السابق، إذ أظهرت التجارب الحكومية السابقة، منذ حكومة التناوب التوافقي، فشل هذا الخيار الذي كان من نتائجه تفاقم أعداد البطالة وتزايد حالات فقدان الشغل في القطاع الخاص، وضعف التدابير المواكبة لعمليات التشغيل والمنتجة لمناصب الشغل، ووصول البرامج والمبادرات المقترحة لامتصاص جيوش حملة الشهادات الجامعية والمهنية وغير الحاملين لها إلى الباب المسدود.وعهد للجنة الوزارية للتشغيل، تحت إشراف مباشر لرئيس الحكومة، باقتراح أي مبادرة أو برنامج يهدف إلى إنعاش سوق الشغل والنهوض بالتشغيل، فيما أضحى دور وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية ثانويا، ويتعلق فقط بالتشاور والتنسيق، على غرار باقي القطاعات العمومية الحكومية الأخرى، بل إن الوزارة الوصية تأتي في الرتبة الأخيرة في لائحة الوزارات المشكلة للجنة الوزارية، وهي اللائحة التي تتقدمها وزارة الداخلية وتليها وزارات الشؤون الاجتماعية والاقتصاد والمالية والفلاحة والصيد البحري، وباقي القطاعات الأخرى التي يصل عددها إلى 13.وما فتئت الأرقام والنسب المعلن عنها، دوريا، من قبل المندوبية السامية للتخطيط تخيف الحكومة الحالية وتفرض عليها مراجعات وتدقيقات متتالية في برامج التشغيل المعتمدة من المؤسسات التابعة لوزارة التشغيل، ومنها أساسا الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك) التي اقترحت عددا من البرامج، منذ إنشائها في عهد الحكومة الأولى لعباس الفاسي، ولم تعط أكلها إلى اليوم.ويستقر معدل البطالة في 10 في المائة، حسب آخر إسقاطات مندوبية التخطيط، بعد أن تجاوز سقفه سابقا 12.5 في المائة، ما يجعل من عدد العاطلين في المغرب ينخفض قليلا عن مليون و150 ألف شخص.وأسند عبد الإله بنكيران، في مرسومه الجديد، لوزارة الصديقي دور الكتابة الدائمة للجنة الوزارية المحددة مهمتها في إعداد التقارير حول حصيلة الأنشطة والبرامج ذات الصلة بالتشغيل بتنسيق مع القطاعات والمؤسسات العمومية.ومن المقرر تكليف اللجنة الوزارية، التي سبق أن عهد برئاستها إلى عبد الله بها، وزير الدولة، قبل وفاته، بالمصادقة على التوجهات والأهداف الأساسية للإستراتيجية الوطنية للتشغيل، التي تهدف إلى خلق فرص الشغل وتثمين الرأسمال البشري وتطوير السياسات النشيطة للتشغيل والوساطة في سوق الشغل.وتتكلف اللجنة الوزارية، بوضع مخطط عمل للإستراتيجية الوطنية للتشغيل والعمل على تحقيق التوجهات والأهداف الأساسية لها وتعيين "نقاط ارتكاز" باقتراح من القطاعات الحكومية المعنية، لضمان الالتقائية مع مختلف الإستراتيجيات القطاعية، ثم تتبع منجزات الاتفاقيات الخاصة أو عقود البرامج المبرمة بين الشركاء المحليين.يوسف الساكت