محلات شبه صيدلية تتزود بمنتوجاتها وصداها تجاوز السوق الداخلية عرف القطاع التعاوني تطورا ملحوظا، خلال السنوات الأخيرة، إثر النتائج الإيجابية التي حققتها بعض التعاونيات في مجال الفلاحة العضوية وإنتاج المواد الطبيعية التي تجاوز صداها السوق الداخلية بالنظر إلى جودتها وأسعارها المناسبة... يعتبر المغرب البلد الأول من ضمن البلدان الإفريقية التي اعتمدت الزراعة العضوية، لكن ظل هذا النشاط محدودا ولم يعرف انتعاشا حقيقيا سوى في السنوات الأخيرة، بعد أن عرف الطلب الخارجي على هذه المنتوجات ارتفاعا متواصلا، فكان من الضروري العمل على إعداد إستراتيجية وطنية في هذا المجال. إنجاز: عبد الواحد كنفاوي كانت إستراتيجية المغرب الأخضر نقطة الانطلاق الحقيقية للزراعة البيولوجية، من خلال الفلاحة التضامنية، التي تشكل فيها المنتوجات العضوية حجر الزاوية، بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها في هذا المجال. استراتيجية المغرب الأخضر ركزت مجموعة من التعاونيات على إنتاج المواد التي يكثر عليها الطلب، خاصة بعد أن أصبح مغرب تسويق (مكتب التصدير والتسويق سابقا) يركز اهتمامه على الاقتصاد التضامني، إذ يعتبر المحرك الأساسي للقطاع التعاوني بالمغرب، من خلال مبادراته وخدماته المقدمة لفائدة هذه الوحدات الإنتاجية، إذ يتكلف بتأطير التعاونيات وتسويق منتوجاته. وساهم المكتب بشكل فعال في تشجيع العمل التعاوني، إذ بالإضافة إلى التعاونيات التي وقعت معه اتفاقيات شراكة وتستفيد من خدماته، هناك عدد من التعاونيات التي أنشئت اقتداء بتجارب ناجحة.ومن بين هذه التعاونيات، التعاونية النسوية أركان دوتوريرت، التي تأسست في نهاية السنة الماضية، رغم أن نشاطها انطلق منذ 2009، من خلال إنتاج عدد من المواد المشتقة من أركان، قبل أن تقرر جماعة من نساء تأسيس إطار تعاوني لتثمين مجهوداتهن. وتشغل التعاونية، حاليا، 40 من النساء بشكل دائم، ويرتفع العدد حسب حجم النشاط والطلب على المنتوجات. وكانت التعاونية تركز في البداية على المنتوجات المستخرجة من الأركان، إذ بدأت نساء التعاونيات في عصر حبوب الأركان واستخراج الزيت منها، قبل أن يستخرجن منها عددا من المنتوجات الأخرى مثل الصابون والكريمات وعدد من المنتوجات الأخرى المرتبطة بالتجميل وتحسين البشرة. وتوسع نشاط التعاونية ليشمل حبوب أكناري، المستخرجة من فاكهة البار (الكارموس الهندي)، إذ يتم عصرها واستخراج الزيوت منها، وإنتاج عدد من مواد التجميل مثل الكريمات والصابون الخاص بترطيب البشرة. وتنوعت منتوجاتها وأصبحت أكثر تنظيما، كما عملت التعاونية على ابتكار أساليب جديدة لتعليب منتوجاتها، وذلك بهدف إعطائها رونقا جديدا يثير إعجاب الزبناء.وأفاد علي بن مبارك عمر ، رئيس التعاونية النسوية أركان دوتوريرت، في تصريح لـ"الصباح" أن التعاونية تعمل على أن تكون أسعار منتوجاتها في متناول الجميع، خاصة أنها ما تزال في بدايتها ولا تتمكن من تسويق منتوجاتها خارج المنطقة التي توجد بها، إذ تسوق أغلب إنتاجها في المناطق المجاورة، وتستعين بقدراتها الذاتية على توزيع منتوجاتها، لكن يضيف عمر، فإن وضعية النساء اللائي يشتغلن في إطار التعاونية تحسنت بشكل ملحوظ. وتحدوهن الرغبة في النجاح، ما يمنحهن إصرارا أكثر على تطوير طريقة اشتغالهن. أسعار في المتناول ترتكز الإستراتيجية التسويقية للتعاونية على تقديم منتوجات ذات جودة عالية بأسعار في المتناول، وذلك لضمان قاعدة أوسع من الزبناء، خاصة أن منتوجاتها تروج على مستوى محدود، داخل المناطق المجاورة للتعاونية. ولا تتعدى أسعار بعض المنتوجات 10 دراهم، إذ أن بعض الكريمات المنتجة من مشتقات أركان لا يتعدى سعرها 10 دراهم، كما تسوق التعاونية حليب حبوب أكناري بسعر لا يتجاوز 20 درهما، ولا يتعدى سعر الصابون المستخرج من النبتة نفسه 15 درهما. وتعتمد التعاونيات على عدد من المعارض التي تنظم بهدف الترويج لمنتوجات التعاونيات. لكن تتلقى بعض الطلبيات عبر الأنترنيت من قبل بعض الزبناء الذين يكتشفون منتوجات التعاونية عبر موقعها الإلكتروني. غير أن ذلك يظل محدودا، بالنظر إلى غياب وسائل الترويج الضرورية للتعريف بمنتوجاتها على نطاق واسع. ورغم ذلك، فإن التعاونية استطاعت أن تثبت وجودها، إذ تجد منتوجاتها إقبالا متزايدا من قبل الزبناء.ولا يقتصر نشاط التعاونية على إنتاج مواد التجميل، بل إن عملها بدأ بإنتاج زيت أركان، والعسل وأملو، والزعفران، قبل أن يتوسع نشاطها لتركز على تثمين النباتات المحلية، من خلال استخراج مواد التجميل منها، التي أصبحت تحظى بإقبال كبير ليس بالداخل، فقط، بل هناك طلب خارجي متزايد على هذه المنتوجات. لكن التعاونية النسوية أركان دوتوريرت، تعرف على غرار عدد من الجمعيات الأخرى، العديد من المشاكل، خاصة ما يتعلق بالتمويل والتأطير والتسويق، إذ أن هذه الجمعيات لا تتوفر على الضمانات الكافية من أجل الولوج إلى مصادر التمويل التقليدية المتمثلة في البنوك، ما يجعل هذه الإطارات الجمعوية تعتمد على الإمكانيات الفردية لأعضائها، التي تظل محدودة ودون المستوى المطلوب من أجل تطوير إنتاجية هذه الجمعيات وعصرنة قنوات تسويق منتوجاتها. البحث عن أسواق خارجية رغم وجود طلب متنام على هذه المنتوجات، إذ هناك عدد من المساحات التجارية الكبرى، بأوربا والبلدان الغنية، التي تخصص أروقة لعرض منتوجات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني المستوردة من البلدان الفقيرة والناشئة، كما أن هناك جمعيات من المجتمع المدني بهذه البلدان، تشجع المستهلكين على اقتناء هذا المنتوج في إطار التضامن الدولي بين الشمال والجنوب، لكن لا يوجد عرض يوازي حجم الطلب، بالنظر إلى أن طرق الإنتاج ما تزال تقليدية ولا يوجد أي إطار تعبوي لصغار المنتجين، علما أن السنوات الأخيرة شهدت إقبالا متناميا على هذه المنتوجات. لكن التحدي الذي تواجهه الجمعيات والتعاونيات بالمغرب يتجلى في الوصول إلى هذه الأسواق، ما دامت إمكانياتها ضعيفة، ولا تحظى بأي تأطير أو مساعدة للتمكن من إيصال منتوجاتها إلى الأسواق الخارجية. وفي هذا السياق، فإن تنمية وتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تتوقف على التوفر على إستراتيجية شاملة لتنمية القطاع. وأصبحت مؤسسة مغرب التسويق (مكتب التصدير والتسويق سابقا) الملجأ الوحيد لهذه الوحدات الإنتاجية، إذ يمثل شريكا أساسيا لعدد من التعاونيات، التي تربطها علاقة شراكة بالمؤسسة، التي تتكفل بتسويق منتوج هذه التعاونية ومواكبتها، من أجل ضمان جودة عالية للمنتوجات، ومساعدتها على رفع إنتاجها. "كوسميتيك ماروك بوان كوم"أطلق مغرب التسويق (مكتب التسويق والتصدير سابقا) أربعة فضاءات للتجارة الإلكترونية. وخصص فضاءين منها للتجارة الخارجية، إذ سيخصصان، حصريا، للصادرات والتسويق الخارجي لمنتوجات التعاونيات، أحدهما أطلق عليه اسم "أوطونتيك ماروك بوان كوم"، أي المغرب الأصيل، وستسوق، من خلاله، المنتوجات الغذائية، في حين سيتم تسويق مواد التجميل في الفضاء الثاني، الذي يحمل اسم "كوسميتيك ماروك بوان كوم". ووقع "مغرب التسويق" اتفاقيات شراكة مع أحد أكبر الموزعين على المستوى الدولي، وتم اعتماد جميع وسائل الأداء الدولي المحفظة والمحصنة من جميع أشكال التزوير. وخصص الموقعان الإلكترونيان الآخران للسوق الداخلي، ويتعلق الأمر بموقع "بلاد لخير بوان إم أ"، الذي يعرض مختلف المنتوجات والمواد المنتجة من قبل التعاونيات، أي أكثر من 1500 منتوج و70 سلسلة إنتاج، ويعتبر أول فضاء إلكتروني بالمغرب لتسويق المواد الغذائية، في حين سيتخصص الموقع الثاني الموجه للسوق الداخلي للعروض التحفيزية وسيعلن من خلاله، خلال فترات من السنة وبتنسيق مع التعاونيات المعنية، على تخفيضات، وأطلق عليه اسم "صوليديل". وتجدر الإشارة إلى أن الموقعين الموجهين للأسواق الخارجية متاح الولوج إليهما باللغات العربيـــــــــــة والفـــــــــــرنسية والإنجليـــــــــــــــــزية والإسبانية، في حين يستخدم الموقعان الخــــــــــاصــــــــــان بالسوق الداخلي اللغتين الفرنسية والعربية.