تسود حالة من الاحتقان وسط الأساتذة الذين بلغوا سن التقاعد، أو الذين أوشكوا على ذلك، بعد توصلهم بمراسلات تذكرهم بمضامين مرسوم قانون رقم 2.14.596، وإجبارهم على الاستمرار في مزاولة مهامهم، والالتحاق بقاعات الدرس إلى غاية غشت 2016، في محاولة لسد الخصاص الذي يعيشه القطاع. وأثارت خطوة الوزارة الكثير من الاحتجاجات، إذ اعتبر الأساتذة المعنيون بالموضوع، أن الحكومة تصر على جرهم إلى العمل حتى النفس الأخير، وذلك بتكليفهم بتدريس التلاميذ، بعد بلوغهم سن التقاعد، مؤكدين أن الأمر من بين الإجراءات "الظالمة" التي تهدف من خلالها الحكومة إلى تحقير الشغيلة التعليمية.وكشفت فاطنة أفيد، أستاذة بالتعليم الابتدائي، معاناة الأساتذة الذين أجبروا على الالتحاق بأقسام الدراسة، رغم أنهم بلغوا سنة التقاعد، مشيرة إلى أن العديد منهم في حالة صحية متدهورة، ولا يقوون على الاستمرار في أداء مهامهم على أكمل وجه، سيما داخل أقسام مكتظة، يتجاوز عدد التلاميذ فيها 45 تلميذا.وأوضحت أفيد في اتصال هاتفي أجرته معه "الصباح"، أن الخطير في الموضوع، أن الأمر إجباري، وكيفما كانت وضعية الأستاذ الصحية فهو مجبر على ذلك، متسائلة "كيف يمكن لشخص، بلغ السن القانوني للتقاعد، أن يستمر في العمل، وفي ظروف عمل مزرية وصعبة؟"، مشيرة إلى أن الأمر يعد تدبيرا عشوائيا لأزمة الخصاص في غياب مناصب مالية لتوظيف عدد أكبر.وتحدثت أفيد عن بعض الإجراءات التي يمكن أن تساعد في حل المشكل، مشددة على ضرورة الزيادة في عدد المناصب، وتوفير الفرص للشباب "من الصعب أن يستفيد التلاميذ من الأستاذ المتقاعد المجبر على تدريسهم، وبالتالي فإنهم أيضا ضحايا قرارات غير مسؤولة وظالمة، إذ سينعكس الأمر على تحصيلهم العلمي"، على حد تعبيرها. وفي سياق متصل، جاء في المراسلة التي وجهتها الوزارة إلى جميع الأكاديميات والنيابات الإقليمية، أنه بعد ملاحظ أن بعض موظفي الوزارة يترددون على مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر للاستفهام حول وضعية الاحتفاظ بهم بعد سن التقاعد من المعاش، خاصة المقبلين على التقاعد خلال الفترة بين فاتح شتنبر الماضي، 30 غشت المقبل، "نذكرهم بأنه تطبيقا لمقتضيات المرسم سيتم الاحتفاظ بجميع الموظفين مع الاستمرار في مزاولة مهامهم إلى غاية 31 غشت المقبل، بما في ذلك المكلفين بمهام الإدارة التربوية".وأوضحت المراسلة التي تتوفر "الصباح" على نسخة منها، أن الإجراء يشمل الموظفين الخاضعين للمرسوم 2.02.854، بمثابة النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية.إلى ذلك، كان مرسوم قانون 2.14.596 بشأن الاحتفاظ في العمل مع الاستمرار في مزاولة المهام إلى غاية متم السنة الدراسية أو الجامعية، رغم بلوغ حد سن الإحالة إلى التقاعد،قد صدر في الجريدة الرسمية، السنة الماضية. ويهدف المرسوم إلى ضمان استمرارية خدمات المرافق التعليمية والجامعية بشكل منتظم إلى غاية متم السنة الدراسية والجامعية، وتفادي أي تعثر أو اضطراب خلال الموسم الدراسي والجامعي. كما يتوخى الاحتفاظ بموظفي وزارة التربية الوطنية والأساتذة الباحثين في الاستمرار في مزاولة مهامهم إلى متم السنة الدراسية والجامعية، ولا يمس إطلاقا السن القانوني للإحالة إلى التقاعد.وقد تم اتخاذ المرسوم من أجل معالجة إشكالية الخصاص المترتب عن المغادرة الأساتذة عند بلوغ حد السن خلال السنة الدراسية والجامعية، وذلك بإرساء قواعد تشريعية واضحة وقارة، بعد أن كان يتم اللجوء إلى بعض الإجراءات الاستثنائية من بينها التعاقد والتوظيف المباشر، والتي لم تعد ممكنة في ظل القوانين الجاري بها العمل.إيمان رضيف