الأحزاب مارست العبث السياسي

تقدم «بيجيدي» في عدد أصوات الناخبين، وتراجع في رئاسة الجهات والجماعات. ألن يؤثر ذلك مستقبلا على بنية التصويت واتجاهاته؟ الحصيلة كانت متوقعة لعدة عوامل أهمها طبيعة التحالفات السياسية التي كان من نتائجها تقليص حجم وجود حزب العدالة والتنمية على رأس الجهات، والكثير من التحالفات المتعلقة برئاسة الجهات كانت هجينة وغير مبنية على منطق سليم، ولا تعكس إرادة الناخبين.والسبب الثاني الذي أدى لاحتلال حزب العدالة والتنمية لهذه المرتبة فيما يتعلق برئاسة الجماعات هو عدم تمكنه من الفوز بعدد كبير من الأصوات في العالم القروي، ما جعل من الصعب ترؤس عدد مهم من الجماعات في البوادي.ولكن من جهة أخرى ينبغي تسجيل فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة الكثير من المدن الكبرى ومنها المدن ذات نظام المقاطعات كالدار البيضاء والرباط وسلا وفاس وطنجة ومراكش، والكثير من المدن الأخرى كأكادير والقنيطرة وتازة... والخلاصة التي يمكن استنتاجها من انتخاب رؤساء ومكاتب المجالس الجهوية والجماعية، هي أنه لم يحتكم في الكثير من الحالات لإرادة وتوجه الناخبين، فصوت الناخب في جهة وتشكيلة المكتب في جهة أخرى، وهذا ما يطرح السؤال حول أهمية ووقع الصوت الانتخابي، وحول ربط المسؤولية بالمحاسبة، مادام أن الناخب عاقب أحزابا وأشخاصا معينين ولم يمنحهم الثقة لكنهم تحملوا المسؤولية من جديد عن طريق التحالفات. وهذا ما يدفع إلى القول إن بعض التحالفات تمت ضدا على إرادة الناخبين. أبان الناخبون الكبار عن سلوك مختلف عن الناخبين الصغار خصوصا في ما يتعلق ببناء التحالفات وترتيبات ومناورات الساعات الأخيرة. من أين يستمد هذا السلوك «شرعيته»؟ سلوك بعض المنتخبين لحظة انتخاب رؤساء الجهات ورؤساء الجماعات، غير مفهوم، إذ أن منهم من صوت لفائدة حزب معين في الجهة و صوت على حزب آخر في الجماعة. ومنهم من انقسم إلى فريقين على الرغم من انتمائهم للحزب نفسه، إذ نجد مثلا بعض منتخبي حزب معين صوتوا لفائدة مرشح معين لرئاسة الجهة وبعضهم صوت لصالح المرشح المنافس لرئاسة الجهة نفسها. وهذا ما يمكن وصفه بالعبث السياسي.فالانتخابات هي لحظة تاريخية في حياة الشعوب والأمم، وهي أفضل طريقة لتفويض ممارسة السلطة وللمحاسبة. كما أن السياسة هي ذات معنى نبيل وهادف، ولكن مع كامل الأسف فالممارسة السياسية بالمغرب تكشف عن الكثير من التناقضات بين النظرية والواقع وبين الخطاب والممارسة. حالة الانفلات واللانضباط التي أبان عنها مسؤولون حزبيون محليون في علاقة بتنظيماتهم الحزبية وتوجيهاتها وقراراتها كيف يمكن تفسيرها؟ أكدت هذه الانتخابات على أن الكثير من المنتخبين لا يحترمون قرارات أحزابهم، ولا ينضبطون للتحالفات التي هم طرف فيها، والسبب الرئيسي في ذلك هو أن الكثير من المنتخبين لا تربطهم بالحزب سوى التزكية التي منحت لهم بهدف الترشح للانتخابات، ولهذا أيضا فالكثير منهم غالبا ما يسارع لتغيير الانتماء السياسي في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة... وهذا الأمر يطرح على الأحزاب مسؤولية كبيرة في ضرورة الالتزام بترشيح المناضلين الحزبيين واستقطاب أطر وكفاءات جديدة، وليس التهافت على الأعيان أو على المنتخبين المنتمين لأحزاب أخرى. كما أن الأحزاب السياسية مسؤولة على ضرورة النهوض بوظيفة التأطير والتكوين بالشكل الذي سيجعل من أعضائها والمنتخبين باسمها يدافعون عن برامجها والبدائل التي تتقدم بها وينضبطون لقراراتها. * كلية الحقوق - جامعة سيدي محمد بنعبد الله – فاسأجرى الحوار: يوسف الساكتأجرى الحوار: أحمد الأرقام*أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بفاس

الأحزاب مارست العبث السياسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاستقلال ينتقم من ناخبيه بدار بوعزة

"بيجيدي" يقاضي عضوا بتهمة خيانة الأمانة

مقالات ذات صلة