“النت” يؤسس لعلاقات غير واقعية

محمد مرجان قال إن انهيار المؤسسات التقليدية دفع الأفراد إلى المجال الافتراضي قال محمد مرجان إن الأنترنت يقدم الأفراد من خلال الصورة الافتراضية و التي تحمل الكثير من الاستيهامات غير الواقعية. وأضاف أستاذ علم الاجتماع الحضري بكلية الآداب بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة أن النت يلعب دورا وظيفيا يتجلى في قلب المعادلة القائمة على الاختيار الموجه، إلى الاختيار الحر والمبني على القناعات الشخصية، والاستنتاجات الافتراضية حول صورة الآخر، وبالتالي فإن التواصل الافتراضي لا يؤدي، في الغالب، سوى إلى زواج افتراضي مبني على الصورة وليس على حرارة العلاقات الإنسانية. < ما هي الدلالات السوسيولوجية التي تحيل عليها ظاهرة الزواج عبر الانترنت، وإلى أي حد يمكن القول إنها تهدد مؤسسة الزواج التقليدية؟ < ليس ثمة شك في اكتساح التغير الاجتماعي لكل مظاهر حياتنا العامة و الخاصة، وبالتالي أصبح طبيعيا في ظل هذا التغير تحول العديد من السلوكات والعلاقات والتصورات التي ترتبط باختياراتنا في المجال الاجتماعي: كالصداقة والزواج والاحتفال وغيرها. ومن أبرز المظاهر الدالة على هذا التحول إدماج الوسائل التكنولوجية الحديثة لتحقيق التواصل بين الناس، بل الوصول من خلالها إلى الزواج خاصة عبر الأنترنت. فإذا كانت الضرورات الإنسانية تستدعي مثل هذا التواصل نظرا للانهيار الذي عرفته الفضاءات التقليدية والمجالات الجماعية (أي مكان الالتقاء و التعارف بين الأشخاص) وما تعرضت له من إهمال ونسيان أدى في النهاية إلى نفيها. فإن الأمر مع ذلك لا يمكنه أن يمثل بديلا حقيقيا عن التلاقي المادي للأشخاص. إن الأنترنت يقدم الأفراد من خلال الصورة الافتراضية و التي تحمل الكثير من الاستيهامات غير الواقعية حول الشخص، مادام هذا الأخير قادرا على التحكم في مآل هذه الصورة و في طبيعتها. وبالتالي الاعتماد على هذه الوسيلة للاقتناع بالخاصيات والسلوكات العميقة والحميمية للإنسان، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشروع حياتي يتطلب على الأقل في البداية اختبار و فحص دقيق للسلوكات المترسخة في طبيعة الأشخاص، وليس فقط تلك المؤسسة على المجاملات والرياء الاجتماعي. < لماذا يلجأ الناس لمثل هذه الوسيلة للحصول على النصف الآخر؟ < لقد أشار بعض السوسيولوجيين إلى ظاهرة «موت المكان الاجتماعي» والذي يعني غياب الفضاءات ذات الطابع الجماعي والتي تكون مناسبة لتحقيق اللقاءات بين مختلف الفئات الاجتماعية، و بالتالي فرصة لنسج العلاقات أو تمتينها في ما بينهم (ونقصد الفضاءات العامة التي تجمع في بعض المناسبات بين الرجال والنساء). وبما أن المكان بمعناه الفيزيقي لم يعد نسبيا ممكنا، وحتى في حال وجوده يكون عرضة للمراقبة والمنع والمصادرة، فقد أصبح الناس يهربون إلى أمكنة أخرى يعملون على خلقها وصناعتها في غيبة عن الضبط الصارم للمؤسسة بكل أشكالها. طبعا لا ينبغي إهمال عنصر الإحساس بالحرية والاستقلالية الذي يطبع في الغالب القرارات الاجتماعية (خاصة الزواج) لدى الأشخاص المتعاطين للأنترنت في هذا الموضوع. بما يعني أن هذا الأمر أصبح تعبيرا مباشرا عن ثورة هادئة ضد الأعراف العائلية و الأسرية والصفقات التي كانت تعقدها عبر تدخلها في اختيار القرين بالنسبة إلى المرأة على الخصوص. في هذا الوضع يتضح أن الأنترنت يلعب دورا وظيفيا يتجلى في قلب المعادلة القائمة على الاختيار الموجه، إلى الاختيار الحر و المبني على القناعات الشخصية، والاستنتاجات الافتراضية حول صورة الآخر(المرأة أو الرجل). لكن من الناحية الموضوعية يمكن القول إنه في غالب الحالات يؤدي التواصل الافتراضي إلى الزواج الافتراضي، بمعنى آخر يقوم الزواج أساسا على متانة و قوة الرباط الاجتماعي والذي يقاس عادة بدرجة وحجم التعاون والتضامن والمبادلة والثقة وبين الزوجين. وهذه أمور من الصعب التأكد منها اعتمادا على الوسائل الافتراضية، لأنها تنبني على المراس الطويل وعلى قدرة التحمل والصبر، وعلى شجاعة النقد الذاتي في حال الخطأ لدى الطرفين. هذا الرباط يتطلب التزاما حقيقيا بما فيه من مجهودات خاصة من أجل الحفاظ عليه. وبالتالي فهو يوجد بين شخصين يدركان كل العلاقات الاجتماعية لكليهما. < لكن الانترنت يمكن أن يكون بداية لعلاقة قد لا تكون مستمرة دائما؟ < ربما، لكن الأكيد هو قدرة هذه الأداة على وضع العديد من الاختيارات المتنوعة والمختلفة (من الرجال والنساء) أمام طالبيها. وعلى قدر ما يشوب هذا الزخم المعروض من دهشة واستحسان، على قدر ما ينعش الخيال الاجتماعي ويدفعه إلى تجميل الذات واستعراض مفاتنها إلى درجة الإغراء والانجذاب لتكون النهاية التلاقي المبني على الصورة وليس على "حرارة العلاقات الإنسانية" بكل ما لها وما عليها. أجرى الحوار: عزيز المجدوب

“النت” يؤسس لعلاقات غير واقعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زواج علـى سنـة الأنترنيـت

مكفوفون حاولوا إحراق أجسادهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات