إغلاق مدارس يفجر أزمة اكتظاظ

تنقيل 300 تلميذ من مدرسة البحتري بالبيضاء دفعة واحدة إلى أخرى بعيدة عن حيهم بكيلومترين عند أبواب مدرسة ابن عميد بالسالمية بالدار البيضاء، تجمهر عشرات الآباء والأمهات، كلهم يطلبون توضيحا، غير ذاك الذي سمعوه على لسان مدير المدرسة في عدة لقاءات، جماعية ومنفردة، إلى درجة لم يعودوا يرغبون فيها بتلقي الإجابات المطمئنة نفسها، «بغينا نعرفو واش كاين شي حل». إنجاز: ضحى زين الدين تصوير (أحمد جرفي) المشكلة لا تتعلق فقط ب»الاكتظاظ»، كما يسميه الآباء، و»الحالة المؤقتة» كما يصفها مدير المؤسسة، وهي حالة نتج عنها، حسب شهادات أسر التلاميذ، تكديس أزيد من خمسين تلميذا في قسم واحد، وجلوس آخرين على الحصائر البلاستيكية لأقسام التعليم الأولي، بل أيضا مشكل اضطرار أزيد من 300 تلميذ، قطعوا أزيد من كيلومترين، بعد تنقيلهم، بداية هذا الموسم الدراسي من مدرستهم الأم في حيهم السكني النصر 2، بالسالمية، إلى مدرسة ابن عميد، ما يضطر هؤلاء الآباء والأمهات إلى قطع هذه المسافة يوميا مشيا أربع مرات، ومنهم من يرابض بجانب المؤسسة في انتظار خروج التلاميذ، خاصة المتمدرسين منهم في السنة أولى ابتدائي، بعد أن تاهت التلميذة حفصة السمراوي، في السادسة من العمر، عن طريق العودة إلى المنزل، وقضت أسرتها 14 ساعة في البحث عنها، ما أثار هلع باقي الأسر.«في الجدول الزمني سجل أن ابنتي لن تغادر القسم إلا في الساعة الثانية عشرة زوالا، لذلك أوصلتها زوجتي وعادت إلى البيت، غير أن الأستاذ طلب من التلاميذ العودة إلى بيوتهم في الساعة العاشرة صباحا، بسبب عدم وجود طاولات كافية، فاضطر إلى تسريح نصف التلاميذ والاحتفاظ بالنصف الآخر»، يقول والد التلميذة، مضيفا أن ابنته لم تتعود مغادرة البيت وحدها، «عند خروج ابنتي مبكرا من المدرسة، حاولت العودة إلى البيت وحدها، خاصة أنه لم يكن معها أي تلميذ من الحي نفسه، لذلك هامت في الأزقة والشوارع، دون أن تهتدي إلى البيت». وحسب رواية الأب فإنه قضى حوالي 14 ساعة في البحث عنها، قبل أن يتم العثور عليها مع امرأة حاولت مساعدتها بالبحث عن أسرتها، «اليوم أمكنني مغادرة العمل لإيصالها إلى المدرسة، والبقاء أمامها إلى حين مغادرتها، لكن هل سأتمكن من ذلك يوميا؟ وهل ستترك زوجتي واجباتها في المنزل لتشغل مهمة حارس لابنتنا أم نحرمها من الدراسة؟ لسنا في البادية، بل في قلب الدار البيضاء»، لذلك، يضيف الأب والزبد يتطاير من فمه غضبا، «كان عليهم قبل التفكير في إغلاق المدرسة أن يجدوا حلا مناسبا حتى لا يقحمونا في مشاكل نحن في غنى عنها». مشكل بعد المسافة، لا يمكن حله بالنسبة إلى الأسر إلا بتخصيص حافلات نقل مدرسي للتلاميذ المبعدين عن مدرستهم الأصلية، أو تسريع وتيرة أشغال إعادة تأهيل المدرسة التي لم تنطلق بعد، «إذا كان الأمر مؤقتا ولن يستغرق إلا بضعة أشهر، فعليهم مساعدتنا بنقل مدرسي، أما إذا كان الوضع سيتواصل، فإن أغلب الآباء سيحرمون أبناءهم من الدراسة، خاصة أن الطريق إلى الحي محفوفة بالمخاطر ليس على الأطفال فحسب، بل على الأمهات أيضا». الاكتظاظ الذي اشتكى منه الآباء والتلاميذ، ليس حقيقة على الوثائق الرسمية لمدير المؤسسة التعليمية، التي تشير إلى أن عدد التلاميذ في كل قسم لا يتجاوز 36 تلميذا إلا في حالة القسم الرابع ابتدائي التي يصل فيها العدد إلى 43 تلميذا، حسب مدير المؤسسة والوثائق الرسمية التي يتحدث عبرها. «لا يمكننا الحديث عن اكتظاظ في الأسبوع الأول، بل يجب انتظار مرور عشرة أيام على الأقل للتحدث عن الوضعية الحقيقية، وهي التي تعكسها الوثائق، إذ في البداية ينتصب أمامنا مشكل إعادة الانتشار، وعندما تحصي كل مؤسسة أساتذتها، بمن فيهم الفائض والوافدون من الحركة الانتقالية، تبدأ ترتيبات التحاق كل أستاذ بقسمه». ولأن بعض الأساتذة لم يلتحقوا بعد بالمؤسسة، حسب المدير، ف»إننا اضطررنا إلى توزيع تلاميذهم على باقي الأفواج، ما يخلق حالة اكتظاظ، غير أنها ليست دائمة بل مؤقتة، واليوم مثلا التحقت بنا أستاذة، لذلك فإن تلاميذها جمعوا في القسم المخصص لهم». خط التواصل بين الآباء ومدير المؤسسة مقطوع، نتيجة رفض الأهالي تنقيل أبنائهم إلى مدرسة بعيدة دون تخصيص نقل لهم، فيما يعجز المدير عن شرح أسباب الاكتظاظ «المؤقت» حسبه، «حاولت أن أشرح لهم لكن ما يطلبونه ليس بيدي، وهو العودة إلى مدرستهم المغلقة، أما جلوس الأطفال على حصائر فهذه كذبة» يقول المدير، فيما تشرح مصادر أخرى من المدرسة، أن «الأمر لا يتعلق بحصائر، بل بعد قرار تنقيل 300 دفعة واحدة إلى المؤسسة، تم تحويل قسمين مخصصين للتعليم الأولى إلى الابتدائي، وفي انتظار نقل الطاولات من المدرسة القديمة، اضطر الأطفال إلى الجلوس على زرابي كانت مخصصة للعب أطفال التعليم الأولي، غير أن المشكل حل بسرعة، بعد أن نقلت الطاولات، وأعد القسمان بشكل جيد». حي زائد ...مدرسة ناقصةحصول كل تلميذ من مدرسة البحتري المغلقة في مدرسة ابن عميد على مقعده الدراسي، يعتبره سكان حي السالمية الجديد حظا موفقا، لأن الأسر، التي تسلمت الصيف الماضي مفاتيح شققها، كانت تعول على مدرسة البحتري، وإذا بها تفاجأ بإغلاقها بداية الموسم الدراسي بمبرر إعادة تهيئتها، «لجأنا إلى مدرسة ابن عميد فرفضوا تسجيل أبنائنا، وفي مدرسة محمد الفاسي قيل لنا إن عدد الحجرات بها لا يتجاوز 24 حجرة بالكاد توفر مقاعد لأبنائها، وإلى اليوم مازلنا ننتظر حلا». بعض أسر حي «ديور السالمية» الجديد، فطنوا إلى أن النيابة لن تتمكن من حل مشكلتهم، لذلك هرعوا إلى المدارس الخصوصية لتسجيل أبنائهم، في انتظار أن ينتبه وزير التربية الوطنية إلى مشكل الخصاص في المدارس، وليس فقط في الموارد البشرية.

إغلاق مدارس يفجر أزمة اكتظاظ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جامعة القنص تتبرأ من شفيق

10 لاعبين جدد بأولمبيك اليوسفية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات